مكتبة الأدب العربي و العالمي

#عمار ( النصف الأول)

بينما كان عمار يبحث فوق خزانته العالية عن أشياءه القديمة حتى رأى تلك الصندوق الخشبي الصغير كان يملئه بعض الغبار نفضه من فوقه ثم حمله معه و نزل

كان ذلك صندوق يحمل بعض من صور ذكرياته القديمة التي يحتفظ بها وبعض الرسائل التي كان يتبادلها مع رفاقه ايام خدمة وطنية

وقع نظره على رسالة قديمة منذ سبعة سنوات من إحدى اصدقائه الذي يدعى خالد والذي كان يخبره في رسالة ان ياتي يوم الى زيارته في قريته وكان يلح عليه بمجيء

راح عمار يسترجع ذكرياته مع خالد وكيف كانت تلك الايام خاصة انه كان من أقرب وأعز أصدقائه ايام خدمة عسكرية. وقد إنقطعت أخباره عنه منذ مدة طويلة راح يتسأل في نفسه كيف هو الان وماذا حصل معه هل يكون حي هل تزوج هل أنجب ابناء ترى كيف حاله

حمل عمار حقيبته ووضع فيها بعض من ملابس التي يحتاجها ثم اخرج بطاقته شخصية ووضعها في محفظته وتوجه الى محطة البرية ركب في اول حافلة تؤدي الى مدينة ثانية التي تبعد عنهم مسافة 500 كم

وبعد ساعات من طريق نزل في محطة لسيارة الاجرة التي تنقل مسافرين بين قرى والبلديات استجئر إحدى سيارات الاجرة لتنقله الى قرية الواقعة على بعد 70 كم من مدينة دون ان ينتبه الى ان عنوان خاطئ

كانت طريق قرية غير معبدة ومتشعبة المسالك لكن سائق كان يعرفها جيدا راح عمار طوال طريق يحدث سائق الاجرة عن صديقه الذي هو قادم لزيارته وكيف عاش معه تلك اللحظات الجميلة

فسأله سائق قائلا : بصراحة انا اول مرة أسمع عن شخص يحمل إسم خالد في تلك القرية التي انت ذاهب إليها لا أنكر أنني اعرف جميع اهلها تقريبا ولكن شخصاً يحمل اسم خالد هذا لم أسمع به هل انت متأكد انه يعيش هناك ؟

لم يكترث عما من هذا سؤال ولم ينتبه الى أنه اخطأ في عنوان فقال بكل ثقة: نعم متاكد ربما ينادونه بأسم اخر في قريته ولكني متأكد بأنه نفس شخص المقصود

لم يجد سائق مبررا على إعتراضه امام إصرار عمار على معرفة صديقه فربما كان محق في مايقول وواصل به طريق في صمت و قبل ان يصلوا الى قرية بمسافة ثلاث كيلو إنفجر دولاب سيارة بهم وتوقف سائق على قارعة الطريق
وأنزل دولاب إحتياطي من صندوق خلفي للسيارة وقبل ان يستبدله بدولاب منفجر إكتشف ان دولاب الاحتياطي هو الاخر مثقوب ولا يصلح للسير

فنهض والتفت الى عمار وقال اعتذر منك يابني لا يمكنني ان اكمل بك بقية الطريق فكما ترى كل عجلات سيارة لا تصلح على كل حال لقد وصلنا الى القرية وهي تبعد من هنا مسافة ثلاث كليو متر في هذا الإتجاه

يمكنك ان تكمل مسير مشيا على الاقدام اما انا سأبقى هنا ريثما احاول ان اجد حلا لهذه العجلات اتمنى لك اقامة طيبة في قرية واعتذر منك ثانية

دفع عمار مبلغ الاجرة للسائق وواصل طريقه بإتجاه القرية في صمت وهو يتوقع ردة فعل صديقه خالد حينما يراه قادم اليه وراح يخمن هل سيعرفه ياترى بعد هذه مدة طويلة ام لا؟

أحس بالتعب شديد وهو يقطع هذه مسافة وقد إتسخت ملابسه وشعره بسبب غبار الطريق غير مزفت و لفحت حرارة شمس وجهه وأصبح شكله متغير يوحي بأنه كان وسط زوبعة رملية وقد خرج منها

اخيرا تبادرت له ملامح القرية امامه فأحس بالسعادة وراح يسرع في خطواته متقدما اليها حتى يسال اي شخص يصادفه هناك عن صديقه

لمح ثلاث اشخاص يجلسون بالقرب من إحدى منازل فتقدم اليهم حتى يسألهم عن منزل خالد
وقف بعيد عنهم بقليلا فلم يكونوا منتبهين له ومنشغلين بحدثيهم فخاطبهم قائلا : سلام عليكم هل تسمحون لي بأن

وقبل ان يكمل عمار كلامه لاحظ إندهاش وذعرا في وجه اولئك الاشخاص الثلاثة وكانهم شاهدو شبحا او جني فقد نهضوا من مكانهم وراحوا يتاملون وجهه في إندهاش

بقي واقف مستغربا لما هذه نظرات مرتبعة منهم وما سبب وقفهم هكذا وما إن فتح فمه يريد ان يكمل كلامه

حتى هرب اولئك ثلاثة مذعورين كأنهم شاهدوا وحشاً امامهم ثم سمع أحدهم يصيح بأعلى صوته وهو يقول :
يا أهل القرية لقد رجع ممسوخ لقد رجع غول أغلقوا ابوابكم ولا تخرجوا

وقف عمار ينظر إلى اولئك الاشخاص الثلاثة الذي هربوا مذعوين من رؤيته وهو يتسأل في نفسه عن سبب ذلك ولماذا كانوا يصيحون بأن غول وممسوخ قد عاد ؟

فهل أثر عليه سفر الى هذا الحد حتى تشوه وجهه واصبح ممسوخ ويشبه غول الى هذه درجة اصبح منظره مخيفا ومرعب بسبب لفحات الشمس وغبار الطريق ؟
الم يرى هؤلاء يوما في حياتهم شخص مرهق من سفر يبدوا ان هؤلاء مجانين او مهلوسين وليسوا في وعيهم.

تقدم باتجاه مقهى الذي كان عند مدخل القرية لعله يجد أحد هناك يعرف صديقه خالد و يرتاح قليلا من عناء السفر وما إن دخل الى مقهى وشاهده الناس الذين كانوا جالسين هناك

حتى وقف الجميع في مشهد واحد وهم ينظرون اليه في رعب يكاد يخطف اوجههم كأنهم شاهدو مخلوق مخيف يدخل عليهم راح عمار يتأمل هذه الوجوه التي تمرقه في خوف وإندهاش

ترى مابهم هؤلاء ايضا لماذا ينظرون نحوي هكذا وما ان رفع يديه يريد ان يتكلم حتى ضج مقهى بصراخ ناس وإنقلبت الطاولات والكراسي فوق بعضها وتساقطت كؤوس على الارض مهشمة وانقلب مقهى كله الى فوضى وصياح الناس وهي مذعورة تقول اعوذ بالله من شيطان الرجيم لقد عاد غول اهربوا الى بيوتكم ..

وماهي الا ثواني حتى اصبح مقهى خالي تماما من البشر واثر الفوضى في كل مكان حتى صاحب مقهى والنادل الذي عنده قد هربوا مع ناس الاخرين وتركوا عمار واقفا وهو مذهول لما يجري لدرجة انه قد شك في نفسه فراح يتأمل اطراف يديه لعله يرى شيء قد تغير بجسده

ثم بدأ يتحسس رقبته ورأسه وأقدامه فكل شيء طبيعي فلماذا يهرب اهل القرية منه ولماذا ينعتونه بالغول ويتعوذون منه لمح مرآة ومغسلة بداخل مقهى فتوجه اليها مسرعا وارح ينظر الى وجهه في المرايا فكان كل شيء كما هو ووجه طبيعي جدا فإذا مابهم هؤلاء يهربون منه كلما شاهدوه

هل يعقل ان تكون كل هذه القرية مجنونة لقد بدأ يشك في نفسه ولا يعرف كيف يتصرف مع هذا الموقف غريب الذي يحصل معه

غسل وجهه وشعره جيدا ونفض عن ملابسه ثم خرج مرة اخرى على أمل ان يتغير موقف الناس منه بعدما إغتسل وتغيرت هيئته راح يتجول في شوراع القرية وكان كل شيء مغلق والناس تنظر إليه من خلف النوافذ وهي ترتجف من الرعب

راح يتسائل في نفسه لما يحصل معه كل هذا ترى مابهم هؤلاء الم يشاهدوا في حياتهم بشرا أخر مثلهم هل هذا حلم ام ماذا لماذا اهل القرية خائفين منه الى هذه الدرجة ؟

وقف في منتصف القرية وهو ينظر في كل إتجاه ويبحث عن اي شخص يفهمه مايجري هنا وماهو سبب ذعر الناس منه فقد اصبح في دوامة من حيرة وذهول

حتى خالد لم يظهر بينهم ولم يراه فلو شاهده فأكيد سيعرفه وسيخبر الناس عنه ويطمنو له ولكن اين خالد لماذا لم يظهر بينهم راح يحاول ان يخاطب احدهم من وراء النافذة فأغلقها في وجهه قبل ان يتكلم

طرق باب احدهم فسمع اصوات الاطفال وهي تصرخ مرتبعة بداخل وأمهم وتتراجه الا يدخل حاول ان يتكلم مع احدهم من فوق سطح لكنه ركض هاربا قبل ان يسمعه

اصاب هذا الامر عمار بالقنوط وسخط فراح يصرخ بأعلى صوته قائلا : ما بكم ياناس لماذا انتم خائفون هكذا انا بشرا مثلكم ولست غول لماذا الجميع خائفون مني جئت من اجل زيارة صديق لي يدعى خالد هل يعرف احدكم اين يسكن اخرجوا وتحدثوا معي فلست شيطان كما تعتقدون. والله العظيم انا بشر مثلكم

ساد صمت في القرية فلم يجب احد على كلام عمار واكتفى كل من في قرية بالنظر اليه من خلف الابواب والنوافذ والاسطح لدرجة انه أصيب بخيبة كبيرة

فقرر ان يذهب ويتركهم ولكن مسافة بعيدة وصعب ان يقطع هذا الطريق مشيا على الاقدام فقد بدأ الليل يسدل الستار ولن يجد اي سيارة في طريق بمثل هذا وقت

سمع اذان صلاة المغرب من مسجد القرية فخطر في باله ان يذهب الى هناك لعل الناس تطمئن اليه وتطرد من أذهانها فكرة انه غول وممسوخ وما ان دخل المسجد حتى راى الإمام يقف مرتبعا هو الاخر وينظر اليه وهو يتمم ويتعوذ

تقدم اليه عمار مبتسما محاولا ان يكسب وده وما ان اقترب منه اكثر حتى أمسك إمام عصا منبر وصاح به قائلا :
أعوذ بالله ..اعوذ بالله … اخرج من بيت الله يا ملعون فهذا مكان مقدس ولا محل لك فيه

خرج عمار من مسجد وهو يشعر بأنه قد صار مكروه ومفروضا من الجميع دون ان يعرف السبب فلماذا يصفه الناس هنا بأنه شيطان وملعون حتى من المسجد تم طرده بكلمات تعويذ وبراءة منه راح يحدق في كل شيء حوله وهو لايصدق ما يجري معه يحاول فقط ان يفهم سبب ذلك ؟

يريد ان يأتي احدهم ويشرح له ما الامر وماذا فعل حتى يعامل بكل هذا كره وتنفير كيف سيعود الى منزل وقد بدا يحل الظلام وهل سيجد سيارة تنقله الى محطة الاخرى لا سيارة تخرج منها الا سيارات أبناء القرية وطبعا لن يقبل احد بأن يأخذه معه مدام جميع يتهرب ويتعوذ منه هل سمعوا عنه شيء في الأخبار او الصحف ؟

هل جاء أحدهم وحكى لهم عنه شيء ولكن لا أحد هنا يعرفه الا صديقه خالد الذي جاء يبحث عنه ثم اين هو خالد فلا يعقل ان لا يكون قد شاهده حتى الان او سمع به لماذا لم يظهر بينهم ويتعرف عليه ؟

عاد بتفكيره الى كلام الذي قاله له سائق الاجرة في طريق
حينما اخبره بأنه لم يسمع من قبل بهذا الاسم وانه لا يوجد في هذه القرية اي شخص يحمل إسم خالد فل يعقل انني قد أخطأت في عنوان كما كان يعتقد سائق الاجرة فربما كلامه صحيح لانه لا يعقل ان الا يظهر خالد من بين هولاء الناس حتى الان ويتعرف عليه .

يا إلهي ماهذه الورطة التي أوقعت نفسي بها ثم كيف سأعود للمنزل الان وانا هنا منبوذ من الجميع والطريق بعيدة
ومنذ الصبح لم أكل ولم أشرب شيء والجوع بدا ينال مني وانا منهك من سفر يجب ان أجد مكان أنام فيه ليلة وفي صباح سأحاول مع أهل القرية لعل أجد بينهم من يوصلني الى محطة الاخرى .

ذهب عمار الى إحدى منازل مهجورة وتوسد على حقبته وقضى ليلة دون عشاء وهو يفكر في هذا المصير الذي آل اليه

في الصباح التالي نهض من مكان فوجد اهل القرية لا يزالون يغلقون أبواهم وينظرون اليه من خلف نوافذ فلم يحتمل ان يبقى هكذا معلقا دون ان يعرف سبب

فصاح بهم قائلا : لما كل هذا الخوف لماذا تعاملون ضيفكم بهذا الشكل عيب عليكم انا لم أذى احد منكم ولم أتقرف أي ذنب حتى تصفونني بأنني شيطان وممسوخ إذا رأيتم مني أي شيء فليأتي أحدكم ويفهمني ما السبب ؟

الا يوجد في هذه القرية رجال يخرجوا الي ويفهمني ما الامر أقسم بالله اني لم أرد بكم ضر ولا شيء جئت من أجل لقاء صديق قديم يسكن هنا فاذا بدر مني شيء فلياتي الي احدكم ويخبرني به هنا في وجهي وكفاكم جبن وخوف

ساد صمت طويل في القرية ولم يرد على كلامه أي أحد وبقي عمار يتأمل في أنحاء لعله يبصر اي أحد قادم إليه فأحس بالياس فانحنى يلتقط حقيبته من الارض ويهم بالانصراف فسمع صوت باب يفتح ويخرج منه شخصا قادم إليه

عرف من ملامحه أنه إمام مسجد الذي طرده البارحة من الصلاة فأحس ببصيص أمل قادم لعله يعرف منه كل شيء. فوقف إمام بعيد عنه وراح يتأمله بنظرات متوجهشة وحذره

فخاطبه عمار قائلا : ها أنت تقف أمامي ولم أقتلك ولم أكلك فهل يمكنك ان تشرح لي ما الامر لو سمحت
راح إمام يحدق به بنظرات حاذقة ومستنفرة ثم قال له :
ما الذي عاد بك يا علقم ؟

راح عمار ينظر اليه مندهشا ومستغربا من هذا الاسم الذي نعته به فقال : علقم ومن هذا علقم انا أسمي عمار يا حضرة الشيخ

لم يقنع هذا الجواب إمام مسجد فرد عليه قائلا : لا داعي لتضليل والمرواغة فأنا وكل أهل القرية لم ننسى ولن ننسى أفعالك شيطانية التي فعلتها في هذه القرية وأجبني ما الذي عاد بك وكلنا نعلم انك قد مت منذ خمس سنين فكيف رجعت الى الحياة هل كنت تدعي أنك ميت حتى تستغفل أهل القرية؟

راح عمار يحاول ان يستفهم الامر وبدا يفكر في كلام الذي قال إمام المسجد فربما قد إتضحت أمامه صورة قليلاً فاهل القرية كانوا يشتبهون به مع شخصاً أخر ويعتقدون أنه هو

فبدا الناس تفتح أبوابها وتجتمع حوله بعدما أحسو بالامان قليلا حينما رأوه يتحدث مع إمام من دون ان يحصل أي شي

فقال عمار موضحا انت مخطئ يا حضرة الإمام فأنا أسمي عمار وقادم من مدينة لزيارة صديقي يدعى خالد وقد جئت في سيارة أجرة الى هنا وتعطلت بنا في طريق اما هذا الشخص الذي تتحدث عنه فلا علاقتي لي به فأنا اول مرة أزور هذه القرية

فاقترب منه أحدهم وسأله قائلا : لقد سمعناك تنادي على شخص يدعى خالد صحيح ؟

التفت اليه عمار في تلهف وقال :صحيح خالد كان معي أيام خدمة العسكرية وقد جئت الى هنا لزيارته كما طلب مني
فرد عليه نفس شخص قائلا : ولكن لا يوجد اي أحد هنا يحمل إسم خالد سوى الطفل الصغير الذي إختطفته قبل سبع سنوات وتركت أمه مسكينة مرضت عليه ومازالت تبكي عليه

أحس عمار أن الارض تكاد ترتج به بعدما سمع ذالك الكلام وراح ينظر إليه مذهولا غير مصدق فربما حينما سمعه أهل القرية ينادي على خالد إزداد يقينهم بأنه هو ذلك الشخص الذي يصفونه بالملعون والممسوخ فقد إختطف طفلا من بينهم يدعى خالد اما صديقه الذي جاء يبحث عنه فلا يوجد في هذه قرية كما كان يقول سائق الاجرة

فخاطبه عمار قائلا: قلت لكم أني إسمي عمار وليست ذلك الشخص الذي تعتقدون فكيف لي أن أختطف طفلا وأتي إليكم هكدا بأقدامي أقسم انكم مخطئون يا جماعة ولا علاقة لي بما تعتقدون

فسأله الإمام مرة أخرى قائلا : هل عندك إثبات يؤكد ان إسمك عمار وانك قادم من المدينة ؟
نعم البطاقة معي وسأريها لكم جميعا وتتأكدون من صحة أقوالي

أدخل عمار يديه في جيبه فلم يجد محفظته الخاصة ثم عاد وادخل يديه في جيبه الآخر فلم يجدها أحس ففتح حقيبة ملابسه بسرعة وراح يقلب فيها فلم يجد اي شيء

أدرك ان محفظته قد ضاعت منه ربما في سيارة الأجرة التي جاء بها او حين كان يساعد السائق في تبديل دولاب سيارة فربما قد إنزلقت من جيب بنطاله دون ان ينتبه او ربما سقطت منه في مقعد حافلة

نهض وراح ينظر إلى الجميع في حيرة وتجهم وهو لا يعرف ما يقول أمام هذا الموقف الصعب الذي لا يدري كيف يبرره لهم وشاهد الانظار كلها تحدق فيه خائفة وحذرة ولم يعرف كيف يجيبهم فسمع الناس وهي تتهامس بقلق وتوتر بينهم بعدما لم يجد اي دليل يقنعهم به

فالتفت إلى إمام مسجد وقال : انا مستعد أن أقسم لك بأي شيء تريد انني لست ذلك الشخص الذي تظنون والله عظيم أنا لست هو ولا علاقتي له ولا أعرفه حتى وبطاقة هويتي قد ضاعت مني للاسف ولا أدري كيف أقنعكم

ساد صمت من جميع وبدؤو يتأملونه محاولين تصديق كلامه ولكن كل يقين يأكد لهم بأنه هو نفس شخص ونفس الملامح فرد عليه إمام مسجد قائلا : مهما أقسمت او حلفت يا أبني فأننا لن نصدق ما تقول هل يعقل ان يصدق الناس قسم شخص لم يترك موبقة ولا منكر الا وفعلها

فرد عليه عمار في غضب قائلا : وبماذا تريدني ان اثبت لك بأنني لا أعرف عن ما تتكلمون ثم من هذا علقم الذي ترونه على أنه أنا الم تصدقوني فأبعثوا احدكم الى عنوان منزلي هذا وسيخبركم من أكون واذا وجدتم غير ذلك فأفعلوا بي ما تشاؤون

اقترب أحدهم من إمام وهمس في أذنه طويلا ثم إلتفت نحو عمار وقال : حسنأ اذا كنت ترى نفسك بأنك لست هو ذلك الشخص فسنذهب الان جميعا الى قبر علقم ونحفره

فأذا وجدنا بأن علقم في قبره فهذا يعني انك صادق وسنعتذر منك جميعا ونتكفل كلنا بإصالك إلى منزلك سالما ومعززاً أما إن لم نجد علقم في قبر فهذا يعني انك انت هو وستخرج من قرية وتدعنا نعيش بسلام وتكفي عنك شرورك ومنكراتك اتقفنا ؟

وافق عمار على إقتراح أهل القرية بكل سرور وقد راى في هذا رأي مخرجا وحيدا لهذه الورطة فتوجه مع اهل القرية الى مقبرة حيث يوجد قبر علقم

كان قبره منعزلا عنهم وقد دفن في مكان خاص به بدا الناس في نبش قبره وما ان وصلوا الى فتحة التي تغطي قبره وفتحوها فاذا بهم ينصدمون بان قبر خالي تماما من اي عظام

وكأنه لم يدفن فيه اي بشر فكاد يتوقف قلب عمار لما شاهد فرفع بصره نحو الناس فوجدها تنظر اليه وهي مذهولة مرتعبة وقد اصبحت كلا الدلائل ضده وتأكدو لهم انه نفس الشخص الذين يعتقدونه
وما إن جاء يتكلم حتى صرخ الجميع هاربين من وجهه وتاركين كل شي هناك

تلاشى الأمل الوحيد له في خلاص وعاد يغرق في دوامة الحيرة والاسى لما آل اليه لا بصيص أمل جلس بالقرب من أحد جدران منازل القديمة يفكر في أي حل أخر يمكن ان يقنع به الناس فقد إشترطوا عليه ان يرحل ان لم يجدوا جثة في قبر

ولكن كيف يرحل من دون وسيلة نقل توصله الى محطة البعيدة عنه مسافة 70 كلم إنه شرط تعجيزي والقبول به يعني هلاك والموت .

وبينما هو جالس يفكر في هذه مصيبة جديدة اذا بشخص يضع أمامه صرة قماش تفوح منها رائحة طعام وزجاجتين من ماء رفع عمار رأسه بإتجاه الشخص الذي وضع الاكل أمامه فوجدها فتاة في منتصف العشرينات وهي متخفية بين جدران وتلتفت يمينا وشمالا

عن حكايات العالم الاخر ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق