مكتبة الأدب العربي و العالمي

حارس_المقبرة – الجزء الثالث

وفي ليلة الغد سأتي إليك وأسمع منك جوابك النهائي مع السلامة

خرج الشاب من عند لطفي وتركه في دوامة من الحيرة وراح يفكر مع نفسه في كلام الذي قاله له ، فهل يعقل أن هناك أناس تفكر بمثل هذا الأمر وتستبيح حرمة الأموات من دون ضمير ولا أخلاق ولنفترض أني وافقت ماذا سيحصل لو اكتشف أحدهم أن جثة أقاربه غير موجودة في القبر
لا شك ان اصابع إتهام كلها ستتجه نحوي وربما سرقتها وأخذها من أجل ممارسة طقوس السحر والشعوذة ستكون فضيحة تنكس رأسك يالطفي ورأس اهلك معك وتكون عقوبتها وخيمة .
ولكن يا لطفي هذه فرصة قد جاءت إليك لاخراجك من مستنقع الفقر ثم إن الامر هو لخدمة العلم والبشرية كما قال ذلك الشاب أساسا من سيدري بأن جثة أقاربه غير موجودة في مكانها كل الأمر يتم بالخفاء ولا أحد سيدري بذلك
فلو بقيت يا لطفي تنتظر معاشك الذي تقبضه في آخر الشهر فأنك طوال عمرك لن تحقق شيء غيرك يسعى لتغيير وضعه بكل الطرق وأنت جالس هنا تحرس الأموات ؟…
هل يعقل أن الدنيا ستضحك لك في اخر عمرك وهل يعقل أن هذه الجثث التي احرسها تساوي كل هذه ثروة هذي يعني أن طوال الوقت كنت جالس احرس كنوز ثمينة وأعاني من قسوة الفقر من دون أن أدري قيمتها ؟
ولكن مهلا يالطفي هل ستخون الأمانة في اخر عمرك ألن تفكر بأن الأمر يمكن أن يحصل معك أنت ايضا فهل كنت سترضى ان يأتي أحدهم ويستخرج جثتك ويهربها إلى خارج بلاد
ويبيعها لتلك المنظمات أتعلم ماذا ينتظرك لو أحس أي شخص بأن جثة أقاربه غير موجودة ثم من يتضمن لك بأن الأمر سيبقى مكتوما إلى ما لانهاية اياك ان تورط نفسك يا لطفي فهذه لعبة قذرة لا مكان لك فيها
حل الصباح فنهض لطفي من مكانه وخرج من مقبرة متوجه إلى منزله وهو يفكر في ما حصل البارحة وما إن دخل المنزل حتى وجد زوجته تنتظره وهي عابسة فخاطبها قائلا
صباح الخير ياسعاد كيف حالك ؟
لم ترد عليه سعاد التحية وإنما أخرج أوراق من درج طاولة وقالت : تفضل هاهي فواتير الكهرباء والماء قد وصلت اليوم والمبلغ الذي فيها يساوي مقدار راتبك ويزيد فكيف تصرف مع هذه مشكلة
امسك لطفي فاتورة الماء والكهرباء وراح ينظر في سعر الذي كتب عليها فقد كان بمقدار راتبه كما قالت زوجته وقبل أن يعلق على الأمر بادرته زوجته سعاد قائلة : ونسيت أن اخبرك بأنه لم يبقى في منزل اي سلعة ولا تنسى ان اولادك بحاجة إلى أن أبناءك يحتاجون آلبسة جديدة فالملابس التي على جسدهم لم تتغير منذ ثلاث سنين .
فأجابها لطفي في غضب وهو قائلا : يافتاح يا عليم حتى مع الصباح لا يكف جرس تنبيهات عندك من رنين هل كان من ضروري أن أسمع هذا الكلام مع أول شروق شمس؟
فأجابته سعاد في سخرية: وماذا كنت تريد مني أن أقول لك وسط هذه الخيبة هل كنت تنتظر أن اغني لك اغاني ام كلثوم وانا احمل لك فاتورة كهرباء
ام كنت تريدني ان احضنك وانا اقول بأن اولادك يموتون من البرد وهم يلبسون ملابس مقطعة وقديمة ياعزيزي ألف مرة اخبرتك بأن هذه وضع لا يحتمل التأجيل وأنت من تصر على ان تغطي شروق الشمس بالغربال فتحمل عواقب رومنسيتك يا روميو
خرج لطفي وراح يبحث عن من يستدين منه مبلغ من المال وكل يذهب إليه يتحجج بألف حجة فلا أحد من أهل القرية وافق على مساعدته ، كل الأبواب اغلقت في وجهه ولا يملك اي شيء يستطيع أن يبيعه حتى يسدد به حاجته فرجع الى منزله وهو يتحسر على ماهو فيه
فتح باب المنزل فوجد زوجته لا تزال جالسة في مكانها تنتظره وما إن دخل حتى وجد نظراتها حزينة تمرقه في صمت فتقدم وجلس بالقرب منها وهو يفكر مشبك ذراعيه على صدره و سعاد تنظر إليه منتظره ما سيقول فبادرته بسؤالها قائلة : ماذا ستفعل الآن ؟
رفع لطفي وجهه نحوها وقال : لا عليك لقد وجدت الحل.
انتظر لطفي إلى أن حل ظلام فلبس معطفه الثقيل وأخذ كلبه معه واتجه نحو مقبرة وبقي واقف عند باب غرفة حراسه ينتظر ذلك الشاب
إلى أن وصل منتصف الليل رأى لطفي خيال لشخص قادم من بعيد بتجاهه فعرف بأنه نفس ذلك الشاب الذي جاءه ليلة البارحة وهاهو قادم على نفس ميعاد كما أخبره فإبتسم في فرح وراح يتهيأ لستقباله
وصل الشاب إلى مكان لطفي وتوقف بالقرب منه وسلم عليه قائلا : مساء الخير لطفي هل فكرت في عرضي
فأجابه لطفي في لهفة : أجل وأنا موافق على كل ما تقول
كانت موافقة لطفي بالنسبة لذلك الشاب فرحة كبرى وانتصار لما كان يخطط له ، فأدخل يديه في جيبه واخرح منه ظرف مغلق وقدمه إلى لطفي وقال : وانا عندي وعدي هاهي عشرين ألف درهم نقدا تفضل وقم بحسابها إذا أردت
أمسك لطفي الظرف الورقي من يد الشاب وفتحه فإذا به مبلغ مالي فوضعه في جيبه في سعادة أما الشاب فقد كان يتأمل وجه لطفي في خبث ثم خاطبه قائلا : احضر مصباحك اليدوي ريثما أحضر أدوات الحفر
توجه الشاب إلى مكان الذي كان يركن فيه سيارته خارج المقبرة وأحضر معه أدوات الحفر وتوجه مع لطفي إلى أحد القبور القديمة وبدأ يزيح عنه الرمال إلى ان وصل لخرسانة التي تغطي سطح القبر .
كان لطفي يضيء له المكان وهو ينظر في كل إتجاه ويرتجف من الخوف فلاحظ الشاب تردد وخوف لطفي فقال مشجعاً :
ما بك ترتجف هكذا يا رجل هل انت خائف دعك من تلك الخرفات والأساطير التي تسمعها من الناس فكل شيء طبيعي وسننفذ المهمة بنجاح ليكن قلبك قوي ولا تخشى اي شيء فالفقر هو الذي يخيف وليس نبش القبور
تشجع لطفي وقال وهو يمسح عرقه رغم برودة طقس:حاضر سأحول أن أكون كذلك .
عاد الشاب مرة ثانية لنبش القبر وأزال الخرسانة التي تغطي نعش الميت إلى أن وصل إلى جثة وما إن راى لطفي بقايا الكفن حتى بدات اقدامه ترتجف من الرعب وهو لا يريد أن يشاهد ذلك المنظر فصاح به الشاب وهو يقول : ساعدني في إخراج جثة وإياك أن تكسر أحد العظام وإلا سنضطر إلى نبش قبر اخر
وما أن سمع لطفي هذا الكلام حتى كاد قلبه يتوقف من الخوف ولم يتمكن من إقتراب من جثة الميت فلاحظ الشاب تردده مرة اخرى فقال غاضباً : هل عدنا إلى خوف مرة ثانية فكر في المال الذي ستحصل عليه كل ليلة واترك خوفك جانباً مد يدك وخلصني .
إقترب لطفي من جثة وأمسك طرف منها فإذا هي مجرد عظام تتناقر بداخل بقايا الكفن أخرج بصعوبة ووضعها مع الشاب في كيس اخر وبعدها دفنوا القبر واعادو كل شيء كما كان عليه.
حمل الشاب كيس الذي بداخله عظام الميت وقال : أريت أن الأمر بسيط ولا يحتاج إلى كل ذلك الخوف على كل حال موعدنا في منتصف ليلة الغد مثل العادة أنا سأذهب الآن وفي الصباح لا تنسى أن تأتي وتخفي ما تبقى من اثر الحفر حتى لا يشك أحد بأمرنا مع سلامة
ذهب الشاب وترك لطفي هناك في مقبرة فقد كانت ركبتيه لا تزال ترتجف وقلبه يخفق ولكنه تمالك نفسه وعاد إليه إطمئنان بعدما اخرج الظرف الذي أعطاه له ذلك الشاب
و راح يعد النقود فوجدها تساوي كما اتفق معه فراح يتسائل في نفسه ماذا يمكن أن تفعل تلك المنظمة بجثث البشر واي علم هذا الذي يعتمد على بقايا جثث عظام؟
كانت رائحة المال قد انسته كل التسائلات ولم يكترث ما دام هو يقبض المبلغ كهذا كل ليلة
في الصباح التالي خرج من محرسه وتوجه إلى القبر الذي نبشه من ذلك الشاب وراح يرتب التربة ويخفي اثار الحفر كما اوصاه حتى لا يثير شكوك ثم أخذ معه كلبه وتوجه عائد إلى القرية
وفي طريق ذهب مباشرة إلى مؤسسة الكهرباء والماء ودفع فواتير المستحقة عليه ثم دفع ديونه سابقة لأصحاب المحلات وبعدها توجه إلى دكان ملابس واشترى ملابس جديدة لأولاده واشترى حاجات منزل وعاد وهو يحمل قفة ثقيلة بها كل ما يحتاج
وما إن فتح باب المنزل حتى شاهدته زوجته يدخل عليها وهو مثقل بالاغراض التي جلبها معه فراحت تنظر إليه مستغربة ثم قالت :ماهذا؟ من أين أحضرت كل هذه الاشياء يا لطفي ؟
وضع لطفي اغراض على الأرض وقال وهو يخفي الأمر عن زوجته سعاد : لقد اقرضت مبلغ من المال وتصرفت وأحضرت لكم كل ما تحتاجون
لم يقنع هذا كلام سعاد فعادت تسأل : اقرضت مبلغ من المال ومن هذا الذي يقرضك كل هذا المبلغ من سكان القرية واغلب الناس هنا فقراء لا يكادون يملكون قوت يومهم .
إنزعج لطفي من إلحاح زوجته وقال : اوف المهم قد تصرفت واحضرت لكم كل شيء …. ليس من ضروري ان تفتح معي محضر وتحققي معي في كل شيء
دخل لطفي إلى غرفته واغلق على نفسه الباب ثم أدخل يديه في جيبه وراح يعد ما تبقى من المال ثم راح يبحث عن مكان يخفيه فيه بعيدا عن انظار زوجته الفضولية
فلم يجد أمامه إلا ملابس أبيه قديمة التي تركها له وبقيت من أثره فأخرجها وصنع منها صرة كبيرة واخفى المال بداخلها ثم ربطها جيدا وضع الصرة فوق دولاب الملابس حتى لا تتمكن سعاد من الوصول إليها بسبب قامتها القصيرة وبعدها تمدد على فراشه ونام .
في ليلة الثانية وبعدما تناول لطفي عشاءه خرح مسرعاً إلى عمله وحينما وصل هناك ظل ينتظر موعد قدوم ذلك الشاب في تلهف . إلى أن وصلت الساعة منتصف الليل فاذا به قادم من بعيد فنهض لطفي في سعادة لإستقباله
إقترب الشاب من لطفي وسلم عليه قائلا : مساء الخير أرى أن السعادة تغمرك أريت كيف ان المال هو دواء لكل معلول ها أنت قد عادت الحياة إلى وجهك مرة اخرى وصدق من قال ان دراهم مراهم .
ثم ادخل يديه في جيبه واخرج منه ظرف مالي وقال :هاهي حصتك اليوم احضر مصباحك ودعنا نبدأ في العمل
اتجه لطفي مع الشاب إلى إحدى القبور القديمة وبدأ يحفر معه دون ان ينتبه إلى من يكون صاحب القبر
وبعدما اخرجوا جثة ووضعوها في كيس بلاستيكي كبير وقع نظره بصدفة على لافتة القبر فاذا به يجد ان صاحب ذلك القبر هو والده

إنصدم لطفي لما شاهد أن هذا القبر يعود لأبوه وقد أعماه المال ولم يعد يدري من يكون صاحب القبر إلا بعد أن قرأ لافتة مكتوبة فوق نعشه فصرخ في الشاب وهو يقول :
توقف أرجع الجثة كما كانت وأياك ان تأخذها
إستغرب الشاب وقال : ماذا هناك ؟
سكت لطفي وهو يحاول أن يخفي دموعه التي كانت تخنق صوته والتي غطت مقلتيه بعدما إنصدم من ذلك المنظر وقال : يجب ان تعيد جثة إلى قبرها فورا هل تسمع
لكن الشاب اصر على معرفة السبب وقال : هل يمكن ان توضح لي ما الذي جرى لك ؟
فأجابه لطفي وهو يقول : اتعلم من يكون صاحب هذه الجثة إنه أبي
وضع الشاب الكيس على الارض وقال : اهذا كل ما في الأمر اسمع أقدر موقفك جيدا ولكن دعني اوضح لك شيء يجب ان تعرفه وبعدها قرر ما شأت
أريد أن اطرح عليك سؤال ماذا ورثت من أبيك وماذا ترك لك الم ترث منه إلا الفقر والتعاسة؟ ثم إن هذا الذي تفعله الأن معي أليس هو محاولة منك لانقاذ نفسك من عب الذي تركه لك أبيك ألا تفعل ذلك من أجل تحسين وضعك المادي خشية ان يكبر اولادك فيجدون مصيرهم مثل مصيرك يتخبطون في وسط الفقر والعوز؟
ثم أنك يجب ان تكون فخورا بنفسك لأنك تقدم جثة أبيك لمخابر العلم حتى يستفيد منها البشرية بدلا من أن تبقى جثته هنا يأكلها الدود والرطوبة وهل تعلم أني قد فعلت نفس الشيء مع جثت أبي وعمي واخوالي وقدمتهم لمخابر حتى يستفيد منهم البشر وها أنا سليم معافى أمامك ولم يحصل لي شيء
اتعلم لماذا لأنني لا أنجرف مثلك تحت مسمى العواطف والاحاسيس الكاذبة فنحن يا لطفي نعيش في الغابة فإن لم تكن فيها ذئبا أكلك الفقر والظلم قبل أن تأكلك الذئاب
هذا إن وجدت في جسمك نحيل هذا لحما تأكله فلو بقيت طوال عمرك على هذا الحال فإنه سينظر إليك على أنك شخص شحات يعيش على صدقة الأخرين
انظر لنفسك كيف أصبحت شخص محترم بعدما دخلت الى منزلك وانت محملا بالاغراض حتى إستقبال زوجتك لك ستغير بعدما أصبحت تدخل عليها وانت تحمل كل ما لذ وطاب فهل كانت ستستقبلك بهذا الاحترام والتقدير اذا كنت تدخل عليها كل صباح وانت تجر كلبك وتلبس معطفك المتعفن ذلك ؟
راح لطفي يصغي إلى ما يقول الشاب وهو لا يدري ما يقول او بما يرد عليه ثم أدخل الشاب يديه في جيبه وأخرج مبلغ عشرين ألف درهم اخرى وقال : بما أن جثة كانت لأبيك
سأكون كريما معك و سأضيف لك نفس المبلغ وهكذا يصبح نصيبك اليوم ضعفين … فقل لي هل كنت تحلم يوما أنت تمسك هذا المبلغ طوال حياتك هل تصورت أن يأتي يوم تدخل فيه المبلغ كهذا إلى جيبك وفي ليلة واحدة أجبني ماذا قررت ؟
أمسك لطفي مبلغ من المال ووضعه في جيبه وقال : مبارك عليك جثة أبي خذها رافقة السلامة
إبتسم الشاب بعدما نجح في اقناع لطفي وقال : هكذا أريدك يا لطفي قلب من الصخر لايتأثر بالمشاعر الزائفة
وبعد شهر من الآن سترى كيف ستفرض إحترامك على جميع بعدما تصبح من أغنياء القرية وربما سيناديك الناس بالحاج لطفي بدلاً من إسم لطفي حارس مقبرة .
حمل الشاب جثة والد لطفي وخرج بها متوحها إلى سيارته عند مدخل مقبرة وترك لطفي واقف هناك وهو لا يدري ما يقول كان قلبه يعتصر من أسى وحزن ولكنه قرر أن يصغي لوصية ذلك الشاب وأن يبقى جامدا لا يتأثر مهما حصل .
قضى ليلته هناك وهو جالس أمام محرسه إلى غاية شروق الشمس وفي صباح بعدما حمل اغرضه لاحظ أن كلبه قد جاء اليه وهو يحمل عظمة في فمه
اخذها منه بسرعة وراح يتفحصها فإذا به يتفأجى بأن هذه العظمة قد سقطت ليلة البارحة من هيكل أبيه فأحس بالأسى وراح يحدق بها وهو ممتعض القلب لكنه تذكر ما قرره ليلة البارحة فأدخل عظمة الى جيبه وتوجه إلى منزله .
وحين وصل إلى المنزل دخل مباشرة إلى غرفته واغلق الباب عن نفسه ومد يده الى صرة فوق دولاب وفتحها ووضع بداخلها مبلغ الذي حصده ثم اخرج عظمة هيكل ابيه وراح يتاملها في صمت ثم وضعها مع المال واغلق الصرة
في المساء وبعدما خرج من منزله توجه مباشرة إلى المقهى لجلوس هناك فلم يكن من قبل يحب أن يأتي إليه بسبب ظروفه مادية ام الآن فقد تحسن الوضع بعض الشيء
دخل إلى مقهى فلمح احدى اصدقائه جالس هناك لوحده فتقدم إليه وجلس إلى جانبه وقال : سلام عليكم أيوب كيف حالك ؟
رفع أيوب رأسه وقال في حزن :الحمد لله على كل حال
لاحظ لطفي ان صديقه ليس على ما يرام فأسأله قائلا :
ما بك احس بأنك مهموم وشيء ما يشغلك
فأجابه أيوب قائلا : انا افكر في مشكلة التي جاء بها أبني من الجامعة
فساله لطفي قائلا : وما به إبنك ؟
فرد عليه ايوب شارحا : انت تعلم ان أبني يدرس في كلية الطب في العاصمة وقد طلبوا منه ان يشتري جمجمة بشرية حقيقية من اجل ان يحضروها معهم الى جامعة لإجراء فحوص وامتحانات
إستغرب لطفي من هذا الطلب وقال : ولماذا يريدون منهم ان يشترو جمجمة بشرية حقيقية ؟
فرد عليه ايوب بقوله : وما أدراني بذلك ولكن المشكلة الاكبر هو ان سعر جمجمة واحدة يساوي عشرون الف درهم
إستغرب لطفي لما سمع هذا الرقم وراح يفكر في خديعة التي وقع فيها فقد كان مغفلا و يبيع جثة ميت كاملة لذلك الشاب بمبلغ عشرين ألف درهم فقط بينما جمجمة لوحدها يساوي نفس السعر فعاد يسأل أيوب قائلا : ولنفترض أن شخصا أراد أن يشتري جثة كاملة فكم تساوي؟
ضحك ايوب وقال : تلك هي الطامة الكبرى فالجثة كاملة تساوي ست أضعاف ثمن الجمجمة
بعد ان تناول لطفي عشاءه خرج الى مقبرة كما هي عادته وبقي جالس امام غرفة حراسة ينتظر قدوم ذلك الشاب فقد كانت صدمته كبيرة بعدما عرف السعر الحقيقي التي تباع فيه هياكل العظمية واحس بأنه قد خدع وتم تغافله من قبل ذلك الشاب
ماهي إلا ساعات حتى وصل منتصف الليل فاذا بذلك الشاب قادم من بعيد وهو يحمل كيسه في يديه لكنه لاحظ تغيير في إستقبال لطفي له و كانت نظرته توحي بأن هناك شيء ما قد حصل فسلم عليه قائلا: مساء الخير كيف حالك يا لطفي؟
رد لطفي تحية بوجه بارد وناشف : اهلا بك تعالى واجلس الى جانبي قليلا أريد ان اتحدث معك في امر مهم
كان توقع الشاب صحيح حينما لاحظ ملامح لطفي متغيرة لكنه تقدم في صمت وجلس إلى جانبه كما طلب منه حتى يفهم ماحصل وقال : خير إن شاء الله ماذا هناك ايضا ؟
إستدار نحوه لطفي وقال : من الأخر أنا عرفت سعر الحقيقي الذي كانت تباع فيه الجثث في الأسواق وطوال تلك فترة لم يكن نصيبي من هذه العملية إلا فتات فأنا عرفت ان ثمن الجثة كم يساوي وحتى نكمل عملنا معا لابد أن تتغير قواعد الاتفاق .
استغرب الشاب من كلام لطفي فلم يكن يعلم بأنه سياتي يوم ويعرف حقيقية فساله قأئلا: وماهي قواعد الجديدة الآن ؟
فرد عليه لطفي مباشرة : نصف بنصف ثمن الجثة وهذا اخر كلامي

ضحك الشاب وهو مندهشا من كلام لطفي وقال : لقد أصبحت رجلا خطيرا والمال قد افسد طباعك

يتبع الاخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق