نشاطات
الحسناء_وغصن_الرمان_المسحور الجزء الاول والثاني
عاش ذات مرة سلطان انتابه الضجر الشديد في القصر، فقرر أن يقوم برحلة مع وزيره. وقبل رحيله، دعا وزيره وقال له:
«لكي يظل رحيلنا مجهولاً، ابحث عن رجل يشبهني وأجلسه على العرش».
فسأل الوزير السلطان كيف يمكن لمثل هذا الرجل أن يوجد .
قال السلطان: «دعنا نتجول في المدينة لبضعة أيام، وسنجد واحداً».
تنكر السلطان والوزير وخرجا يعملان على تنفيذ غرضهما.
دخلا إلى نزل لنيل بعض المرطبات وقابلا هناك أحد السكارى يشبه السلطان شبهاً كبيراً. اختليا بصاحب النزل جانباً وأخبراه أن يدع ذلك الرجل يشرب حتى يفقد وعيه، وعندما يحل الظلام يقوم برميه إلى الشارع.
فعل الرجل ما أمراه، وفي منتصف الليل
أرسل السلطان الوزير ليجيء بالرجل سراً في سلة إلى القصر.
وفي القصر، غسل الرجل وألبس الملابس الملكية ووضعه في سرير السلطان الخاص.
صار الآن كل شيء جاهزاً لأن ينطلق السلطان
ووزيره في رحلتهما.
عندما استيقظ صاحبنا السكير في صباح اليوم التالي أبصر أنه كان في القصر الملكي. سأل نفسه: «ما الذي حدث لي. لعلي أحلم، أو لعلي مت وأنا الآن في السماء». بعد هذا التساؤل،صفق بيديه، وعلى الفور أحضر له العبيد حوض الغسيل وإبريقاً من الماء.
وبعد أن غسل وشرب القهوه، وأشعل غليونه.
حدث نفسه: «لابد من أني قد صرت سلطاناً». ولما كان اليوم هو يوم الجمعة، رجاه الخدم أن يكون مسروراً ويقول أين يود أن تقام صلاة الجمعة. في الركن حيث اعتاد أن يقيم، كان يوجد جامع، فقرر أن تعقد الصلاة في ذلك الجامع. فذهب الكل لكي يرتبوا الاستعدادات لإقامة الصلاة هناك.
انقضى اسبوعان منذ أن اختفى السكير عن بيته، ولما سمعت زوجته أن السلطان سيصلي في الجامع القريب، أعدت الشكوى وسلمتها له وهو يخرج من الجامع، وقرأ: «أوه، أيها السلطان!
إن لي زوجاً لا يفعل شيئاً سوى الشرب ليلا ونهاراً وقد انقضى اسبوعان ولم يعد إلى البيت، ولا أرسل لي أي نقود لكي نأكل أنا وأفراد أسرتي، لذا فإننا نكاد نموت جوعاً». أمر السلطان على الفور أن يهدم سكن المرأة ويعاد بناؤه بصورة أفضل، كما قرر لها إعاشة شهرية.
وقد كان للسلطان الجديد ثلاثة أعداء: صاحب النزل الذي رمى به في الشارع حين كان مخموراً، والجزار الذي ضربه لأنه لم يستطع أن يدفع ثمن اللحم الذي اشتراه ديناً، وصاحب المطعم الذي لم يعطه أي طعام.
أصدر أوامره بقطع رؤوس هؤلاء الثلاثة. وقد كان .
وفي هذه الأثناء، ارتحل السلطان ووزيره مسافة طويلة.
وفي أحد الأيام، وصلا إلى واد، حيث قررا أن يتوقفا ليستريحا.
وفي الجدول الذي يجري في الوادي أبصرا تفاحة
فأكلاها. ثم تذكر السلطان أنه أقسم أنه حيثما استقر – حين يخرج – بألا يفعل شيئاً محرماً وهو في رحلة.
وقد سبب له هذا قلقاً إذ لم يكن أمامه من سبيل ليعرف إن كان مسموحاً أن يأكل
التفاحة أم لا .
قال السلطان: «ليس أمامك، سوى أن تذهب إلى المالك وتنال صفحة الآن».
وبينما هما سائران في طريقهما صادفا فلاحاً يحرث الأرض.
ألقيا عليه التحية وأخبراه عن التفاحة، ولما فرغا من قصتهما أراهما الفلاح بستاناً فيه أشجار تفاح من إحداهما سقطت التفاحة التي أكلاها.
كما أشار لهما إلى البيت الذي يقطنه مالك ذلك البستان، فاتجه السلطان والوزير إلى ذلك المنزل مباشرة.
طرقا الباب ففتحته عجوز وأخبراها أيضاً بحكاية التفاحة. قالت المرأة إن بستان التفاح هو ملك لابنتها، وذهبت لتستفسرها حول الأمر.
فأرسلت الفتاة رسالة تقول إن كان الرجل سيتزوجها، فإنها تعفو عنه لأكله التفاحة. فكر السلطان بالأمر ووافق أخيراً أن يتزوج بالفتاة.
لما سمعت العجوز رده، قالت: «عليّ، إذن، أن أخبرك بأن ساقي ابنتي وذراعيها معقوفة، وهي صلعاء الرأس، وهي لذلك بالغة القبح لدرجة أن ما من رجل يحتمل النظر إليها».
رد السلطان: «لا يهم، أنا سأفي بوعدي».
أمر الوزير بأن يعمل على ترتيبات العرس في ذلك اليوم نفسه، لأنهما يريدان أن يغادرا صباح اليوم التالي. وذهبا إلى نزل مجاور ليعدا العدة للزواج.
وحين جيء بالفتاة إليه، ذهل السلطان، وصاح: «سلطانتي! لقد قالت أمك إنك قبيحة في حين أنك أجمل مخلوق في العالم!».
قالت الفتاة إن أمها اعتادت أن تتكلم عنها بهذه الطريقة.
أقيم حفل العرس، وفي اليوم التالي ذكر الوزير السلطان بأن عليهما أن يرحلا.
أجاب السلطان أنه قد قرر أن يبقى في النزل
أربعة أو خمسة أيام أخرى. لكنه في الحقيقة مكث أربعين يوماً، وفي اليوم الواحد والأربعين قال لزوجته: «يا سلطانتي، لا يمكنني البقاء هنا أكثر، لابد لي من أن أذهب . إن أنت أنجبت ولداً، اربطي هذه التميمة على ذراعه حين يكبر، ثم ارسليه إلى بلاد كذا وكذا،وأخبريه أن يبحث عن أوجورسوس وهيورسيس».
وكان هذان الاسمان هما الاسمان اللذان اتخذها كل من السلطان والوزير أثناء ترځلهما.
امتطيا جواديهما وارتحلا. وبعد وقت قصير
قابلا الفلاح، ثم استأذناه بالمغادرة ولم يتوقفا ثانية حتى وصلا إلى الوطن.
وبوصولهما إلى القصر، كان أول ما فعلاه هو التخلص من السلطان المزيف.
في منتصف الليل، وبينما كان نائماً، وضعاه في
كيس وتركاه قريباً من النزل الذي منه أخذاه منذ أشهر.
وعندما استيقظ الرجل وجد نفسه في الشارع. قال يحدث نفسه: «لابد من أنني كنت أحلم». ثم أغمض عينيه مرة ثانية .
صفق بيديه، فجاء صاحب النزل الجديد سائلا: «من هناك؟».
طلب منه السكير أن يكف عن المزاح وإلا فإنه سيشنق على الفور. صاح بصوب عال: «افتح الباب؛ أنا السلطان».
فتح صاحب النزل الباب وما أن رأى السكير حتى ركله بازدراء.
صرخ هذا الأخير بصوت أعلى محتدا: «أيها الوغد! أنا السلطان، وسوف أشنقك بالتأكيد لما أقدمت عليه».
ورداً على ذلك أخذ مالك النزل عصاً وهجم على السلطان المزيف يضربه حتى أوقعه مغمى عليه، وبعدها أخذ إلى مستشفى المجانين.
حينها قال السلطان لوزيره: «أوه، أيها العزيز، لقد أتينا بالرجل إلى القصر، وبعدما حقق غرضنا طردناه. اذهب الآن وانظر ما حدث له».
ذهب الوزير إلى مالك النزل وعلم أن السكير قد جن وأخذ إلى مستشفى المجانين. وذهب الوزير إلى هناك وسمع الرجل يصيح باستمرار أنه هو السلطان، وأنه قد ضرب حتى أوشك على الموت. قال له الوزير إن عليه ألا يقول إنه السلطان وإلا فسيلقى ما هو أسوأ مما لقيه. بعد أن تحقق الرجل من ذلك، ذهب إلى المسؤول عن الدار وقال له: «سيدي، أنا مجرد سكير ولست السلطان».