مكتبة الأدب العربي و العالمي
لقاء بالصّدفة الجزء الثاني والاخير
سألها زوجها :هل أنت بخير حبيبتي ؟ ثم رافقها إلى مكتبه، ويده تحيط بخصرها وقبل أن تدخل نظرت أميمة إلى خطيبها السابق بنظرة تشفّي،أما هو فلقد كانت مشاعره متناقضة ،مزيج من الغيرة والغيظ ،وتساءل لأوّل مرّة هل أخطأ بالإستماع إلى أمّه ؟ وفي النهاية التي تزوج منها الآن ليس فيها ما يميّزها باستثناء ليسانس إقتصاد ،ويا ليتها إشتغلت بها فهي الآن في البيت ولم تحصل على شغل ،أمّا الأخرى فهي ظريفة، وتحبّ الضّحك، لكنّه حطّمها لما فسخ الخطوبة ،ولم يشفق عليها لمّا سمع أنّها حاوت الإنتحار عدة مرات، وبعد ذلك تزوج وإنتقل إلى شقته الجديدة ،وغابت أخبارها عنه ،ولم يحاول أن يسأل عنها رغم أنه لا يزال يحبها ،لكنه فكر في مركزه وسمعته فكيف يدخل المجتمع الراقي وهو متزوج من أمية ،هذا ما كانت تقول له أمه ،بعد أن صار مهندسا ،وذلك المحل تحوّل إلى شركة .لكن لم يفهم كيف تزوّجت من طبيب مشهور،وأصرّ أن يعرف القصة ،لما جاء دور زوجته أخذ يرمق الدكتور فتحي لعلّه يجد لديه سببا يجعله يقبل بتلك الفتاة ،لكنّه إستغرب منه ، فالرّجل في الأربعين من عمره ،وسيم الوجه شديد الكفاءة في عمله ،ويبدو واثقا من نفسه ،لقد حلّل خليل كل شيئ بمنطق المجتمع الذي يعيش فيه ،لكنه نسى شيئا وهو أن كل شيئ قسمة ونصيب ،وفي بعض الأحيان فالسوء الذي يصيبنا يأتي من وراءه شيئ أحسن بإذن الله.
وفي الأخير ذهب إلى عم عطوة وله محل بقالة في الحي الذي كان يسكن فيه وهو يعرف كل الجيران فأعطاه علبة تبغ من ماركة أمركية ،وطلب منه أن يحكي له عما حدث لأميمة بعد زواجه وانتقاله من الحيّ فلما أحست الفتاة أميمة باليأس حاوت الإنتحار ورمت بنفسها في الطريق أمام سيارة لكنها لم تصبها إلا بخدوش ورضوض خفيفة أما السائق فقد جزع عليها وحمها في سيارته إلى المستشفى وبقي معها إلى أن أتمت الفحوصات وأعطوها غرفة أمضت فيها الليلة وعلمت الفتاة ان ذلك السّائق طبيب في ذلك المستشفى ،ولذلك قاموا باللازم معها واتصلوا باهلها لاعلامهم أنها بخير وفي الصّباح لما جاء ذلك الطبيب للإطمئنان عليها وجدها تحملق فيه ،فضحك أما هي فابتسمت له ،وصار كل ساعة يأتي لرؤيتها ووقت الطعام جاء وأكل معها ،ورجعت للفتاة بهجتها ولما أتم عمله أوصلها لدارهم ،وأصرّ أبوها ان يدخل الطبيب ،وأكرمه وطبخت المرأة طعاما بلدي ،وأكل الرّجل وشرب الشاي وانبسط من حسن الضّيافة وطيبة تلك العائلة وبقي يتصل بأميمة من حين إلى آخر وأعجبته بساطتها ومرحها ،وبعد يوم شاقّ لم يكن يحتاج لأكثر من الرّاحة والإسترخاء في يدي امرأة تدلله ولم يطل الأمر فتزوج منها وحضر أهله وكانوا فرحين بالفتاة وعائلتها ،ولم يكن لهم أيّ غرور أو إستعلاء .
لما رجع خليل لداره كان لا يزال يفكر فيما سمعه ،وهو يعرف طبعا عائلة أميمة ،وهم طيبون جدا ويفرحون بالضيف ،وحافظوا على عادات قريتهم فليس عندهم النفاق أو التباهي الذي عند كثير من الناس لكنه حاول أن يجد حجة لنفسه في أن الأم يجب أن تكون متعلمة ومثقفة لتعتني بأبنائها ،وبأنه لم يخطأ لما تزوج جامعية مضت فترة من الزمن وبدأ ينسى موضوع اميمة ،وذات كان عليه أن يشتري بضاعة لشركته وقيل له أن محلا جديد قد فتح أبوابه فلما دخل ورأى صاحب المحل كاد أن يقع على الأرض من هول المفاجأة فلقد كانت أميمة وقد خلعت النّقاب الذي كان يغطي وجهها ووضعت شالا على رأسها وفستانا طويلا أنيقا ،وهي أيضا تعجبت لما رأته ،لكنها قالت له بفضل زوجي درست وتعلمت ،كلما أتذكّر سخرية أمّك مني أضاعف من عزيمتي والحمد لله صار لي هذا المحلّ ،وسأفعل نفس الشي الذي قمت به وأفتح شركة منافسة لك وسنرى من الأقوى .
لم يشتر خليل شيئا رغم وجود كل ما يحتاج إليه ،وأحس بصداع ،ثم إرتمى في أول مقعد وجده وطلب فنجانا من الشاي ،ولأول مرة يحس بالخوف فزوج أميمة ثري وله معارف ،ولا بد أن يجد صيغة للتّفاهم معها وإلا فإنّ أمره سيكون صعبا لكنها أصرت أن تأتي أمّه إلى محلها وتعتذر منها ،لكن المرأة رفضت وهي إبنة الباشمهندس زكي محمود ولها شقة واسعة في الحي ،لكن لم تمض فترة طويلة حتى بدأت متاعب خليل تتزايد، فقلت أرباح الشركة وكثرت الخلافات مع إمرأته التي تحب السّهر والخروج، وأخفق إبنه في الدّراسة ،بينما وضعت أميمة إبنتها في مدرسة خاصة غالية الثمن، و حرصت على تعليمها ،أحد الأيام بينما كانت أميمة جالسة في محلّها دخلت عليها أمّ خليل ،وقالت له تريدين أن أعتذر منك ؟ حسنا أعترف أني أخطأت في حقك ،والآن أريد منك أن تساعدي إبني ،فليس لي غيره !!! قالت الفتاة :أنا أعذرك فليس هذا خطئك ،كلّ أم تتمنّى أفضل شيئ لإبنها ،ألومك في شيئ واحد ،كان عليك رفض الخطبة من الأول فبنات النّاس لسن لعبة في أيديكم ..
…
إنتهت
عنًقصص وحكايات العالم الاخر