مقالات

وزيرة الهجرة تجمع أمولا وقطع أراضي من رجال أعمال وكنائس و”مصر الخير” في الغربية

– ولاء البري:

بعد ما يزيد عن أسبوعين من كارثة غرق مركب للهجرة غير الشرعية قبالة سواحل رشيد، بمحافظة البحيرة التي راح ضحيتها ما يزيد عن 204 من الشباب والنساء والأطفال الذين حاولوا الذهاب إلى إيطاليا للبحث عن فرص عمل، شهدت محافظة الغربية الأسبوع الماضي أول تحرك حكومي رسمي لمواجهة هذا الملف، عبر زيارة قامت بها وزير الهجرة نبيل مكرم إلى 3 قرى بالمحافظة، مصنفة على أنها الأكثر تصديرا للمهاجرين غير الشرعيين.

غير أن هذا التحرك خلا من وجود مخطط حكومي واضح لتنمية تلك القرى، حيث ركزت الزيارة التي رافق فيها الوزيرة الدكتور علي جمعة رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير، ومحافظ الغربية اللواء أحمد صقر، على جمع تبرعات من رجال أعمال، أبناء قرى “سنباط” ميت بدر حلاوة، كفر كلا الباب”، بالإضافة إلى تبرعات من كنيستين، توجه لبناء مشروعات صناعية تستوعب البطالة المنتشرة في تلك القرى.

وفيما أقرت الوزيرة خلال زيارتها بأن الحكومة مسئولة عن أزمات الهجرة غير الشرعية، بجانب مؤسسات المجتمع المدني، بدا أن الوسيلة التي تعتمد عليها الدولة لمواجهة تلك الأزمات ترتكز على التبرعات، وفور عودة وزيرة الهجرة من الزيارة، بدأت لجنة فنية معنية بالملف، عقد لقاء مع المسئولين في عدد من المؤسسات الخيرية ومن بينها مؤسسة “مصر الخير”، وذلك لبدء تنفيذ وبناء المصانع التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة، بالإضافة إلى إجراء اتصال مع محافظ الغربية لتحديد أولوية المشروعات الملائمة للبيئة بمحافظته، بالإضافة إلى إيجاد طرق للاستفادة من مراكز الشباب والمدارس لاستغلالها في تدريب وتأهيل الشباب، مع عدم ذكر أي تمويل حكومي رسمي من الموازنة العامة للدولة لهذا الغرض.

زيارة لقرى “الغربية”
ناقشت مكرم خلال الزيارة أسباب حث الأسر لأبنائهم على السفر في سن صغير عبر “مراكب الموت”، كما أنها استعرضت المخاطر التي يتعرض لها أطفالهم مقابل الكسب السريع الذي يسعون إليه وفقًا لرؤيتها، وقدمت عددا من الحلول، وأطلقت دعوات لرجال الأعمال تحثهم على مساندة الشباب الصغير ليحموا حياتهم.

وقالت الوزيرة أثناء جولتها إن الهجرة غير الشرعية مسئولية مجتمعية للحكومة والمجتمع المدني والمواطنين معًا.

وأكدت أنها جاءت لتنفيذ مبادرة تتضمن برنامج التدريب الفني لشباب القرى والمحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية، بالتعاون مع مؤسسة مصر الخير، وهو ما استجاب له الدكتور علي جمعة لاستيعاب الشباب، منعا لاستغلالهم من سماسرة الاتجار بالبشر، وإيهامهم بحياة وردية وهمية.

وقبل زيارة الوزيرة، اكتفى مجلس الوزراء، بعد ثلاثة أيام من كارثة مركب رشيد، بعقد اجتماع ناقش فيه مسودة قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقال بيان عن المجلس إن الحكومة انتهت من إعداد القانون، وستعرضه على مجلس النواب لإقراره، كما استعرض نشاط اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، التي تأسست قبل عامين ونصف، في عهد حكومة إبراهيم محلب، وغاب الحديث عنها منذ ذلك الحين.

دراسة “اللجنة الوطنية”
وعلى الرغم من أن تلك اللجنة انتهت قبل نحو شهر فقط من إعداد دراسة مفصلة عن أسباب لجوء الشباب للمخاطرة بحياتهم في عرض البحر طلبا للهجرة، تركز معظمها في غياب الخدمات والمرافق الأساسية بالمحافظات والقرى الأكثر تصديرا للهجرة، بالتزامن مع ارتفاع البطالة، لم تعدل الحكومة من خططها التنموية لهذا العام المالي، بحيث تضع في أولوياتها تنمية تلك المناطق، واكتفى مجلس الوزراء بتكليف وزيرة الهجرة بزيارة قرى محافظة الغربية.

تشير دراسة اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، إلى أن 31٪ من عينة الدراسة التي قامت بها تشجع على السفر، فى حين ينصح 30,7٪ باللجوء إلى السفر بطرق رسمية، ويرى ربع العينة أهمية التخطيط الجيد لتلافى الخطر، فى حين ينصح 17,2٪ بعدم السفر بأسلوب غير شرعي، وينصح 10,2٪ بالقبول بأي فرصة في مصر.

انتهت الدراسة التي شملت 1000 عينة من 18 قرية إلى غياب المرافق بتلك القرى باستثناء الكهرباء، وافتقارها للخدمات الصحية بحيث لا تتواجد سوى واحدة صحية صغيرة بكل قرية، كما أن شبكة الطرق ترابية ومتدهورة بشدة، مع ندرة وجود مدارس التعليم الثانوية، والافتقار لأنشطة الترفيه والرحلات بشكل عام، لتخلص إلى أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمهاجرين هي السبب الرئيسي التي اضطرتهم للمخاطرة بحياتهم في رحلات مجهولة طلبا لفرص عمل بالخارج.

وكانت المفوضية العليا لشئون اللاجئين قد أعلنت عن ارتفاع نسبة الهجرة غير الشرعية من مصر إلى إيطاليا بنسبة 9% خلال العام الراهن.

تجارب حية
أحمد زيدان من قرية ميت بدر حلاوة – سمنود، أحد الذين حضروا جلسة نقاش بين وزيرة الهجرة والأهالي بالقرية، خلال زيارتها، جاء على أمل أن يروي تجربته للوزيرة ومرافقيها، غير أنه لم تُتح له الفرصة.

الشاب الذي أكمل عامه السادس عشر هذا العام، قاده طموحه إلى السفر بالطرق غير الشرعيه 4 مرات متتالية، في عام واحد خاض التجربة من عدة موانئ “إسكندرية، رشيد، بلطيم، وبرج العرب” في كل مرة يتم تخزينهم ثم تهريبهم وكل محاولاته باءت بالفشل كما قال لـ”المال”.

يروي أحمد أنه واجه الموت في آخر محاولاته للهجرة إلى إيطاليا هذا العام، فقد غرقت المركب التي كانت تقل المجموعة التي سبقتهم، وهو ما جعل مافيا التهجير يطلقون الرصاص الحي عليهم لتفريقهم وتهريبهم من ميناء الإسكندرية قبل أن ينكشف أمرهم، ولم يستطع أحد من المجموعة أن يبلغ الأمن بما حدث فهم بذلك يبلغون عن أنفسهم.

يضيف الشاب: “وجدنا حياتنا هكذا، أبي عامل بسيط أحيل إلى المعاش من شركة غزل المحلة، ووالدتي ربة منزل، ولي أربعة أخوات بنات، حاولت السفر كي أساعد أبي على المعيشة، ولكني لم أخبر أفراد أسرتي بهذه المحاولات إلا بعد حدوثها، فأنا ابنهم الوحيد”.

وتابع ردا على أسباب محاولاته للهجرة: “الفقير في البلد دي عايش ميت”.

التبرعات التي جمعتها وزير الهجرة خلال زيارتها لقرى الغربية، شهدت ما يشبه المزاد، وأعلن رجال أعمال التبرع بقطع أراض بمناطق مختلفة من المحافظة للبدء في بناء مصانع من شأنها توفير فرص عمل حقيقية للشباب، ومنهم من تعهد بتوفير التمويل لدعم وتطوير معهد كبد قرية “سنباط” الذي يعد من أولى معاهد الكبد بمحافظة الغربية، وتبلغ مساحته 1200 متر مربع قابل للتوسعة، وحتى الآن لم يدخل إلى العمل لنقص التجهيزات.

بدوره أعلن الدكتور علي جمعة ممثلا لمؤسسة “مصر الخير” التبرع بـ 250 ألف جنيه لبناء مصنع لتشغيل الشباب، بعد أن كان حدد مبلغ التبرع بـ 100 ألف فقط.

وتبرعت كنيسة القديسة “رفقة” بسنباط وكنيسة السيدة “العذراء” بسمنود بمبلغ مالي كبير لم تعلن عنه، وذلك لبناء عدد من المصانع.

حلم الوصول لإيطاليا
مجدي عصر، مدير العلاقات العامة بمديريه شباب زفتي، سافر إلى إيطاليا مع البعثة المصرية المشاركة في كأس العالم عام 1990 وأقام بها 25 عاما بشكل غير شرعي، ويرى أن إيطاليا هي المقصد الأكثر شيوعا للمهاجرين غير الشرعيين، ويؤكد أن البلاد الأوروبية لم تعد مثل سابق، فهناك لا يوجد عمل أو إقامة، والشاب تحت 18 سنة ممنوع من العمل، ما يعرضهم للاستخدام في أعمال منافية للقانون مخدرات أو دعارة.

وأضاف عصر أن بعض المهاجرين معرضين للاستغلال في عمليات سرقة للأعضاء البشرية، فحسب قوله هناك بعض المراكب مجهزة بمستشفيات كامله يتم من خلالها سرقة أعضاء المهاجرين وإلقائهم بالبحر.

4655 قرية تعاني تدني الخدمات
وكان تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أكد أن أوضاع البنية التحتية والخدمات فى 4655 قرية هى عدد القرى فى أنحاء مصر “ريف مصر القديم” تعاني مر المعاناة من تدني الخدمات، وعدم توافر وسائل النقل الحكومية أو الطرق أو الصرف الصحى أو خدمات الغاز والاتصالات والتعليم الثانوى.

بينما يُظهر التقرير ذاته، تقدما على مستوى إيصال الكهرباء إلى القرى، بغض النظر عن استمرار بقاء التيار الكهربائي.

مقالات ذات صلة

إغلاق