الدين والشريعةالرئيسية

إختلاط الحابل بالنابل (4)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة

كيف تكون الرحلةُ في عالمِ الفوضى؟
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
كلما زاد الطُّغيان أبشِر بالفَرجْ، ولكن!
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فلمّا استحْكَمَت حلقاتُها
فُرِجتْ وكنتُ أظنّها لا تُفرجُ
أشارت هذه الابيات التي نظمها الإمام الشافعي إلى وجوب الثقة بالله تعالى في تجاوز الازمات مهما تصاعدت ومهما بلغت في حدتها وشدتها وقسوتها، ويمكن أن يُفهَم من أن تصاعد الأزمات وشدتها على أنها اختبارات أو تجارب تمر بها الأمة قبل حدوث الفرج أو النجاح أو التغيير المنشود، وقد يُنظر إلى الأوقات العصيبة باعتبارها فرصة لتعزيز الصبر والثقة بالله تعالى واللجوء إليه، وربما تكون الأزمات مقدمة لظهور حلول أو إنقاذ من الله تعالى فيما قد يمر بنا من مشكلات أو معضلات في دوائرنا الضيقة الخاصة، كما أنه ومن باب أولى سوف يفيدنا فيما يحيط بنا كمجتمعات مسلمة، أو حتى على صعيد ما يحيط بنا كأمة، فالثقة بالله عامل أساس لتجاوز جميع المعضلات، في الوقت الذي نرى فيه تكالب الأعداء من كل حدب وصوب وتوجيه سهامهم المسمومة نحو جميع الميادين والمجالات التي تنشط فيها الأمة، وحصول كثير من الأمور المؤلمة المحزنة؛ سواء كان ذلك مادياً محسوساً مثل انتهاك الأعراض، أو استلاب الأرض، أو وقوع احتلالٍ لها أو غير ذلك، أو ما كان معنوياً فيما تعلق باختراق الأفكار، والغزو الفكري، وإثارة الشائعات، وكثرة الشبهات ونحو ذلك، فلعلنا في إشراقات كتاب ربنا وفي ظلال سنة نبينا ﷺ وعلى أرضية تاريخنا المشرق الوضيء، ومن خلال واقعنا الذي نتأمله بكل هذه المعاني والمعالم؛ أن نتلمح طريقاً واضحاً نافعاً مفيداً بإذن الله تعالى، ولذلك لا بد بداية من:
– التثبت والتبين
فهما من المعالم الواضحة في منهج الإسلام؛ إذ لا ينبغي التعجل فيما لا تُستَجلى فيه الحقيقة، ولا يجوز القيام بأي رد فعل تغيب فيه القرائن والإثباتات في أي أمر من الأمور سواء كانت صغيرة او كبيرة قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (الحجرات:6)، وكم من خبر في أمورنا الخاصة وحياتنا الشخصية تلقيناه دون تمحيص، ورمينا بها آخرين، وجزمنا بوقوعهم في الخطأ، ثم تبين بعد ذلك أننا لم نع ما سمعنا وما قمنا به من ردة فعلٍ، وأننا تجاوبنا فقط مع عواطفنا ومشاعرنا دون أن نتثبت كما جاء في المنهج القرآني… وفي مقالة الغد بمشيئة الله سوف نستجلي معًا المزيد من التصرفات المطلوبة عند حدوث الأزمات فكونوا على الموعد بارك الله فيكم
– مقالة رقم: (1575)
08. شوال. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق