مقالات
لا ترمي كل شيء بقلم: بهيرة الحلبي
من بحور الاستدامة وكنوز الابتكار، نرى سيدة أعادت تدوير الملابس القديمة فأنتجت لنا أجمل اللوحات الجدارية والملاءات السريرية، وأخرى أعادت تدوير بقايا زيوت الطهي المستعملة، فخرجت لنا بأفضل أنواع الصابون والمرطبات الجلدية، ومن بقايا الخضار سماداً عضوياً ومن قشور الفواكه معطرات بروائح زكية، وهناك من حولت أوراق الأشجار وقشور الفستق إلى مواد بناء وتزيين على طريقة ” إعادة التدوير للأفضل ” .
إن موارد الطبيعة كالمياه والأمطار والنباتات والمعادن والحيوانات هي محدودة في العالم، وهي عرضة للنفاذ والاستهلاك إن لم تدر بكفاءة وخاصة في ظل الانفجار السكاني والتصحر البيئي والكوارث الطبيعية والحروب الطاحنة. هناك حكمة تقول: ” ما لا يقاس لا يمكن أن يدار وما لا يدار لا يمكن أن يتطور “.، فهل نستطيع أن نحصل على أمن غذائي وحياة مستمرة إذا لم نحسن إدارة ما رزقنا به الله ووهبته لنا الطبيعة ؟!
أليس التبذير في استخدام المياه العذبة لتعبئة المسابح وري الحدائق وتشغيل المصانع هو نوع من الإجهاد المائي ، ويمكن الاستعاضة عنه باستخدام المياه المكررة ، أليست عملية حرق بقايا المحاصيل الزراعية يؤدي إلى أضرار تؤثر سلباً على خصوبة التربة وتقتل الكائنات الحية المفيدة فيها وأن تدويرها يفيد في انتاج الألواح الخشبية والتبن الذي تتغذى منه المواشي ، أليس الاعتماد الكلي على الطاقة الكهربائية التقليدية يؤدي إلى نضوب الوقود الأحفوري ويلوث البيئة وأن الاستثمار في أشعة الشمس والرياح القوية كطاقة بديلة ، هي مستقبل أكثر أمانا للبشرية وتنمية مستدامة وبيئة نظيفة ، أليس الاستهلاك الجائر للتقنية الالكترونية يولد نفايات سامة توجب إعادة صناعتها من خلال مشاريع عملاقة تدر أرباحاً كبيرة !!.ألا يمكننا تدوير القمامة بعد فرز المكونات المختلفة منها كالمعادن والبلاستيك والزجاجات ، ثم إعادة تصنيعها من جديد كما هو متبع في بعض الدول التي طبقت مبدأ صفر نفايات ؟!..
علينا أن نحافظ على نعم الله من الزوال، وأن نؤمن بحق الآخر مشاركتنا الماء والكلأ والهواء ، فلا نرمي كل شيء على الأرض ليموت ويفنى ويلوث البيئة ، بل نرشد في استهلاكنا للموارد ونعيد إحياء ما يمكن تدويره من مخلفات ، فنحقق الاستدامة ويعم الخير ….