مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية إبن الصّياد والطائر الأسود من الفولكلور السّوري ساحرة وسط القرية (حلقة 3 )

لمّا طرقت السّاحرة الباب كان الولد في الخارج يلعب مع إخوته، فاستقبلتها الأمّ، وهي لا تدري من أمرها شيئاً، و أمسكت العجوز بكفّ المرأة ،وقالت لها :أرى في الخطوط أنّك كنت فقيرة الحال حتى ناب الله على زوجك بمال كثير فبنى لك هذه الدّار الجديدة ،وأتى لك بكلّ هذا الخير !!! ثم صمتت هنيهة ،فصاحت المرأة : أرجوك ،واصلي حديثك ،وقولي لي ماذا ترين أيضا !!! ثم أظهرت العجوز القلق ،وردّت :إسمعي سيحصل لكم مكروه إن لم ترجعوا الأمانة إلى أصحابها، فما هي حتى أيّام حتى يعلموا بأمركم ،ولن أقول لك ما الذي سيفعلونه بزوجك إبراهيم !!! فخافت امرأة الصّياد كثيرا ،فكلّ ما سمعته صحيح ،إبتسمت العجوز لمّا شاهدت إرتباكها ،فاللّص في هذه الدّار، و المؤكّد أنّه ليس زوجها ،وربّما يكون أحد الصّبيان الأشقياء ،فسألتها عن عيالها، فقالت :لي بنت،و ثلاثة ذكور ،ومنذ أشهر استبنيت أنا وزوجي واحد آخر وجدناه ضائعا ،فلمعت عينا العجوز ،وسألتها :أين هو الآن ؟ ،فنادت المرأة سعد ،ولما رأته السّاحرة أدركت بفراستها أنّه اللّص ،فقد كان بادي الذّكاء ،والفطنة ،أمّا الولد ،فتظاهر بالبراءة ،وقال: نعم يا أمي !!! فأجابته : إسمع يا إبني، لو أخذت شيئا ،فأرجعه إلى أهله ،هل فهمت ؟ أجاب سعد: نعم ،سأفعل ذلك ،قالت العجوز :حسنا سأنصرف الآن ،فأعطتها المرأة خمسة دراهم أجرتها .
ولمّا همّت بالإنصراف ناداها سعد، وقال لها :ما رأيك أن نقتسم ما في البئر وتكتمين كلّ ما عرفته من أمرنا !!! ،فرحت السّاحرة ،وقالت في نفسها :سآربح نصف الذّهب ،ولن يمنعني ذلك من الوشاية به عند السّلطان ،وآخذ مكافأة من عنده ،ثم سارت وراءه ،وهي تلتفت حولها حتى وصل إلى البئر الذي فيه الكلب،ثمّ قال لها :إنّه ليس عميقا ،سأنزل وآتيك بالذّهب .إنتظرت العجوز ،ولمّا تأخر عليها، إقتربت لتطلّ عليه ،فصاح سعد: تعالي يا سليمة !!! عندنا ضيفة، وفجأة سمعت السّاحرة رفرفة طائر ورائها ،ولمّا دارت، نقرتها الحدأة في عينها ، فسقطت تلك اللئيمة وسط البئر ،وتحطّم وجهها،ثمّ تركها هناك ،و ذهب إلى القصر، وانتظر حتى جاءت عربة المؤونة، فتسلّل داخلها، ووجد زيرا مليئا بالعنب، فأكل منه حتى شبع ،ثمّ إختفى وسطه، وغطى رأسه ببعض العناقيد حتى لا يراه أحد .ولمّا دخل القصر خرج في الليل، وسرق الذهب، ثم رجع إلى عربة المؤونة، وإختفى في زير فارغ ،وفي الفجر غادرت العربة إلى السّوق كعادتها، أما سعد فقفز منها ،ووجد الحدأة في إنتظاره، ولمّا رأته ضحكت، فلم تر أشدّ مكرا منه رغم سنّه ،ولما وصل للقرية، قال للسّاحرة :عودي الآن لمولاك، ثم أركبها بغلا أجرب، ورجعت إلى القصر بكماء و عوراء ،وفي أسوء حال من الجرب .
وفي الصّباح إكتشف السّلطان سرقة الخزينة ،ولما وصلت الساحرة ،ورأى ما حصل لها جن جنونه ،ولم يقدر أحد على تهدئته ذلك اليوم ،لكن إبنته نور وهي فتاة عاقلة وذكيّة إقترحت عليه أن يخفي عنكبوتة سامّة في أحد أكياس الذّهب، ويتركه مفتوحا ليكون طعما للسارق ،وكان أحد الحرّاس قد رأى الكيس، وقال في نفسه: لو أخذ قليلا من الذهب،فلن يشكّوا فيه ،لأنّ اللّص يأتي دائما من خارج القصر،وفي الليل فتح الباب، وأدخل يده ،فقرصته تلك العنكبوتة ،وقتلته .وفي الصباح وجدوه ملقى على الأرض ،وقال السلطان : لقد خدعنا هذا الحارس ،وأكيد أنّ له شركاء ،وسنصل إليهم ،فأمر بتعليقه على شجرة في ساحة المدينة،،ومنع أهله من البكاء عليه، ودفنه قبل أن يعرف من معه .وحزنت زوجته عليه وحين سمع سعد بالحكاية ،ولم يعجبه ذلك الظلم فنزل للسوق واشترى حمارا حمله بالجوز ،وطلب من امرأة الحارس أن تقترب من زوجها ،ثم تسقط الجوز،ولما فعلت ذلك تناثر ما في الكيس ،وجثت المرأة على ركبتيها، وبدأت تبكي وتصيح:جوزي ،لقد ضاع جوزي ،والناس يظنون أنّها تبكي على الثّمار ،ثم تسلّل الولد في الليل ،ولمّا غفى الحرس، وضعه في عربة ودفنه، وأخبر إمرأته بمكانه ..

يتبع الحلقة 4

بقلم : احمد  حمدي/ حكايات زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق