مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الصّياد والملك وبنت منصور وراء السّبعة بحور التفّاح الذي يفوح (حلقة 6 )

مرّت الأيّام والجارية تراقب السّلطان، ولمّا عرفت أنّه لا يمكنها دسّ شيئ في طعامه وشرابه ليقظة الزّوجة ،فكّرت في حيلة أخرى ،فأخذت فراشة ،ووضعتها على زهرة سامّة ،وحين إمتصّت ما فيها من رحيق، إقتربت من غرفة نوم السّلطان ،وأطلقتها ،فدخلت من النّافذة المفتوحة، وبدأت تحوم في الهواء ،فرآها الرجل ،ومدّ لها يده فوقفت عليها ،وفجأة جاءت إمرأته، وصاحت : ألم أوصيك أن لا تلمس شيئا قبل أن نفحصه ؟ ردّ عليها : ما هي إلا فراشة صغيرة،إلى متى سأظل حبيس هذه الجدران ،ومحروما حتى من إستنشاق زهرة أو لمس فراشة ؟ ردّت إمرأته ،وإسمها رقيّة: ليس قبل أن نعرف من يكيد لك داخل القصر ،ولماذا يفعل ذلك ؟ رمقها بطرف عينه ،ثم أطلّ من النّافذة ،فرأى جارية واقفة تحتها فتعجّب ،وقال : ويحها ماذا تفعل في هذه السّاعة المبكّرة ؟
جرت رقيّة لتراها، لكن الجارية هربت ،وبعد ساعة بدأ السّلطان يشعر بالتّعب، ثم سقط على الأرض ،فأرسل قيّم القصر في طلب العرّاف ولمّا فحصه ،قال لرقيّة :لقد أوصيتك بالحرص والحذر ،فلقد تسمّم زوجك ولن يفيق إلا بشيئ ربما لا يوجد في زمننا !!! سألته المرأة بلهفة :وما هو يا شيخ ؟،قطّب العرّاف جبينه ،ثمّ ردّ عليها : تفّاح جزيرة بنت منصور وراء السّبعة بحور !!! ولم تجد رقية بدّا من إحضار الفرسان،ولمّا مثلوا في حضرتها ،وعدتهم بنصف المملكة إن نجحوا بالحصول على تفّاحة من تلك الجزيرة . فاعتذروا عن تلك المهمّة ،فهم الآن ينعمون بالثّراء والجاه ،أجابتهم :إذن سأكلّم ذلك الصّياد زوج إبنتي دلال ،فلمّا سمعوا باسمه، إنزعجوا ،وقالوا لها :حسنا ،سنأتيك بما تريدين!!! وبينما هم يجهّزون سفينتهم ،ويلعنون حظّهم ،مرّ بهم فتى يدفع عربة داخلها أربعة كلاب جرباء ،ثمّ قال لهم: أرى الغمّ على وجوهكم ،فأين مقصدكم ؟
فذكروا له الجزيرة ،ومخاطر الوصول إليها ،فردّ :إن أعطيتموني ما أريد ،سأسافر بدلا عنكم ،فسألوه ،وماذا تطلب ثمنا لذلك ؟ أجاب : تبيعوني بساتينكم الخضراء مقابل هذه الكلاب ،لكنّهم رفضوا ،فقال : إذن تدبّروا أمركم ،وهمّ بالرّحيل، لكن نادوه ،وأخبروه أنّهم قبلوا عرضه ،أمّا نسيم، فقال في نفسه فقط السّحر يمكنه حملي إلى تلك الجزيرة العجيبة ،ثم ذهب إلى غابة تسكنها السّحرة ،فمشى حتى وصل إلى أعمدة عليها نقوش ، فترك فرسه يرعى، ثمّ إستلقى تحت شجرة وارفة الأوراق، فرأى نمرا يتسلّق غصنا ،ويقترب من عشّ كبير ،وقد علا صياح الفراخ ،فاستلّ سيفه ،وضربه على رأسه فقتله . و بينما هو كذلك إذ بطائر يحجب الشّمس ينقضّ عليه بمخالبه ،ولما رأى النّمر غارقا في دمائه ،والفراخ بخير ،خاطب الصياد :إني ممتنّ لك بإنقاذ صغاري، وسأجازيك على صنيعك، هيا قل لي ماذا تريد !!!
فكّر نسيم ،وقال :هل بإمكانك نقلي إلى جزيرة بنت منصور ؟ صاح الطائر : يا له من طلب غريب ،فذلك المكان تسكنه المردة والجنّ ،لكنّي سألبّي طلبك وفي إنتظار ذلك إملأ العشّ بطعام يكفي لستْة أيّام !!! فدار نسيم، ،واصطاد ثلاثة أرانب وضعها في العش، ثم أمره الطائر بأن يقطع النمر سبعة أجزاء ويجمعها في جراب ، وأن يرمي له قطعة كلما عبر بحراً ،ثم ركب الفتى ظهر الطائر، وعبرا خمسة بحور ،لكن في البحر السّادس سقط جزء من اللحم من يد نسيم ،.فاضطرّ الى قطع جزء من فخده وألقمها للطائر ،فقال له: هذه مالحة يا ابن آدم. وفي البحر السابع ظهرت جزيرة تحيط بها الأمواج ، ولما حطّ الطائر قرب قصر بنت منصور، لاحظ أنّ الدماء تسيل من فخذ الصياد، فقال له : لو لم تفعل ذلك لسقطنا معا في البحر ،وهلكنا ،لقد أصبح لك عندي دينان ،قال نسيم :لا عليك فالمسيرة الكبيرة يلزمها علوّ الهمّة أليس كذلك يا صديقي ؟

يتبع الحلقة 7

مع تحيات الكاتب طارق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق