مقالات
في ظلال طوفان الأقصى “107” مكاتبُ التحويل المالية في غزة مجرمةٌ وخائنةٌ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
أقل ما يمكننا أن نصف به أصحاب مكاتب التحويل المالية في قطاع غزة، ونظائرها التي تتعامل معها في الخارج، أياً كان صاحبها ومشغلها، فلسطينياً أو عربياً، بأنها مكاتبٌ مجرمةٌ ومؤسساتٌ خائنةٌ، وأنها مأجورةٌ عميلةٌ، خسيسة دنيئة، قذرةٌ ملوثة، لا شرف عندها ولا كرامة، ولا نبل فيها ولا شهامة.
إنها مكاتبٌ عديمة الضمير مجردة من الإحساس، حيوانية لا تشعر إلا بحاجتها، وغير إنسانية تحركها غرائزها، أجنبيةٌ لا تعرف الشفقة، وغريبةٌ لا تتسم بالرحمة، ولا يرق قلبها لجارٍ أو قريبٍ، ولا تلين نفوسها لمحتاجٍ أو مسكين، ولا تتجاوز لفقيرٍ أو مريضٍ، إنها شرهةٌ وقحةٌ، سافلةٌ منحطةٌ، لا تشبع بطونها، ولا يملأ عيونها إلا التراب، ولن ينفعها في قبورها مالٌ تجمعه، ولن يؤنسه فيها جاه تأمله.
إنها مكاتب عدوة وليست صديقة، وهي أجنبيةٌ وليست وطنيةٌ، وإن أصحابها ليسوا منا ولا ينتسبون إلينا ، ولا نعترف بهم ولا نرضى عنهم، إنهم غرباء عنا ولو عاشوا بيننا، ومدسوسون فينا لتفريق جمعنا، ومزروعون بيننا لتخريب بيوتنا، إنهم أغرابٌ فجون، وأعداءٌ متخفون، وشياطينٌ يفسدون، ولصوصٌ يسرقون.
هؤلاء ليسوا عرباً ولا هم من المسلمين، وهم ليسوا فلسطينيين ولا هم من أهلنا الطيبين، ونحن لا نعترف بنسبهم، ولا يجري دمنا في عروقهم، ولا نرضى بهم أخوةً لنا، ولا يشرفنا أن يكونوا منا أو أن يعيشوا معنا، ولا نتمنى وجودهم بيننا، ولا أن تكون حياتهم معنا، إنهم خزيٌ وعارٌ، وعيبٌ وسبةٌ، ووصمةٌ وثلمة، فلا يجوز التعامل معهم، أو الاختلاط فيهم، بل يجب مقاطعتهم والابتعاد عنهم، وعزلهم وحرمانهم، وطردهم من مجالسنا، وعدم مصاحبتهم في حياتنا، أو مشاركتهم مناسباتنا، وعدم تهنئتهم أو قبولها منهم في عيدٍ أو مناسبة، ورفض العزاء منهم أو تقديمه لهم.
يا رب المستضعفين يا الله، يا رب الناس أجمعين، إنا نلجأ إليك ونستعيذ بك منهم، إنهم يسرقون أموالنا، وينهبون مساعداتنا، ويمتصون دماء فقرائنا، ويستغلون حاجتنا، ويغتصبون حقوقنا، ويحتكرون أرزاقنا، ويأكلون خبزنا ويسممون حليب أطفالنا.
إنهم ينهبون أموال أهلنا المعذبين في غزة، ويفرضون عليها نسباً كبيرة، تكاد تصل إلى 25% من المبالغ المحولة إليهم، في الوقت الذي يحتجزونها عندهم لأيام طويلة، ويمنعون تسليمها بسهولةٍ، ويجبرون أصحابها على المخاطرة بحياتهم لاستلام أموالهم، ثم يسلمونهم إياها منقوصة غير كاملة، ومهترئة غير سليمة، وقديمة غير جديدة، ولا يصلح أيٌ منها للتداول، وفي حال صرفها فإنهم يستبدلونها بأقل من قيمتها، أو يدفعونها مضاعفةً ثمناً لمشترياتهم، ومقابل حاجاتهم.
إنهم شركاء العدو وأعوانه، وأدواته على الأرض وعصاته، وعملاؤه بيننا ونعاله، يقومون بما عجز العدو عن القيام به، وينفذون ما ترفع عنه ولم يقبل به، أو يتمون ما بدأ به وخطط له، فيجوعون المحاصرين، ويعذبون المصابين، ويعمقون جراح المجروحين، ويحرمون المحرومين، ويغتصبون حقوق المظلومين، ويعتدون على أهلهم والناس أجمعين.
أولئك هم الجشعون المحتكرون، الماكرون الكاذبون، الخبيثون السيئون، تجار الحروب ومصاصو الدماء، أكلة السحت والمال الحرام، المرابون المتاجرون بأرواح الناس، الذين يأكلون الميتة ويسرقون أقوات الفقراء، الذين يَغُلُّون المساعدات، ويأكلون أموال اليتامى والأيامى، إنهم يأكلون في بطونهم ناراً، وسيصلون بها يوم القيامة سعيراً، ولن يجدوا ريح الجنة ولن يدخلوها، ولن ينعموا بها ولن يذوقوها، ولو صاموا الدهر وصلوا، وحجوا البيت وزكوا، وتظاهروا بالورع والفلاح، وأظهروا التقوى والصلاح، وسبحوا بحمد ربهم ورتلوا آياته ترتيلاً.
أولئك التجار الفاسدون، الضالون الفاسقون، المارقون الخائنون، سيلعنهم الله وسيلعنهم اللاعنون، ولن يغفر الله عز وجل لهم جريمتهم، وسيحاسبهم على أفعالهم، وسيعذبهم في قبورهم، وسيلقون ما ظلموا في بيوتهم وعلى أولادهم، وسيلقونها في صحتهم وسلامتهم، ألا لعنة الله عليهم، ولعنة الله على من ساعدهم وعاونهم، وعلى من سكت عنهم وكان قادراً على محاسبتهم ومعاقبتهم.
اللهم إنهم لم يتقوك في شعبهم، ولم يخافوا منك على أهلهم، فلا تقبل لهم صلاةً، ولا تقبل منهم صدقةً، ولا تحشرهم معنا ولا تجمعهم بنا، ولا تقبل شفاعةً فيهم ولا ترحمهم من بيننا، وأحيهم أذلاء بعيداً عنا، وأمتهم غرباء في غير أرضنا، وأذقهم البأس في السراء والضراء، واجعلهم آيةً لغيرهم وعبرةً لسواهم، وأذقهم المر في حياتهم، والمهانة بعد مماتهم، اللهم إنهم يستحقون عقابك وهم لا يعجزونك، فخذهم أخذ عزيزٍ مقتدرٍ.
اللهم إنَّا نبرأ إليك منهم فتبرأ منهم، وإنَّا نلعنهم فالعنهم، وإنَّا نشكوهم إليك فاقبل شكوانا، اللهم انتقم منهم وعذبهم، وشردهم في الأرض ومزقهم، وبدد أموالهم واحرمهم نور عيونهم، اللهم انتقم منهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك، ولا تمتعهم بما سرقوا، ولا تشفهم بما نهبوا، اللهم شردهم في الأرض ولا تنفعهم بأموالهم، واجعل ما جمعوا حسرةً عليهم في الدنيا، اكو بها جباههم وجنوبهم في الآخرة، واكتب عليهم أن ينفقوها رغماً عنهم في غير ما ينفعهم، وبما لا يحقق مصالهم أو يجلب الخير لهم