مقالات

الخيارات الفلسطينية امام الاستراتيجيات الاسرائيلية!.

سهيل دياب- الناصرة د. العلوم السياسية

إسرائيل، بقيادة نتنياهو وائتلافه اليميني، توصلت إلى استنتاجات جديدة بعد الحرب على غزة تتعلق بمسار تعاملها مع القضية الفلسطينية. والاستنتاج الأبرز هو انتقال إسرائيل من مرحلة “إدارة الصراع” إلى مرحلة “حسم الصراع” بهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.

فهناك أربع خطوات استراتيجية تعتمدها إسرائيل في هذا السياق، أهمها:
1. محو الحدود بين مناطق “ا” و”ب” و”ج” في الضفة الغربية، وبسط النفوذ العسكري الإسرائيلي على جميع المناطق.

2. التركيز على مناطق “ج” التي تضم غالبية المستوطنين وعدداً محدوداً من الفلسطينيين، ما يسهل فرض السيطرة الإسرائيلية عليها.

3. تسهيل الهجرة للفلسطينيين سواء من خلال دفعهم للانتقال بين مناطق الضفة أو تهجيرهم إلى خارجها إذا توفرت الفرصة.

4. مقايضة إدارة ترامب القادمة بضم أجزاء من الضفة الغربية، وخاصة مناطق “ج”، إلى إسرائيل مقابل اي حل في المنطقة.

5. الانتقال الكامل لاولوية مواجهة الديموغرافيا الفلسطينية كتهديد للأمن القومي الاسرائيلي.

أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب القضاء على أي كيان سياسي فلسطيني، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل عبر تصعيد سياساتها الأمنية والعسكرية في الضفة الغربية بعد انتهاء الحرب على غزة.
أن لقاءات نتنياهو الأخيرة مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب كشفت عن مراجعات جديدة من قبل ترامب حول المنطقة، فقد طلب ترامب من نتنياهو عدم التسرع في ضم الضفة الغربية لتجنب إحراج الولايات المتحدة، مشيراً إلى ضغوط دولية متزايدة، خاصة بعد الحرب على غزة، التي جعلت القضية الفلسطينية محور اهتمام عالمي.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، فأن الخيارات أمام السلطة الفلسطينية ضيقة ولكنها جدية إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح.

أن أول هذه الخيارات هو توسيع منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل كافة القوى، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، تحت برنامج سياسي موحد يركز على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، بما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
الخيار الثاني، هو تشكيل حكومة انتقالية موحدة تعكس وحدة الكلمة الفلسطينية، وتقدم نفسها للعالم كصوت موحد للقضية الفلسطينية.وفي حال تعذر تشكيل حكومة في الأراضي المحتلة، يمكن إنشاء “حكومة في المنفى” كخيار استراتيجي يضغط على الرأي العام العالمي، مستفيدين من الزخم الذي اكتسبته السردية الفلسطينية بعد الحرب الأخيرة على غزة.
اما الخيار الثالث، فيكمن في الانتقال إلى “الدبلوماسية الدولية المفتوحة والمرنة”، من خلال توسيع العلاقات مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية، وعدم الاقتصار على المسار الأمريكي. والتعامل مع التطراف الدولية والمحاور الاقليمية بمدى قربها او بعدها عن القضية الفلسطينية وحقوق شعب فلسطين الوطنية في الحرية والاستقلال.فهنالك ضرورة بتعزيز الحضور الفلسطيني أمام الاتحاد الأوروبي، الذي تظهر بوادر اختلافات في موقفه عن الولايات المتحدة، إضافة إلى روسيا والصين والدول العربية والإسلامية.
وفي السياق الإقليمي، على الفلسطينيين تعزيز التعاون مع دول عربية مؤثرة، وعلى رأسها السعودية، نظراً لمكانتها التاريخية والسياسية والدينية والاقتصادية. اذ تشكل المملكة السعودية مفتاحاً لأي مشروع إقليمي، خاصة في ظل تزايد اهتمام الحور التركي والقطري بخطوط الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، كما أن السعودية تضع شرطاً رئيسياً أمام الامريكي لأي تسوية إقليمية بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وفي ما يتعلق بالوضع الإقليمي بعد الأزمة السورية، وتراجع دور محور المقاومة بقيادة إيران وحزب الله، مقابل صعود المحور التركي – القطري واستفادة إسرائيل والولايات المتحدة من الوضع الجديد.

علينا الحذر من أن إسرائيل ستسعى خلال المرحلة المقبلة إلى تهدئة جبهتي لبنان وغزة للتركيز على الضفة الغربية وايران عبر سوريا. فإسرائيل تتخوف من “متلازمة الدومينو” التي قد تنتشر من سوريا إلى الأردن والضفة، ما سيدفعها لتصعيد إجراءاتها الأمنية في الضفة الغربية.
ويشدد دياب على أن نجاح الفلسطينيين في توحيد صفوفهم وتغليب الأجندة الوطنية على أي اعتبارات إقليمية او فصائلية أو أيديولوجية، سيعزز الموقف الفلسطيني ويمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها. فليس مطلوب من الفلسطيني ان يتبع اي من المحاور الاقليمية او يكوم جزءا منها، بل عليه ان يتعامل مع هذه المحاور بمدى قرب هذا المحور او ذاك من الحق الفلسطيني، وضمان المحافظة على استقلالية القرار الفلسطيني.

سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية
19.12.2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق