منوعات

حكاية اللص وطائر الدّراج من حكايات الشّرق مهما أخفيت سرّك يظهر يوما

يُحكى أنّه في مملكة بعيدة عاش قاطع طريق أرهب المسافرين، وقد بلغ درجة ًمن الإجرام لا يعلمها إلا الله !! كان يباغت القوافل، فيأخذ كل ما معهم من مال ومتاع ثم يقتلهم !! وأكثر الناس من الشكوى إلى الملك وقد حاول بشتى الطرق والوسائل أن يمسك بذلك اللص ليقطع رأسه ،لكن لم يفلح ،فذلك الرجل يعرف خبايا الطرق ومجاهلها، وتمر الأيام و والحوادث تكثر من فعل هذا الخبيث ،فقرر الملك الحكيم أن يهادن هذا اللص : ليحمي الناس من شره ،ويضع حدّا لقطع الطرق على المسافرين والتجار .. فأرسل المنادي يصيح في المملكة أن يتوقف اللص عن إثارة الفوضى والملك يعطيه الأمان وأجرا يعيش منه ، بل ويجعله ضيفا على مائدته ليتصالح معه .
فرضي اللص وانقطع عن هذه الأفعال والچرائم ،ثم ذهب إلى قصر الملك الذي سامحه على ما فعله، ودعاه للعشاء مع خاصته وهو يظن أنه حلّ المشكل، لكن هذا اللص الآثم لم يفكر لحظة واحدة في التوبة ، رغم ما فعله الملك معه ،وكان يظن نفسه في منأى عن العقاب ،وأكثر دهاء من كلّ الحراس والأعوان. جلس الجميع حول المائدة ، وكانت مليئة بأصناف الطيور المشوية ، ومن ضمن الأطباق كان واحدا فيه طير اسمه ( الدُرّاج ) ،وقد فاحت رائحته، فلما وقعت عينا اللص عليه أشار إليه بإصبعه ، وضحك عاليا ،ولم يتوقف عن لمسه بعود كان في يده !!! فما كان من الملك ورجاله إلا أن ضحكوا معه .. ثم قال له الملك وهو ما الذي يضحكك يا رجل ؟!! كأنّك لم تر درّاجا مطبوخا من قبل ؟
أجاب اللص : أبدا يا مولاي ،ولكن لهذا الطائر قصة معي، قال الملك : قصها علينا إذن ، ردّ اللص : بينما كنت كامنا قرب وادي ، مر بي يوما رجل يركب ناقة ، فأمسكته ، وأخذت منه ماله، وجردته من ثيابه !! ثم قلت له سأقتلك ،فبكى الرجل ،وتوسّل إليّ قائلا: مالي وأخذته، و ثيابي جردتني منها!! وأنت لا تعرفني وليس بيننا ثأر ،ولماذا تقتلني إذن ؟!! أرجوك عندي أطفال، فدعني أمضي، ولن أخبر عنك أحدا .. فقلت  له : لا تحاول ، أنت ميت لا محالة ،فأوثقت يده خلف ظهره ، ثم جذبته لصخرة لأقطع رأسه عليها ، فإذا بطائر درّاج يهبط على الصخرة ،ويقف أمام الرجل ،فنظر إليه وقال : اشهد أيها الدُرّاج بأن هذا الرجل قتلني ظلما ، كان اللص يحكي هذا إلى الملك، ويقول له وهو يضحك :انظر أّيها الملك إلى غباء هذا الرجل ،شخص في قمّة الغفلة !! أنا أهمّ بضرب عنقه ، وهو يقول : اشهد يا دُرّاج !! يُشهد عليَ طائرا ، حقا رجل سخيف لم يبق إلا أن يشهد عليّ فراشة !!!
وهنا توقّف الملك عن الضحك ،واحمرّ وجهه غضبا ودارت عيناه في رأسه ،ثم قال : خذوه ،واضربوا عنقه، فصاح اللص بفزع : ولم أيّها الملك ؟ أجابه : لقد قبلنا فيك شهادة الدُرّاج !!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق