مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية ليلة الغنجة من الفولكلور السوري صاحبة الدّار ( الحلقة 3 )
لم تصدّق زينب هذه الحكاية ،فعن أي شيئ يتحدث الرّجل ؟ وهي لها ستة أشهر ،هنا ولم يجئها أحد لا في ليلة الغنجة أو في غيرها ،والقصر هادئ جدّا ،ولولا ذلك الكوخ، لأحسّت بالملل من حياتها هنا ،ولمّا رجعت إلى غرفتها قررت إنتظار زوجها لكي يخبرها عن سرّ الكوخ، وإلا رجعت لدار أبيها ،فهي لا تقبل أبدا أنّ شخصا يتعرّض لمعاملة سيئة في دارها ،لكن فجأة حانت منها التفاتة إلى الحديقة ،فرأت أختها دلال تمرّ أمامها بسرعة ،فنزلت من غرفتها ،وجرت وراءها حتى وصلت أمام الكوخ ثم إختفت عن الأنظار ،فطرقت الباب بقوّة ،ونادت على أختها بأعلى صوتها ،لكن لم يجبها أحد ،فأدخلت المفتاح في القفل وأدارته ،فانفتح الباب، ولدهشتها الشّديدة لم تجد شيئا قدامها لا امرأة ،ولا مدفئة ،فجالت بنظرها في كلّ الأركان ،ومن الواضح أنّ هذا المكان لم يدخله أحد من أقدم الأزمان ،فقد كانت خيوط العنكبوت تتدلّى من السّقف والغبار يغطي الأرض والحيطان .
لم تعرف الفتاة ما تفعله ،فلقد عصت أوامر زوجها رغم تحذيره لها ،ثم أغلقت الباب مرّة أخرى ،ورجعت إلى غرفتها، وهي تتلفّت وراءها ،ولما حل الليل بدأت الهواجس تتراكم في رأسها ،فماذا سيحصل الآن هل ستخرج لها تلك المرأة لتروّع لياليها ،وفي النّهاية نادت أحد الخادمات واسمها صفيّة وطلبت منها أ تبيت معها لأنّها تشعر بالوحشة ،ولمّا أخبرتها ما فعلته، شحب وجه الخادمة ،وقالت :لا بد أن أذهب، فلي عمل يجب أن أقوم به حضنت زينب قطّتها ،وانكمشت في فراشها بعد أن أحكمت غلق النّافذة والباب ،مضت الساعات ،وبدأت جفونها تثقل، وفجأة شمّت رائحة ،ورأت امرأة واقفة أمامها وقد إحترق وجهها ،لم تقدر الفتاة على الحركة أو الصّراخ لكن المرأة ظلت واقفة وهي ترمقها بنظرة مخيفة وتلوّح بيديها التين نمت أظافرهما حتى صارتا كمخالب السّباع .
وبعد قليل اختفت المرأة في الحائط ، أمّا زينب فقد أغمي عليها من شدّة الخوف ،ولمّا جاءت الخادمة صفيّة في الصّباح وجدتها مصفرّة الوجه ،وقالت لها : جاءتك تلك المرأة أليس كذلك ؟ هزت زينب رأسها ،ردّت الخادمة : والله لقد أوصاك سيّدي لكن لم تسمعي الكلام ،وحاولنا إبعادك عن الكوخ، لكن لم تأبهي بنا !!! سأصلي لكي يلطف الله بنا جميعا ،والأمر الجيّد أنّ المرأة لم تلمس جسدك هذا يعني أنّك ستعيشين، ذلك لا يمنع أنها ستعود ،إسمعي، لقد تزوّج سيّدي ستة فتيات وكلّهن فارقن الحياة لأنهن مثلك لم يسمعن الكلام ،لم تعد زينب تريد معرفة قصّة المرأة ،كلّ ما يهمّها هي كيف ستنجو منها ،والشيخ الذي قابلته في الطريق كان معه حقّ .
رجعت زينب لدار أبيها وكان شيخا صالحا يخاف الله ،فأخذ يقرأ عليها القرآن وكتب لها تميمة علّقتها في عنقها ،في اللّيل شاهدت زينب المرأة تقف خارج الدّار، وتنظر إليها، وتكرّر ذلك كلّ يوم ،وحين عاد زين إلى قصره نادى إمرأته وهو في أشد الشوق لها بعد هذا الغياب الطويل ،وأخبرته صفية بما حصل وبأنّها هربت لدار أبيها ،لعن الرجل حظه السيئ ،وقال في نفسه لو حصل لزينب شيئ فلن أسامح نفسى ،فلقد تعوّدت بوجودها معي ،ثم ذهب إلى دار أبيها وهو خائف عليها حين وصل إرتمت زينب في حضنه ،وهي تبكي ،وفرح زين لمّا أرى أنّها بخير ،ولم يفهم كيف نجت من الموت ،وقال لها :لقد حان الوقت أن أخبرك بحكاية شبح الكوخ ،وأنا آسف على ما حصل لك بسببي …
يتبع الحلقة 4 والأخيرة