مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية زوار من وراء الضّباب من قصص التشويق والخيال أصوات الليل ( الحلقة 1)

فؤاد موظف من الصعيد تم تعيينه في القاهرة ،وبحث طول اليوم عن شقة يأجرها لكن كلها كانت غالية الثمن ،ومع مصاريف النقل والطعام واللباس المحترم ،لن يبقى معه شيئ ليدخره ،فخطيبته فايزة كانت تلح عليه في الزواج ،فأهلها يريدون أن يخطبوا لها إبن عمها الذي تكرهه ،وفي النهاية مر على عمارة من أيام الأنجليز،وكان هناك لافتة مكتوب عليها شقة في الدّور الأرضي للإيجار الثمن عشرة جنيهات .
لم يصدّق الرّجل نفسه ،وسأل البواب ،فقال له لا أنصحك ،فكل من سكن هنا غادرها في بضعة ايام ،لهذا قبل أن يأجرها صاحبها بهذا المبلغ الصغير ،أجابه : ليس لي الخيار ،فمن أجل إرضاء فايزة فهو مستعد أن يسكن مع الجنّ لو لزم الأمر ،ثم إنّه مثقف، ولا يؤمن  بحكايات الأشباح ،قال للبواب : سأدفع ثلاثة شهور إيجار مقدما ،هل تعلم أين يمكن شراء بعض الأثاث المستعمل ،ضحك البواب وقال لا داعي لذلك فإن آخر واحد أجّرها ،هرب ،ولم يرجع حتى لأخذ أثاثه .
هناك كلّ شيئ ،الماء السّاخن، وأنوبة غاز للطبخ، وأواني وكؤوس للشّاي ،أطلب منك فقط أن لا توقظني إن رأيت شيئا ،فإني لن أفتح لك الباب ،والآن خذ المفاتيح وتوكّل على الله ،وخصوصا أغلق النوافذ جيدا فهم يدخلون من هناك ،سأله فؤاد عن ماذا تتحدث ؟ صمت البواب ثم قال : الزّوار !!!
نام فؤاد مبكرا تلك الليلة فلقد أمضى اليوم وهو يدور من مكان إلى آخر حتى تقطعت أنفاسه ، في نصف الليل رن التلفون في الصالون ،ففتح عينيه بتكاسل، وقال من يتصل في هذا الوقت ،فالشقة فارغة منذ شهور ،ولم أعط رقمي لأحد ،وفي الأخير نهض ،وذهب إلى الصالون ونزع السماعة ووضعها على الطاولة ولما دار ليرجع لفراشه ،سمع صوتا غامضا يأتى من الشرفة المغلقة أصاخ بسمعه ،وشاهد مقبض المصراع الخشبي يتحرك ،من الواضح أن شخصا ما فى الشرفة يحاول فتحها من الخارج .
تجمدالرجل فى مكانه وشعر بخوف وقلق ونظر في الظلام عبر المصراع المغلق باحكام فلم ير شيئا ، تفقد الباب الزجاجي فوجده أيضا مغلقا
اضاء النور لكي يعرف المتسلل أن صاحب البيت موجود ويهرب قبل ان يعلم الشرطة ،سكت الصوت بعد اضاءة النور انتظر فؤاد دقائق ليطمئن انّ الزائر الغير مرغوب فيه قد رحل،ثم تشجع ،وخرج إلى الشرفة فلم يجد أحدا ،والشوارع كانت فارغة في هذه السّاعة المتأخرة ،والطقس البارد ،أعاد إغلاق كل شيئ ومشى الى اخر الشّقة حيث غرفته الصّغيرة ليواصل نومه
ترك نور الصّالة مضاءا ليحس بالإطمئنان فلقد كانت تجربة مخيفة، وعاد لسريره ،وحاول النوم مجدّدا وبعد فترة ثقلت اجفانه رغما عنه ،وراح فى نوم عميق ،بعد فترة نهض مذعورا ،فلقد أحسّ بالهواء البارد يملئ الشّقة، والرّيح تصفّر بقوّة ،ولما قام إلى الصّالة وجد الشّرفة مفتوحة !!!
ولم يعرف كيف حدث ذلك ،وأحس بجسده يتجمّد من البرد والرعب، صاح : من فتح الشرفة؟؟ وكيف لم اشعر به؟؟ حاول إقناع نفسه أنّ الباب لم يكن مقفلا جيدا ،وفتحته الريح القوية ، أعاد إغلاقه ،ودفع الطاولة تحت المقبض ،لكي لا يقدر أحد على فتحه من جديد ،وتسائل وإن لم تكن الرّيح ؟ وتذكّر قول البوّاب عن الزّوار ، ومن هؤلاء يا ترى ؟ ثمّ شجّع نفسه،وقال: طول عمري لا أؤمن بهذه الخرافات ،فلا وجود للأشباح ،ولا غيره ،لمّا نموت ينتهي وجودنا ،هذا كل ما في الأمر !!!
تراجع بظهره لغرفته ،وقفز على السّرير ،ولفّ نفسه بالغطاء الثقيل ،وهو ينتفض بذعر لم يعرفه من قبل لكن قطع الصمت صوت اقدام تمشى من إتجاه الصّالة الى غرفته الصغيرة ،كانت كثيرة و بطيئة، لم يجرؤ ابدا على النظر لأصحابها ،لكن من تحت الغطاء شاهد فقط أقدام مشوّهة حافية تتجه ناحية السرير، ثم تتوقف فجأة ،بلع الرّجل ريقه بصعوبة ،وقد أصابه ذعر هائل …
يتبع الحلقة 2

مع تحيات الكاتبة أليس مرواني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق