مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية ليلى الغنجة من الفولكلور السوري الأختان والتاجر الغريب ( حلقة 1 )

يحكى أن تاجرا غنيّاً إسمه زين كان قد تزوج عدة مرات، وفي كلّ مرّة كانت زوجته تموت بعد أشهر قليلة من الزواج، حتى اشتهر أمره في الناس ، فأصبحت كل عائلة ترفض تزويجه ،لكي لا يلحق بناتهم مصير من سبقهنّ من صبايا المدينة ،وكلهنّ فائقات الجمال، وذوات حسب ونسب. ولم يشفع لذلك الرجل غناه والقصر الذي يعيش فيه ،وشاع أن لعنة تصيب كل فتاة يتزوّجها ،وتنتهي بموتها. ولمّا أعيت ذلك الرجل الحيلة ذهب إلى قرية بعيدة لا يعرفه فيها أحد ،وأخذ يدور ويسأل حتى دلّوه على فتاة إسمها دلال معروفة بجمالها، ،ولما ذهب لأهل الفتاة ،وجد أنهم فقراء ،وبالكاد يجدون ما يأكلونه ،فطلب يدها ،ووعد أباها بعشرين عنرة مهرا لها ،ففرح أبوها الشّيخ نبهان، وقال له : إني لا أطيق فراقها ، فاتّق الله فيها !!! أجاب التاجر: لن تر مني دلال إلا خيرا إن شاء الله ،وبعد شهر أقيمت الأفراح ثلاثة أيام و ثلاثة ليالي، وبعد أقل من شهرين ،مرضت الفاة وهزل بدنها ولم تلبث أن توفيت ،ولم سمع أهل تلك القرية بما حدث بكوا عليها وناحوا ،فلقد كانت من ألطف بناتهم ،ولا تزال في ريعان الصبا.
وكان لدلال أخت إسمها ليلى ،ولما سأل عنها ،قيل له إنها أقل جمالا من أختها لكنها مطيعة ،ولا تفعل إلا ما يأمر به والداها، وقال في نفسه: هذا بالضّبط ما أريده به فتقدم إلى الشيخ نبهان لخطبة ليلى، ، ولكن أباها وإخوتها السبعة رفضوا ذلك، فهي البنت الوحيدة المتبقية ،ويخشون أن يقع لها مكروه مثل أختها، فدلال كانت صحيحة البدن ،ولا يعرفون ماذا أصابها ،لتموت فجأة ،وتغرقهم في الحزن ،ولكن البنت أكّدت رغبتها في الزّواج من ذلك الغنّي، فربّما تكون أحسن حظا من أختها ،ولن تجد فرصة أخرى ،فهي قليلة الجمال ،وتعرف أنه لفقر أبيها ،فأقصى ما تحلم به هو راعي ،و أجير لا ترى معه إلا العري والجوع . لم يجد الأب بدّا من الموافقة ،خصوصا لمّا عرض عليه زين ضعف المهر الذي أخذته أختها دلال .
وبعد الزواج، أخذ الرجل امرأته إلى القصر، فتعجبت ليلى من فخامته، فلقد كان كبيرا يحتوي على عشرين غرفة ، و البلاط من الرّخام الأبيض أما الحيطان فهي مليئة بالنقوش البديعة والرسوم ،وبعد أن دار معها في القصر وأراها الحديقة وما فيها من أشجار ،هموا بالدخول لكن البنت لمحت في أحد الأركان كوخا خشبيا قد غطته النباتات ،فقال لها أوصيك بعدم الإقتراب من ذلك الكوخ وإلا فإنك ستندمين ،فألحت عليه أن يخبرها عن قصته ،لكنه رد عليها بغلظة لم تعهدها منه :إسمعي لا تفسدي علينا زواجنا ،هل فهمت ؟
لم تفهم الفتاة سبب غضبه ،لكنها لما إستدارت لتذهب خيل إليها أنه من ينظر إليها من النافذة ،لكنها صمتت ،وزوجها عنده حق فما يهمّها من أمر الكوخ ،مرت الأيام وزينب تعيش أرغد عيش وحظيت من زوجها باإهتمام والحبّ، وزاد تعلقه بها خصوصا لما لاحظ أنها لا تخالف أوامره، واستغرب الجيران لما مرت ستة أشهر والفتاة بأحسن حال ،ولم يظهر عليها ذلك المرض الغريب الذي كان يصيب كل زوجة سكنت هذا القصر ،واعتقدوا أن اللعنة التي كانت فيه قد إنتهت ،لكن لا أحد منهم يعلم بقصّة الكوخ ،فالقصرقديم جدا من زمن المماليك ،ولم يبدأ الناس يسكنون في هذا المكان إلا منذ زمن قريب ،وشيئا فشيئا أصبح حيا كبيرا …

يتبع الحلقة 2

حكاية ليلة الغنجة من الفولكلور السّوري فتاة في الكوخ ( حلقة 2 )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق