مكتبة الأدب العربي و العالمي
قصة الحراث وابنة الجار / داخل مقپرة الملوك الحلقة 5
أما محمد نفسه فقد تغير كثيرا منذ عشرة أيام فلم يعد يخرج للصيد أو يرافقها في الغابة وصار يغيب طويلا في المغارة التي يأوي فيها عنزاته و يمضي الليل هناك وفي البداية لم تكن حنان تهتم لذلك وقالت لها حدة أن ولدها يحب الوحدة وله حيوان يطعمه ربما كان حمامة أو حجلة لكن البنت الآن بدأت تستغرب وقالت في نفسها لماذا لا يشتري خيمة يبيت فيها فهو لا ينقصه المال وماذا يفعل هناك كل هذا الوقت فحتى الجبن تصنعه أمه ولا أعتقد أنه زاهد فهو يحب الأكل واللباس الجيد و لم تعد حنان متحمسة للزواج وقررت أن تماطل حدة وتساءلت إن كانت ما أحسته تجاه الصياد ليس سوى مجرد مشاعر زائفة بقيت البنت عد ة أيام تفكر وانتابها القلق وكان لا بد من رؤية شعبان فلقد شعرت أنها تشتاق إليه وفي الحقيقة فهي لم تقدر أبدا عن نسيانه .
في الأسبوع المقبل ألحت حنان على المرأة لتحملها إلى السوق وقالت لها أنها تريد شراء قفطان ومبخرة فضية فكلمت ولدها الذي وافق على مضض فلها صندوق مليئ بالثياب والتحف ولما وصلت بجوار حائط تظاهرت بالإعياء فقالت لمحمد وأمه إشتريا لي ما طلبته منكما أما أنا سأستريح قليلا !!! وبمجرد أن إبتعدا قامت تبحث عن شعبان فهي تعلم أنه يجيئ إلى السوق وبعد قليل رأته وهو يدور وبجانبه حماره فجرت إليه وقالت له لا وقت عندي ما الذي تعلمه عن الصياد إندهش الفتى من وجود حنان لكنه أجابها أبوه دجال و يدعي أنه يقرأ الطالع ويعرف الغيب لكنه ماټ منذ مدة وكما يقال إبن الفأر يطلع حفار وواصل الإبن مهنة أبيه !!! لكن أين أنت الآن أجابته في خيمة على قمة الجبل وبقربها عين ماء وغار كبير وأنا لا أعرف إن كنت سأواصل البقاء أم لا وباستثناء تلك المرأة الطيبة ليس هناك ما يعجب إسمع!!!سأنصرف الآن فمحمد عصبي المزاج .
وما أن رجعت حتى رأت حدة وابنها قادمين ومعهما قفة مليئة بالخيرات ففتحت لها المرأة قرطاس فيه حلوى باللوز والسمسم وقالت لها كلي لتستردي قواك ولقد إشترينا لك ما طلبته وزيادة أكلت حنان من تلك الحلوى وأعجبتها ثم قالت إعدادها ليس صعبا وإذا أتيتموني بكل ما يلزم سأصنعها وأبيع منها ويكون لي حصة من المال !!! ظهر الإنزعاج الشديد على وجه محمد وقال أنا سأبيعها لك لست مجبرة على الجلوس في الأسواق أجابته حنان بالله عليك هل تعتقد أنني سجينتك لما كنت في دارنا كنت أخرج مع إخوتي ونرى الناس ونحضر الأعراس لا يبدو أننا سنتفاهم وكعادتها لطفت حدة الجو لكن حنان كانت متوترة بعد كل ما سمعته فسحبها محمد من يدها بقوة وأركبها الحمار وقال لها بغلظة تذكري أنه لولا وجودي تلك اللية لأصبحت طعاما للذئاب .
صمتت حنان وشرعت في البكاء وكان هناك رجل واقف يتفرج على ما يحدث ولما إنصرفوا تبعهم من بعيد حتى رآهم يصعدون الجبل ثم قال وأخيرا عرفنا من الفتى الذي شاهدك الحراث معه والمكان الذي تختفيان فيه !!! كان ذلك الرجل أحد جيران إخوة حنان وجرى ليعلمهم بالخبر ليخرجوا ويقتلانهم معا لما وصلت حنان إلى الخيمة بقيت صامتة وحاول محمد أن يعتذر عن غلظته معها وقال إنه يحبها ويغار عليها فهي جميلة ولا يطيق رؤية نظرات الإعجاب في عيون الباعة والمشترين ثم تركها وإنصرف للغار فانتظرت البنت قليلا وسارت وراءه فرأته من بعيد يلتفت خلفه ثم يدخل بعد أن أشعل عودا من الحطب ودون تردد دخلت وراءه ومشت في رواق ضيق وفي نهايته رأت قبورا منبوشة وعظاما متناثرة لملوك وذلك الصياد منحن عليها ينتزع من أصابعها خواتم الذهب ومن رقابها القلائد الثمينة فأطلقت حنان صړخة مدوية وأغمي عليها …
من قصص حكايا العالم الآخر