يطل علينا يوم الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، يحمل لنا ذكريات لتاريخ عريق من الإنجازات والعطاء، تاريخ يعيدنا للجذور والأصالة لشعبنا الكريم، وقد حرص مليكُها المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله- منذ عقود طويلة على تحقيق عزة هذا الشعب ومجده.
يحتفل السعوديون في هذا اليوم بكل فخر وعزة، ويحتفون بما تحقق في مسيرة طويلة عامرة بالإنجازات، ويقفون مع أنفسهم وقفة تأمل لما تم من إنجاز وتقدم، عين على الماضي العريق والأخرى على مستقبل زاهر ومشرق. ولعل هذا ما نلمسه في رؤية المملكة 2030، تلك الرؤية الشاملة والواعدة لكل المجالات لتحقيق النهضة والتقدم، والمستشرفة لآفاق المستقبل.
وعلى نفس المستوى الرفيع يجب أن يكون احتفالنا باليوم الوطني، مواكباً لهذه الرؤية بعيدة المدى، من حيث الأهداف والطموحات.
دور المواطن لا يمكن التقليل منه، ولعل هذا الدور يتمثل في سعيه الحثيث للعمل الدؤوب والخلاق المثمر، والمتنوع على المستويات كافة، ومن أبرزها، التعليم والثقافة، وهما ركيزتان أساسيتان لبناء عقل المواطن وتشكيل قدرته على الابتكار والإبداع، وكذا على مستوى مجالات العمل بصورة واقعية، إذ يلتزم كل فرد منا بعمله والإخلاص فيه، أياً كانت طبيعة هذا العمل وكان مستواه، فهذا هو من أولويات تعزيز قوة وطننا ورخائه داخلياً، ومن ثمَّ على المستوى الدولي، وهذا هو مَناط ومُرتكز رؤية المملكة 2030.
دور المواطن وشراكته تتمثل في رعاية ما حققه الوطن عبر قيادته الحكيمة وشعبه البنَاء على مدار الأزمان من مكتسبات غالية وثمينة، والحفاظ على تراثه الأصيل وتاريخه المشرف الذي ورثه كابراً عن كابر، وسيسلِّمه إلى الأجيال القادمة.
وتتمثل رؤية 2030 عبر أهداف طموحه تقصِد إلى تقوية ودعم دور المملكة على المستوى المحلي والعالمي، ولعل من أبرزها اتخاذ عدة مبادرات لتعزيز الهوية الوطنية وتقوية شعور المواطنين تجاه بلدهم الكبير والغالي، من بينها الاهتمام بحقل التعليم الذي يُعد رافداً قوياً من روافد ترسيخ الهوية، وذلك باستحضار دراسة التراث الغني للمملكة، سواء أكان تراثاً مادياً أو معنوياً، فهذا التراث هو ماضينا الزاهر الذي نتشبث به وبجذوره المتغلغلة، والتي يصعب اجتثاثها، ليشكل هويتنا القوية والتي لا تستطيع أن تنال منها تحديات الأيام.
وعلى المستوى المعاصر تهتم الدولة بالفنون والآداب والتكنولوجيا، ورعاية الأفكار الجديدة والابتكار في كل المجالات. وتشجع كذلك على دعم المرأة وتمكينها من أداء دورها على كافة المستويات، وكذا تحفيز الشباب على القيام بدور أكبر في البناء والتنمية، وتعزيز شعورهم بالانتماء وهذا كله من أسباب ترسيخ الهوية، وهذا من شأنه أن يزيد من فرص التميز والتفرد لنا جميعاً على المستوى العالمي.
ومن بين الأولويات التي تسعى إليها رؤية المملكة 2030 إحداث تقدم اقتصادي واجتماعي مستدام على نحو متوازن بالتزامن مع الحفاظ على الهوية بكافة أبعادها، الدينية، والثقافية، وما ورثناه من عادات وتقاليد إيجابية أصيلة، أغنت ماضينا، ودعمت حاضرنا، لتكون بإذن الله تكون شعلة ضياء لمستقبلنا.
يجب علينا مع الاحتفال بيومنا الوطني الذي نفخر به ونجلُّه ونزهو بتاريخنا معه أن نتذكر حاضرنا؛ فنعمل له بكل ما أوتينا من قوة و إمكانات ، وأن نظر إلى مستقبلنا الواعد، وأن نسير إليه على هُدى، فنخطط وندرس ونعمل حتى نصل إلى بر الأمان في ظل قيادة حكيمة، لا توفر جهداً في العمل لتقدمنا وازدهارنا.
بقلم / د. طارق عطيه السلمي
أستاذ التاريخ الحديث