مكتبة الأدب العربي و العالمي

سر- الكوخ الجزء الاول

يحكى في قديم الزمان عن مملكة لارسا كانت عبارة عن مجموعة مدن مترامية الاطراف تقع جميعها على تخوم غابة عظيمة تحدها من الشمال يحكم لارسا ملك عجوز ، كان قد حكم مملكته بعدل لكن مع الكثير من الحزم ، الى أن أضر به المرض في ايامه الاخيرة

المدن التي تتشكل منها لارسا هي سبع مدن تحكمها سبع عائلات عريقة كل عائلة تحكم مدينة منها ، ورؤساء تلك العائلات جميعا يخضعون ويدينون بالولاء والطاعة لملك لارسا..
وخلال فترة حكم الملك؛ كان رؤساء العائلات يتقربون ويتوددون للملك عسى ان يفوز احدهم بولاية العهد كي تصبح عائلته هي العائلة الحاكمة الجديدة في لارسا
الملك كان محتارا في من سيخلفه في ولاية العهد والى من سينوط بهذا الشرف العظيم دون أن تتذابح العائلات السبع فيما بينها

ورغم أن للملك بنتا في سن الزواج تدعى كناريا وأن تزويجها لابن احدى العائلات يعني فوز تلك العائلة بولاية العهد لكن حتى قرار التزويج هذا ستتقاتل العائلات من اجله طمعا في الحكم لا حباً بالأميرة وهكذا امضى الملك المسكين اواخر ايامه طريح الفراش لا يجد حلاً لتلك المعضلة..

وفي احد الايام استيقظ سكان المملكة على وقع خبر صاعق فلقد تم اختطاف اميرتهم المحبوبة كناريا حيث اعلن قادة الحرس ان مختطيفها قد فروا بها الى اعماق الغابة المجاورة
وهكذا تم اجراء حملة تفتيش واسعة شملت الاجزاء المأهولة من الغابة لكن دون جدوى

الملك المريض اجتمع برؤساء العائلات السبع لبحث قضية الاميرة فأخبره احدهم أنهم لا يعرفون من الغابة سوى ثلاثون بالمائة فقط وان السبعين بالمائة الاخرى هي جزء مجهول لم تطأه قدم انسانٍ قط ولابد ان الخاطفين قد توغلوا بالاميرة الى تلك الاعماق السحيقة من الغابة

وامام تلك الاخبار لم يجد الملك بداً من ان يعلن لرؤساء العائلات ان من ينقذ الاميرة منهم فسيزوجه اياها ويجعله وليا للعهد
رحب الجميع بذلك واعتبروه حلاً ممتازا قد جاء على طبق من ذهب ليرضي جميع الاطراف وليبعد الخلاف والشقاق بينهم في حال رحيل الملك

وهكذا تسابق زعماء العوائل السبع فيما بينهم للبحث عن الاميرةوقد اصطحب كل واحد منهم جيشه الخاص المكون من الجنود الاشداء والصيادين المهرة ومقتفي الاثر بالاضافة الى كلاب الصيد المدربة القادرة على تتبع اضعف الروائح

واختار كل زعيم منهم جزءا من الغابة المجهولة ليغطيها ببحثه ، عسى ان يكون هو المحظوظ الذي سيفوز بالاميرة..
ومن بين ابرز تلك العوائل، عائلة المدعو سلطان، كان قاسياً جداً غليظ القلب متحجر الفؤاد لا يرتدع عن الاساءة للاخرين وتوجيه الاهانة لهم

وعلى الجانب الاخر وعلى النقيض منه، عائلة الحكيم ياسين مع ولده الشاب موسى، والذي انطلق متحمساً مع والده واتباعه في رحلة البحث عن الاميرة ضمن مجاهل تلك الغابة العملاقة
لم يكن ياسين يسمح لموسى بالخروج كثيراً لأنه كان يخشى عليه من الاخرين، الملك نفسه لم يعلم أن لياسين ولداً لولا أن رآه بعينه عند زيارته قبل أشهر لقصر عائلة ياسين..

وبعد ثلاثة ايام من البحث الشاق والمضني، بلغ قوم ياسين جزءاً من الغابة حيث تتشابك قمم الاشجار العالية مع بعضها مشكلّةً ما يشبه المظلة العملاقة التي تلقي بظلالها على ارضية الغابة وتمنع ضوء الشمس من التوغل والنفاذ الى الارض..
المكان كان خانقا ، والحيوانات الصغيرة اللزجة والعناكب والسحالي والحشرات الكبيرة تملئ المكان، والطيور باصواتها التي لا تنقطع تكاد تصم الآذان..

كان موسى يسير خلف الاخرين عندما لمح فجأة فهداً اسودا صغيراً ينط هنا وهناك فقرر الامساك به فركض خلفه لكن الوحش الصغير هرب منه فجاراه موسى بالجري حتى اصطدم وجهاً لوجه بأم الفهد وقد احتمى خلفها صغيرها

تراجع موسى عدة خطوات الى الوراء لكن الام الغاضبة هجمت عليه فاطلق الفتى لساقيه الريح واندفع يخترق الادغال هارباً على غير هوادة الى ان سقط اخيرا وقد أخذ التعب منه كل ما أخذ

وبعد ان التقط انفاسه، تطلع موسى حواليه فادرك انه قد نجح في التخلص من الفهدة الام لكن الثمن مقابل ذلك هو انه قد ضل الطريق وابتعد كثيراً عن ابيه ومرافقيه

عن قصص وحكايات العالم. الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق