مقالات
“لا تؤاخذيني” بقلم : رياض الصالح
ويسألني صديق لي يا عزيزتي عما يدور بخاطري هذه الأيام .. فلم يكن جوابي بصعوبة ولم أتلعثم في صياغة مكنونات صدري .. فليس أوضح عندي أمام نفسي من معرفتي بحجم المتناقضات المتصارعة في ذهني والتي توقفني مرغماً عن الكتابة .. فأنا غائب في حضوري وحاضر في غيابي .. تائه في طريقي وطارق لمتاهاتي .. أواجه نفسي بنفسي وأنفّس عن نفسي بمواجهاتي ..
في حالتي هذه بالعادة لا أكلّف غيري بتحمّل كمّ الأفكار التي تؤصّل لعلاقة المنطق العقلاني المشتعل في رأسي مع جحافل العواطف المكتنزة في صدري .. ثم حالة اللامبالاة التي تلحق هذا الصراع الدائر والتي تقودني إلى المجهول الذي لم يعد يعنيني بشيء، فلست من القلقين على مستقبل أعمل عليه إن تحقق أم لا .. ولست كذلك من القابعين في ماض ولّى ومضى في سبيله مع امتلاكي لذاكرة حديدية ونفسيّة لا تخشَ مواجهة الذكريات ..
دولتي عميقة جداً يا عزيزتي .. وحاضنتي الروحية لا تتخلى عني حتى وإن ابتعدت عنها لما وراء كل الخطوط الحمر .. فهي تعلم مدى انتمائي ووفائي مهما تلقفتني أيادٍ أو بلاد .. لذلك قد تريني بطيئاً وأمشي الهوينى في تحركاتي لكنك تعلمين أن نملة تأكل السكر خير من جملٍ يأكل الشوك ..
كنا لبعضنا يا عزيزتي .. فإذا لكل منا بعض مختلف عن بعض الآخر .. فقد كان بعضي لغيري .. وكان بعضك لنفسك فقط .. وشتان بين البعدين والبعضَيْن .. كنت تعلمين اعتباري للنجاح إذا جررت النجاح لغيري .. فلست من الباحثين عن نجاح زائف ولا صورة فارغة .. لكنك كنت تسعين لعلاقات كثيرة تحمل لك نجاحات من كل الجهات حتى تنسيبها لنفسك .. وليس من هنا تؤكل الكتف يا عزيزتي .. وما أضرنا نحن العرب إلا ادعاء النجاحات الزائفة واحتفالات النصر بعد كل هزيمة .. مساكين نحن .. ومسكينة أنت يا عزيزتي ..
أعلم أني أخوض بك الآن في متاهات غاياتي .. وتشابك غاباتي .. لكنك لا بد لك إن كنت تقرئين أن تعلمي أن ما يدور حولي كبير جداً .. وما أتابعه من أمور هو أعظم من العالم الصغير الذي تجمعين به فراشاتك .. فعالمي ليس به فراشات ولا حتى ورود .. فكيف تتصورين أن أهديك وردة لا أملك إلا لونها الأحمر يصبغ كل اهتماماتي وكياناتي هذه اللحظات .. خاصة وقلبي يتجوّل تحت القصف وفي مرمى الضربات .. فأرجو ألا تؤاخذيني .. فأنا لا زلت مصمماً على الرحيل.. فما عاد في العمر بقيّة ..
# بقلمي
# رياض الصالح