مقالات

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (58)

بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
وأما السؤال الذي استهل فيه الكاتب الباحث الناقد بوكاي هذا الفصل هو: ” ألا يرى الكثيرون في مواجهة كتاب دينيٍ بالمعطيات الوضعية التي ينتمي العلم إليها أمرًا بِدعيًا في عصرنا؟” يقول بوكاي: ” الواقع أننا إذا استثنينا بعض الحالات النادرة نجد ان غالبية العلماء قد تشرّبوا النظريات المادية، وهم لا يُكِنّون في غالب الأحيان سوى عدم الاكتراث أو الاحتقار للمسائل الدينية، وكثيرًا ما يعتبرونها مجرد أساطير، وزيادة على ذلك فأننا عندما نتحدث في بلادنا الغربية عن العلم والدين، نغفل عن ضم الإسلام إلى اليهودية والمسيحية، فهذه أحكام غير صحيحة ومبنية على مفاهيم مغلوطة، والتي صدرت ضد الإسلام هي من الكثرة بحيث يصعب جدًا على المرء أن يكوّن فكرة سليمة عما عليه الإسلام في الواقع.”
– ويضيف بوكاي جملة منصفةً عندما يقول: ” لذلك فإذا أردنا اليوم أن نقدم لأية مواجهة بين الإسلام والمعارف فإنه يبدو لنا ضروريًا ولازمًا أن نقدم لمحةً عامة عن الإسلام، وذلك لأن الإسلام لطالما أُسيء فهمه في بلادنا.
– إن الأحكام المغلوطة تمامًا التي تصدر في الغرب عن الإسلام ناتجة عن الجهل حينًا وعن التسفيه المتعمد حينًا آخر، ولكن أخطر الأباطيل المنتشرة تلك التي تخص الأمور الفعلية، وإذا كنا نستطيع أن نغفر لأخطاء خاصة بالتقدير، فإننا لا نستطيع أن نغفر لتقديم الوقائع بشكلٍ ينافي الحقيقة، بل إننا لنصاب بالذهول عندما نقرأ في أكثر المؤلفات جديّة أكاذيب صارخة، برغم أن مؤلفي هذه المؤلفات هم بالمبدأ مؤلفون أكفاء، وإليكم مثالًا على ذلك: في دائرة المعارف (إنسيكلوبيديا يونيفرسال) الجزء السادس تحت عنوان: “الأناجيل” نجد إشارة لاختلاف الأناجيل عن القرآن، يقول المؤلف: ” إن المبشرين لا يدعون كما يفعل القرآن، نقل سيرةٍ ذاتية أملاها الله بشكل معجز على محمدٍ ﷺ وحقيقة الأمر ألا صلة هناك بين القرآن وما يسميه المؤلف:
“بالسيرة الذاتية” القرآن رسالة، ولو كان المؤلف قد استعان حتى بنسخ ترجمة للقرآن لثبت له ذلك، إن الدعوى تنافي الواقع هي الأخرى تمامًا، مثل الدعوى التي تعرّف الإنجيل بأنه سيرة ذاتية لمبشّر، إن المسؤول عن هذه الأكذوبة الخاصة بالقرآن هو أستاذ بجامعة اليسوعيين اللاهوتية بمدينة ليون، إن نشر أكاذيب من هذا النوع يساهم في إعطاء صورة زائفةٍ عن القرآن والإسلام.. وأما المزيد من هذه المقدمة فأتركه لمقالة الغد بمشيئة الله تعالى فكونوا عند موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1650)
26. ذو الحجة. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق