مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الصّياد والملك وبنت منصور وراء السّبعة بحور معركة مع الغولة (الحلقة 9 )

هذا ماكان من أمر نسيم، أمّا سليم .فقد خرج يوماً في وقت السّحر ليجمع حطبا ،فرأى النبتة التي سلمه إياها أخوه قد بدأت في الذّبول . ولذلك أسرج فرسه ،وغادر القرية متّبعا أثر أخيه . فسار بين الجبال حتى وصل إلى خيام العشيرة التي تخاف الذئاب ،فنادوه: أيّها الأقرع ،تعال خذ قطيعك ،فقد تأخّرت عنّا!!! فعرف سليم أنّه على الطريق الصّحيح ، فقال لهم : هو أمانة عندكم حتى أرجع . وواصل السّير إلى العشيرة التي تخاف النمور، والنّاس تحيّيه حيثما تشاهده،وفجأة إقترب منه كلب ،ونظر له بدهشة ،ثمّ أخذ يلوّح بذنبه ويروح وتأتي، ففهم سليم أنّه يريد منه إتّباعه، فقال في نفسه: أرجو أن لا أبطئ كثيرا ،فأنا لا أعلم أين أخي ،وكلّ دقيقة تمرّ قد تجعل حاله أكثر سوءا ،ولما بلغ الكهف ،توقّف الكلب، فأدخل سليم رأسه ،ورأى الغولة مستلقية ،وقد إنتفخ بطنها من الطعام .
فجأة سمع أنينا خافتا ،فقال :لقد أتى بي الكلب لإنقاذ سيّده، يا له من حيوان شجاع ،وسأخرج ذلك المسكين، ولا أدري كيف مازال حيّا !!! لكن الغولة شمّت رائحته ،فنهضت ،وقد كشّرت عن أنيابها ،وحين رأته تعجّبت ،ثم قالت :لقد إبتلعتك البارحة، فكيف خرجت أيها الخبيث ؟ و ما الذي يوجد في بطني ؟ لم يعد لدى سليم شكّ أنّ من إبتلعته الغولة هو أخاه نسيم ،وفهم لماذا إندهش منه الكلب لمّا رآه ،وقال: لأنّي جئت لفعل الخير فإنّ الله قادني إلى حيث يوجد أخي المفقود ،ولو تأخّرت عن المجيئ، لهلك !!! ثمّ قال للغولة :أنا من الجنّ، ولقد خرجت من بطنك ،ووضعت فيه حجرا ،فلمّا سمعته ،بدأت تضرب نفسها حتى تتقيّأ الحجر ،لكنّها في النّهاية أصيبت بالصّدمة لمّا رأت نسيم ملقى أمامها ،وقد غطته القذارة ،فصاحت بصوتها الأجشّ :إنّهما متشابهان كنقطتي ماء !!! كم أنا حمقاء ،فلقد إحتال عليّ هذا الأقرع، وأنقذ أخاه ،لكن والله لن يخرجا من هنا أحياء .
و لم تتم ّ كلامها حتى قفز عليها الكلب ،وأمسك رقبتها بين فكّيه ،واستغلّ سليم الفرصة ،فطعنها بسيفه ،فترنّحت قليلا وسقطت ،ثم أهوى على رأسها فقطعه ،بعد ذلك حمل أخاه على ظهره إلى عين ماء فسقاه ،ونظّف حاله ،ففتح نسيم عينيه ،وقال: لقد خرجت للبحث عنك، لكن أنت من وجدتني إسمع أريدك أن توصلني إلى داري ،فأنا أحسّ بالضّعف ،أمّا أنت فارجع ،وآت بأمّك ،فعروسك بإنتظارك ، تعجّب سليم ،وقال: ويحك ،عن أي عروس تتحدث ؟ هيا أفصح عمّا في قلبك !!! حكى له أخوه عمّا حصل منذ أن فارقه وعن رحلته لجزيرة بنت منصور ،والأميرة التي عشقته ،حكّ سليم رأسه ،وقال: هل هي حقّا كما تصفها ؟ ضحك نسيم ،وأجابه :إذهب ،وانظر بنفسك ،ولن تندم ،ستجدها في خيمتها ،لكن خذ حمّاما فرائحتك مثل الثعالب ،وصل نسيم لداره ،فانزعجت إمرأته لمّا رأت حالته ،وأحضرت له العرّاف العجوز الذي صار طبيب السّلطان فغلّى له بعض الأعشاب التي شربها ومسح جسده بمرهم من لحاء الصّنوبر، وأوصاه بالرّاحة ،ثمّ قالت له: أين كنت يا رجل ؟ فلقد حصلت أشياء كثيرة في غيابك ،والحرب قد تقع في أيّ وقت مع جيش بنت منصور !!!
صاح نسيم: ماذا تقولين ؟ قبل أن أرحل كانت الأمور على ما يرام !!!ردّت دلال: ذلك قبل أن يخطف أحدهم الأميرة ،ولقد هدّد قومها بحرق كلّ شيئ إن لم ترجع لهم سيّدتهم دون خدش في جسمها ،قال نسيم :لا أحتاج لكثير من الذكاء لأعرف من قام بذلك !!! أجابت دلال :كأنّ تقصد الفرسان الذين أذللتهم أمام أبي السلطان ، أليس كذلك ؟ قال :دون شكّ ،فأنا أعلم النّاس بخبثهم ،وقد أتتهم الفرصة حتى أيديهم لينتقموا منّا جميعا …

يتبع الحلقة 10 والأخيرة

مع تحيات الكاتب طارق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق