نشاطات
حكاية الصّياد والملك وبنت منصور وراء السّبعة بحور سرّ على أجنحة اليمامة (حلقة 10و الأخيرة )
قال نسيم :سأذهب لإنقاذها ،فترجّته إمرأته أن يتريّث ،فهو لا يزال ضعيفا ،وبالكاد يقدر على المشي ،أجابها: لن أبقى حتى يهاجم قومها أسوار المدينة ، لكن المشكلة أنه يجهل مكانها ؟ أسند راسه بيديه، وقد إشتدّت به الحيرة ،وفجأة ،تذكّر أنّ الأميرة تكلّم الطّيور،فقال لدلال: ربّما تحاول بعث رسالة مع أحداها ،علينا إخبار الصّيادين بالكفّ عن نصب شباكهم !!! ردّت عليه :سيتوقّف نجاح فكرتك على الحظّ ،فكيف ستجدك الطيور ؟ أجاب: إنّها ساحرة، ولن يصعب عليها إيجاد طريقة !!! لكنها عادت تسأله،وقد ظهرت عليها الغيرة : لماذا ترسل لك أنت ،وليس أبي سلطان هذه البلاد ؟ لم يجد نسيم جوابا، فلقد فاجأه السّؤال ،وقال : آه ،دون شكّ أنّها سمعت عن شجاعتي !!! رمقته دلال بنظرة متفحّصة، ّثم خرجت من عنده ،فتمتم: أحمد الله أني لم أخبرها بالحقيقة ،وإلاّ لن تمرّ هذه الليلة على خير ،أرجو أن لا يتأخّر أخي ،وأخلص من هذا الأمر ،فلم أكن أتوقّع أن تغير بنت سلطان على صيّاد تائه ،حقاّ ما أعجب الأقدار .
في الغد أخذ نسيم زادا ،واختار شجرة كثيرة الأغصان قرب بيته ،ثمّ جلس تحتها يحملق في العصافير ، ومرّ اليوم دون أن يحصل شيئ .مضى يومان وهو على هذه الحالة ،وفي اليوم الثّالث أحسّ بأنّه أفضل حالا ،فتمشّى قليلا في الغابة ،وفجأة سمع صوتا حادّا في السّماء ،ولما رفع رأسه رأى صقرا ينقضّ على يمامة ،ويضربها بمخالبه ،فهوت على الأرض، فأمسك عودا، ولوّح به في الهواء ،فدار الصّقر دورتين ،و راح في سبيله ،بعد ذلك أخذ الصّياد اليمامة فرأى في جناحها جرحا كبيرا ،وإن لم يعالجها ستموت، فبدأ يمضغ عشبة ،ثم ضمّد بها الجرج ،بعد ذلك جلس على حجر ، وجال في خاطره أنّ دلال معها حقّ ،فهو كمن يبحث عن إبرة في كومة قشّ ،لكن بعد ساعة، أفاقت اليمامة ،ونظرت لنسيم بعيونها المستديرة، ثمّ مشت إليه، ولمّا مسح على ريشها الغبار، رأى رسما صغيرا لجبل مع رأس عقرب ،فصاح: يا لها من بنت شديدة الفطنة ،الآن أعرف مكانها ّ،وسأذهب لإنقاذها .
رجع نسيم يجري لداره ،وأحسّ بروح الصياد ترجع إليه ،فقال لإمرأته :لقد عرفت مكان الأميرة ،وهو ليس بعيدا عن هنا ،لكنّه خطر على من يجهل دروبه، ففيه العقارب الصفراء التي تحمل الموت الزّؤام !!! سألته :هل ستذهب وحدك؟ أجابها : نعم، فلو كنا كثيرين لأحسّوا بنا .هذا ما كان من أمر نسيم، أمّا الأميرة غالية فقد كانت في خيمتها لما أتاها رسول، يخبرها أنّ السّلطان يريد مقابلتها ،وقد أرسل لها عربة ،وما أن ركبت حتى سارت بها بعيدا ،وحين حاولت الخروج منها لم تقدر ،ففهمت أنّها خدعة ،ثمّ جاءها الفرسان الأربعة الذين نفاهم الملك ،وحملوها لكوخ في جبل العقارب يستعمله الصّيادون ،وقالوا لها :سنبقيك هنا حتى يبيد قومك هذه المملكة ،وبعد ذلك سنتفاوض معهم على ثمن سخي لإطلاق سراحك !!! لكنّها غافلتهم ،ورسمت شيئا على ظهر يمامة بقلم الكحل ، ثم وشوشت لها، وأطلقتها ،فطارت إلى أن أنقذها نسيم من الصقر ،وعرف مكان الغالية .
لمّا وصل الصّياد للجبل ،دار فيه بحذر، فسمع أصوات تتحدّث، ولمّا إقترب رأى الفرسان مجتمعين حول نار ،وورائهم كوخ ،فقال في نفسه : لا شك أنّ الأميرة محبوسة هناك ،وسأحتال لإخراجها ،ثم إصطاد ظبيا سلخه، وغطى نفسه بالجلد ،واقترب منهم ،فقال أمهرهم في الصيد :سآتي بذلك الظّبي، ونطبخه ،لكنّه تأخّر ،ولم يعد ،فقال الثاني:سأذهب للبحث عن رفيقنا فاختفى أيضا ،شك الفارسان أنّ في الأمر مكيدة ،لذلك قرّرا إخراج الأميرة ،لكن سهما طار في الهواء وأصاب أحدهماف ي رقبته ،أمّا الأخير فما كاد يفتح باب الكوخ حتى وجد العقارب متجمّعة أمام الأميرة، ثمّ انقضّت عليه ،ومزّقته ،في تلك اللحظة ظهر نسيم ،فضمّها إلى صدره ،وقال :علينا أن نسرع ،فالقوم على وشك الإقتتال ،ولمّا وصلا إلى معسكرها فرح جنودها وخاصّتها ،ثم قالت للصّياد :أصلح من شأنك، فبعد سبعة أيّام سنتزوّج ،وآخذك إلى مملكتي، أجابها: حسنا ستأتي أمّي معنا .
ثم مشى إلى داره وهو يرجو أن لا يتأخّر أخاه ،وإلا أصبح في موقف صعب وصار كل يوم يخر،ج إلى أطراف الغابة، لعلّه يرى أخاه ،وشعر بالقلق، لكن في صباح اليوم السّابع رأى غبارا عظيما ،وظهر تحته قطيع ضخم من الخرفان ووراءه أخاه مع أمّه ،فسار إليهما ،فوجد سليم في أحسن زينته فقال له: ليس لي مال ،فنويت تقديم قطيعك لدى العشائر مهرا للأميرة ،فأجابه نسيم : كلّ ذلك هديّة لك يا أخي !!! لمّا رأت إمرأة أبيه مروءته مع إبنها ،قالت له : والله لقد أخطأت في حقك ،وأرجو أن تسامحني ،لم يردّ نسيم فلم ينس اليوم الذي حاولت فيه قتله ،لكنّه وعدهما بالمجيئ متنكّرا لرؤيتهما ،فلا يجب أن تعلم الأميرة أنّهما أخوين . حين وصل سليم مع أمّه إلى خيمتها إستقبلتهما بحفاوة ،وأعجب الفتى بجمالها ولطفها ،وكان الولدان متشابهان فلم تفطن للفرق بينهما ،وأقامت الأميرة عرسا عظيما حضره السّلطان والحاشية بعدما أخبرهم نسيم بسرّه ،ففرحوا بذكاءه ،وحسن تدبيره
وفي الغد أبحر أخوه مع زوجته إلى جزيرتها وعاش الجميع في سعادة ووئام وهكذا أصبح الأخوان الأقرعان من كبار الأمراء وتزوجا أجمل البنات بعدما كانا صيادان فقيران ،وذلك بفضل محّبتهما ،فأحبّ لأخيك ما تحبه لنفسك يرزقك الله من حيث لا تحتسب …
…
إنتهى وشكرا على المتابعة أصدقائي الكرام مع تحيات الكاتب طارق السامرائي