مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الجارية والعالم وتاجر العبيد من قصص العرب لمّا تأتي الفراسة بالحبّ

سافر طالب علم الى إحدى المدن، فلما أحب المدينة واستأنس باهلها إشترى دارا فيها واثثها وأقام بها، وصار يوزع وقته بين العمل والدراسة.كان الشاب لا يجد وقتا لاموره من غسيل وطبخ بسبب انشغاله بما تقدم، فقرر أن يشتري جارية تخدمه وتقوم بشؤون بيته. نزل الفتى إلى سوق العبيد، وبدأ يبحث إلى أن وقعت عيناه على جارية حسناء جميلة ذات وجه كالبدر وقوام كالمهرة، فلم يستطع أن يقاوم جمالها وتقدم لشرائها.
بعد مفاوضة بالسعر دُفع الثمن وكُتب الصك، فتهيأت الجارية للانصراف مع سيدها الجديد، ولكنها قبل خروجها معه عادت للنخّاس ولطمته لطمة على وجهه كادت أن تطيح بأضراسه، فجحظت عيناه وسط ذهول الجميع، وأراد الإنتقام ،ورفع يده الغليظة ليهوي على وجهها، فوقف الفتى بينه وبينها ،وأخبره أنها ليست ملكه الآن كي يتصرف معها بأي تصرف، وولي أمرها هو سيدها الجديد فقط، فاخذ النخاس يلحّ عليه أن يرد له الجارية بأي ثمن يطلبه حتى لو كان ضعف ما اشتراها به، فأخبره الشاب أن الجارية ليست للبيع، ونصحه أن ينسى ما حدث حتى لا ينتشر خبر صفع الجارية للنخاس ويصبح اضحوكة للجميع
إنطلق الفتى وجاريته إلى بيته، وأعدّ لها الحمام فاستحمت و الطيب فتطيبت، ثم ما أن فرغت حتى وجدته قد أعد لها ما لذ و طاب من الطعام، فجلست معه على المائدة تأكل بنهم وتنظر له بارتياح تعلوه إبتسامة بريئة، حتى زال ما بينها وبينه من ريبة واضطراب، ثم جلست تسامره، فقالت له: لمَ لم تسألني لماذا صفعت الرجل؟ فقال: جواب عرفته فلمَ انتظره؟ وما اظنكِ لطمته إلا إنتقاما لا تعدّيا. قالت: صدقت، ولكن هل عرفت كان انتقاما من ماذا ؟ أجاب: حرةٌ استُعبدَت، وأريدَ بها أن تُرَوَض فما رُوضَت، فعذِّبَت و أوذيَت.قالت في ذهول: صدقت!! والله ما مر عليّ امرؤٌ مثلك، فكيف عرفت كل هذا؟! أجاب: علمٌ به انتفعت، واصلٌ به ارتفعت، وخُلُقٌ له رَجعت.فقالت: وهل ثلاثتهم ابلغوك عن وَجَعَ الرّق وذُلّ العبودية؟!
أجاب االفت دون تردد: اذهبي فانتي حرّة. !!! خرجت الفتاة من عنده وقد أصبحت حرة، ثم عادت بشيخ وشاهدين، وقالت: حمقاء من عرفتك ثم فرّطت بك، واني قد زوجتك نفسي.

مع تحيات الكاتب : نادر حميدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق