مكتبة الأدب العربي و العالمي
الفتاة_والمارد الجزء الثاني والأخير
ولما استدارت هيلغا لتهرب رأت ماردا ضخما بثلاث رؤوس يقف في مدخل الكهف يتبعه كلب أسود ضخم…
اصيبت هيلغا برعب شديد ولكن بما انها مولعة بالحيوانات فقد مدت يدها وربتت على الكلب، ثم استعادت شجاعتها تماما عندما قال المارد بصوت رقيق: “لقد قمت بكل شيء على أكمل وجه ولهذا يجب أن تأخذي حصتك، اجلسي على هذا الكرسي وشاركيني طعامي وبعدها يمكنك أن تأخذي معك إلى البيت الفحم الذي أتيت من أجله”
تناول المارد طبقا عن الرف وقدم لهيلغا بعض الحساء وانتقى لها قطعة طرية من اللحم، وفي هذه اللحضة بدأت الأرض تهتز وترتج ثانية وسمع صوت كقصف الرعد أرعب هيلغا كثيرا..
طلب المارد منها بلطف أن تجلس إلى جانبه وتنهي حساءها ثم قام وأحضر لها بعضا من الكعك الذي صنعته وما إن گإنتهت من أكل الكعك حتى بدأت الأرض تهتز مرة أخرى وقصف الرعد وأضاءت الكهف ومضات متتالية من الضوء، خافت هيلغا كثيرا وركضت إلى المارد لتحتمي به وعندما تشبثت بذراعه توقفت الأصوات، وعندما ذهب الظلام اكتشفت هيلغا أن المارد اختفى وأنها تمسك بذراع امير شاب بهي الطلعة..
قال: “لا تخافي لا أعرف كيف أشكرك يا فتاة لأنك أنقذتني من السحر المريع الذي حكمت به علي الساحرة الشريرة” جوندومار” عند ولادتي، أنا “تروكويل ” إبن الملك “أوزبرت” الذي يحكم الجزيرة المجاورة، ولأن والدي رفض الزواج من جوندومار واختار أمي بدلا منها فقد حكمت علي جوندومار بأن أعيش كوحش بثلاثة رؤوس إلى أن التقي فتاة تثق بي وتعتمد علي بالرغم من مظهري المرعب…
قال الأمير تروكويل هذه الكلمات وجلس إلى جانب هيلغا على حجر مغطى بطبقة ناعمة من الطحالب، فبدأت هيلغا تخبر الأمير قصتها ولماذا جاءت إلى الكهف كما اخبرته بما حدث، لأختيها عندما جاءتا إلى ذلك المكان للغرض نفسه، واضافت أن عليها ان تسرع عائدة بالفحم وإلا فإنا والداها سوف يوبخانها ويضربانها..
أجابها الأمير: “لن يعاملك أحد بالسوء بعد الآن”
ودخل إلى مكان ثم عاد حاملا بين يديه صندوقا وحزمة صغيرة وقال لها: “انظري ان هذا الصندوق يحتوي على الذهب والجواهر والاحجار الكريمة يمكنك ان تعطي اختيك بعضا منها، اما هذا التوب فعليك ان ترتديه تحت ثيابك عندما تصلين الى البيت واحرصي على ان لا يراه أحد”
قال ذلك وهو يفك الحزمة ويخرج منها ثوبا رائعا صنع من الذهب والفضة وزين بالاحجار الكريمة..
لم تستطع هيلغا ان تكتم صرخة الإعجاب عندما رأت الثوب الجميل وشكرت الأمير بحرارة على هداياه الرائعة..
بعد ذلك ملأ تروكويل مجرفتها بالفحم المشتعل وحملها من أجلها إلى أن أصبح الكوخ على مرأى منهما، عندئد توقفا واخذ الأمير يدها ووضع خاتما ثمينا في اصبعها..
قال الأمير: “عزيزتي هيلغا احتفظي بهذا الخاتم ولا تسمحي لأحد بأن يأخذه منك، فبعد بضعة أيام سآتي لخطبتك اما الآن فعلي أن أعود إلى والدي لابلغهما بالنبأ السعيد بأن السحر اللعين قد زال أخيرا”
بهذه الكلمات ودع هيلغا التي تابعت طريقها عائدة للبيت
لما وصلت إلى الكوخ ورأى العجوز وزوجته وابنتيهما أنها نجحت في احضار الفحم، ولأول مرة في حياتها تلقت هيلغا كلمة ثناء، وعندما اخرجت الصندوق وقبل أن تفتحه ، استولت الفتاتين عليه وتقاسمتا ما فيه واعادتاه فارغا إلى هيلغا، وكان من الممكن جدا أن تأخذا ثوبها الجميل أيضا لو انهما علمتا بأمره، لكن بعد أن تركها تروكويل وحدها أخذت هيلغا حذرها فلبست الثوب تحت ردائها القديم، ولهذا لم تعرفا شيئا عنه..
مرت عدة ايام وعادت الأمور إلى سابق عهدها،
فريدجوند واولغا تتزينان بالجواهر وتتقاتلان عليها طوال النهار، اما هيلغا فقد كان عليها انا تقوم بكل الأعمال كالسابق….
وذات يوم خرجت الأم إلى المرج لتجمع بعض الأعشاب وعندما عادت اخبرتهم أنها رأت سفينة كبيرة وجميلة ترسو على الشاطئ قريبة من كوخهم، فأسرع العجوز إلى الشاطئ عله يعرف من هو صاحب هذا المركب الجميل، وانتظر الرجل الغريب والذي كان شابا وسيما حتى نزل إلى اليابسة وبدأ الحديث معه، ورغم أنه انهال عليه بالأسئلة إلا أنه لم يستطع أن يعرف اسمع..
ثم بدأ الشاب بطرح الأسئلة فسأله عن عدد أولاده،
أجاب العجوز: “لي ابنتان فقط ثم أضاف وهما طيبتان وجميلتان جدا وعندما أخبره الشاب أنه يرغب برؤيتهما رجع العجوز فرحا إلى الكوخ حيث كانت ابنتاه الكبرى والصغرى قد لبستا وتزينتا بالجواهر التي اخذتاها من صندوق هيلغا..
قال الشاب الغريب للعجوز انه فرح بلقاء الفتاتين وسأله:” لماذا تربط إحداهما يدها وتضع الثانية منديلا على أنفها؟ ”
في البداية أخبره العجوز انهما تعرضتا لحادث وانزلقتا عن المنحدر، ولما أصر الشاب على ان يعرف تفاصيل أكثر عن الحادث.. اضطروا أن يحكوا له قصة الكهف والكلب..
قال الشاب الغريب: “من المؤكذ أن لك ابنة أخرى ، وأنا أعرفها جيدا فهي تعامل الحيوانات برفق”
أنكر العجوز وزوجته في بادء الأمر وعندما ألح عليهما الغريب اعترفا ان لهما ابنة ثالثة لكنها قبيحة وكسولة وشريرة كما انها تشبه الحيوان المفترس، أكثر من الكائن البشري..
بالرغم من كل هذا أخبرهم الغريب أنه يود رؤيتها وهكذا أجبروا على مناداتها..
خرجت الفتاة البائسة من المطبخ مرتدية الثياب الرثة نفسها، لكن عندما تقدم الأمير نحوها وأخذ يدها انزلق ثوبها البالي عن كتفها، وهناك وقفت هيلغا وسط غيظ ودهشة اختيها مرتدية الثوب الجميل الذي قدمه لها الأمير..
وبخ الأمير تروكويل الوالدين العجوزين وابتيهما الشريرتين لقسوتهم وفظاظتهم ، وأجبر الفتاتان على إعادة المجوهرات الى هيلغا التي توسلت إليه أن يسمح لهما بالاحتفاظ ببعض منها ولما وافق الأمير اعطت كل واحدة منهما عقدين وسوارين وزوجين من الأقراط ودبوسي زينة..
بعد ذلك أخذ الأمير تروكويل هيلغا على متن سفينته الجميلة حيث رحبت بها أخته أجمل ترحيب، وعندما وصلوا إلى بلده كان الملك أوزبرت وزوجته الملكة قد أعدا لهما حفل زفاف رائع فتزوج الأمير تروكويل وهيلغا وعاشا معا بسعادة…..
قصص حكايا العالم الاخر