مقالات
العشرُ الأواخر أقبلت، فاغتنِم نفحاتها (33) بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة- * من تجليات ليلة القدر (3)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
قدّر الله تعالى أن تكون هذه الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، كما قدّر عزّ وجل أن تكون ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر المبارك، حيث يجتمع فيها المسلمون للعبادة آملين أن تكون هي الليلة الموعودة والمنتظرة والمرتقبة ليلة القدر، فهذه من الفضائل أكرم الله بها هذه الأمة المرحومة، أمة الرسالة، أمة الإسلام،
ومن فضائل الأعمال الخاصة بالجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل الذي شارف على الرحيل الإكثار من:
– الصلاة على سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد ﷺ
– الحرص على الذكر والصدقة والدعاء، والتأكيد على أهمية استغلال هذه الفرصة لتعظيم الحسنات والتقرب إلى الله عز وجل
– الحرص على تلاوة القرآن ولا ننسَ قراءة سورة الكهف
– إحياء سنّة الاعتكاف في المساجد للقيام بالعبادات الفردية والجماعية مع سائر المسلمين، وأما ما يحدث في ليلة القدر فإنه ليس بالأمر اليسير حيث يفوق ثواب العبادة في هذه اليلة المباركة، الليلة الواحدة عبادات ثلاثة وثمانين سنة متواصلة حيث تكتب فيها أقدار العباد وأرزاقهم، {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (الدخان: 4) الأمر الذي يوجب على كل مسلمٍ أن يغتنم هذه الليلة المباركة وعدم تفويتها بأي حال من الأحوال، فلا أحد يعرف إن كانت ستُتاحُ له الفرصة مرة أخرى لإدراك ليلة القدر في رمضان المقبل أم لا؟، خاصة وأن رسول الله ﷺ أوصانا بتحرّيها في الليالي الوترية في العشر الاواخر من رمضان في كل عام، وها نحن اليوم سوف نعيش سابع تلك الليالي.
– وقال ابن كثير في حديثه عن تنزّل الملائكة في هذه الليلة المباركة؛ -ليلة القدر-: “يكثر تنـزّل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنـزلون مع تنزّل البركة والرحمة، كما يتنـزّلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحِلَقِ الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدقٍ تعظيمًا له، وأنَّ الملائكةَ في تلك الليلةَ تكون أكثر في الأرض من عدد الحصى، فيَقْبَلُ الله التوبةَ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبوابُ السماء، فالرحمات والنفحات الربانية مفتوحة في هذه الليلة، كما أن الملائكة في حال صعود وهبوط”
– وجاء في فضل ليلة القدر أنها فُضّلت بأربعة أمور، هي: “نزول القرآن، ونزول الملائكة، ونزول الروح، ونزول السلام”، وعن نزول الملائكة في ليلة القدر وهي ذات القَدرِ والمكانة الرفيعة، لأنها مطهرة من الرذائل، ملهمة للتسبيح والطاعة، ونزول الروح: إن حملنا الروح على معنى الرحمة والخيرات، كما هو قول أحد المفسرين”
وأما نزول السلام، فكونها ليلة آمنة سالمة، فالسلام من أخص خصائص المسلم، أي يكون قلبه سليمًا، ولسانه سليمًا، ويده سليمة، ونفسه سليمة، وجوارحه كلها سليمة، ويعامل الناس بسلام، ويشعُر الناس معه بالأمن والسلام، وهذه من أعظم الأمور التي تجعل الإنسان المسلم ذا قدر، ولذلك لا بد للمسلم أن يقتبس من ليلة القدر سرّ القدر… فنسأل الله تعالى أن يبلغنا إياها، وأن يتوب علينا فيها، وأن يغفر خطايانا، ويرحم أمواتنا ويرفع فيها عن هذه الأمة كلّ بلاء…
– مقالة رقم: (1564)
ضمن سلسلة:(رمضان أقبل بالهُدى، فاغتنِم نفحاته)
26. رمضان. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد، وجمعة مباركة،ورمضان كريم
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)