شعر وشعراءمقالات

التجارة مع الله في زمن الماديات بقلم / مشاري محمد بن دليلة كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

في القرن الواحد والعشرين اتسعت الثورة التقنية والصناعية والمعرفية على مستوى العالم وأصبحت الدول تتنافس في صناعة المنتجات الحديثة التي تلامس الاحتياجات البشرية وتذلل صعوبات الحياة، ففي صناعة السيارات ترى الاحتدام في المزايا التنافسية على الرفاهية وفي كل منتج يختلف عن غيره وفي سوق الهواتف الذكية المزايا التنافسية تختلف من شركة إلى أخرى ويحتار الفرد ماذا يختار، وفي منتجات الملابس والساعات وغيرها من الأصناف ذات الاحتياج تختلف الألوان والأشكال والجودة ، ومن هنا تغيرت الطبائع البشرية بين الحاجات الأساسية والكماليات واختلفت الموازين، فأصبح تقدم الكماليات على الحاجات الأساسية وأغرقنا في شرائها حتى أصبح التنافس في الكماليات باهضة الثمن ليست للجمال والاستمتاع إنما تشترى لكي يستمتع غيرنا برؤيتها ، وزاد التنافس في شراء الماركات العالمية ولسان حال المشتري هي القيمة التي يراها الناس، بل إن بعض الناس أصبح يذهب جل راتبه في شرائها، عندما نتأملها هل تكلفة الصناعة تتناسب مع قيمتها تجدها أقل من ذلك ولكن الناس تشتريها لأجل اسمها السوقي ، لاتعارض مع ذلك ولكن المشكلة عندما تطغى تلك المشتريات الكمالية على الحاجات الأساسية أو المعرفية وأيضا عندما نغرق في الديون لأجل المباهاة بشرائها، فالتوازن في الحياة أمر مهم فكما يعمل الإنسان لدنياه فليعمل لآخرته، وكما يتاجر في دنياه فليتاجر أيضا مع الله وهي تجارة لن تبور فعندما تشترى أنت تلك البضائع الباهظة الثمن و تعيش السعادة هل فكرت أن تقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه لك أضعافاً كثيرة ، التجارة مع الله هي التجارة الرابحة عندما تنفق الأموال في سبيل الله لقضاء حوائج المساكين والضعفاء وبناء بيوت الله وكفالة الأيتام وغيرها من الأعمال الصالحات التي لا تعد ولاتحصى، هنا ستعيش الحياة الحقيقية والمصالحة مع النفس ، حبانا الله بالثروات والاقتصاد المزدهر والحكيم الذي ينعم بالدنيا وزينتها ولكن عينه لاتزوغ عن الحياة الأخروية الأبدية فيقدم بين يدي الله صدقة وتربى له كالفلوة ويجدها في صحفه عندما توضع الموازين ، هل ماننفقه في سبيل الله يوازي حجم ماننفقه في شراء الكماليات ؟ نحن اليوم في زمن الماديات الكل يتباهى بما يمتلكه من مال ومركب ولباس والتنافس بينها شديد ولكن التنافس الحقيقي هو فيما تنفقه في سبيل الله وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. احذر أن تطغى عليك الدنيا فهي زائلة رحل عنها التاجر والفقير لن يذهب معك إلا ماقدمته من عمل صالح فهو الباقي ولاتلتفت إلى مايفعله غيرك فكل نفس بما كسبت رهينة .
قال الإمام الشافعي:
الناس بالناس مادام الحياء بهم
والسعد لاشك تارات وهبات
وأفضل الناس مابين الورى رجل
تقضى علي يده للناس حاجات
لاتمنعن يد المعروف عن أحد
مادمت مقتدراً فالسعد تارات
واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
وأفضل الناس مابين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق