مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية #الأميرة_عشبة_خضراء الجزء الرابع
سألتها عشبة خضراء ،وأين هو الآن يا خالة ؟ تنهدت المرأة ثم أجابتها بنبرة حزينة :إنه في سجن القصر ،فلقد كان طبيبا حسن السّمعة ،لكن إتهموه بالدّجل والشعوذة ،وحالنا الآن على ما ترين من الفقر والجوع ،وعذرا يا إبنتي ليس لي شيئ أقدّمه لك .لم يمض وقت طويل حتى نهضت أمّ حسن من الفراش،وقالت: هذا غريب فلقد إنهى الّصداع وخفّت الحمّى ،إذهب يا ولد إلى جارتنا أمّ علىّ واستلف منها شيئا من الدّقيق والبصل والطماطم وسأطبخ شيئا نأكله !!! لمّا رجع حسن وجد أمه قد أشعلت الفرن وغسلت القدر، والصّحون ،وفرح لما رآها بأتمّ عافية فمنذ مدّة لم يذق الطعام لشدّة مرضها ،وعرف أنّ شفاءها هو بفضل تلك البنت ،وهي تجلب الخير لكلّ مكان تذهب إليه ولم يكن يصدّق ذلك حتى رآه بنفسه .
هذا ما كان من حال حسن وعشبة خضراء ،أمّا السّلطان فلما دخل عليه الحارس بالّتفاح ،قال له : إن لم تخبرني من أعطاه لك، ضربت عنقك !!! ردّ الرّجل : إنّها فتاة فقيرة زرقاء العينين ،وهي عند الباب ،فقال له :السلطان هيا بنا نسرع فالتي ،قابلتها هي الأميرة عشبة خضراء !!! سأله الحارس بدهشة ولماذا لم تدخل يا مولاي ؟ قال السّلطان من المأكّد أنها خائفة من شيئ ،وسنعرف ذلك في أوانه ،وحين وصلا إلى الباب لم يجدا أحدا ،فسألا بقية الحرس عن البنت التي كانت واقفة ،وأخبروهم أنّها هربت مع ولد في مثل سنها ،وأنّ البعض كان يطاردها ،صاح السّلطان :إبنتي في خطر،لا بدّ من العثور عليها ثم أرسل جنوده في المدينة ،وسمع النّاس بالحكاية ،وتساءلوا من له مصلحة في إيذاء الأميرة التي أعطتنا كلّ هذا الخير ؟ وبفضلها زال الجفاف وإخضرّت الأرض .
أمّا الثلاث بنات فشعرن بالخوف بعد أن صار الجميع يبحث عن الأميرة ،وعرفن أنّه آجلا أم عاجلا ستتوجّه لهنّ أصابع الإتهام ،فأعطين العبيد مالا وطلبن منهم الرّحيل بعيدا ،لكن أحدهم كان يحب جارية من القصر لذلك لم يسمع الكلام ،وبقي في المدينة ليرى حبيبته كل يوم .جاء حسن لعشبة خضراء وقال لها :كلّ المدينة تبحث عنك ،وأرى أن تبقين مختفية هنا، فما دامت بنات عمّك في القصر ،فذلك المكان ليس آمنا ،ولا بد من تدبير حيلة للإنتقام منهنّ ،لكن في إنتظار ذلك يجب أن نأكل ونشرب !!! قالت عشبة خضراء ربّنا كريم ،وفي المساء دقّت عليهم أحد الجارات ،وقالت لحسن سمعت أنّ أمّك قد شفيت ،وأريدك أن تدلّني على الطبيب الذي عالجها ،فقال لها :لقد علمني أبي الطب ،وصنعت لها دواءا كان فيه الشفاء ،ثم نظر في عينيها ،وقال لقد عرفت مرضك ،وسأعطيك مشروبا ينفعك ،ثم خلط قطرة من دموع الأميرة مع ماء الزّهر ،وفي الغد شفيت الجارة ،وحملت له سلة فيها دجاحة وعشرة بيضات .
تسامع الجيران بحسن ،وصاروا يجيئون لدارهم ،واحد يعطيه تمرا ،والآخر ويبة قمح ،وكلّ إنسان وهمته ،وأصبحت أمّ حسن تبيع ما زاد عن حاجتها وأصلحت الدار،وفرشتها بالزرابي .ولم يمض وقت طويل حتى ذاع صيت حسن إبن سالم الطبيب الذي يداوي والفرج على الله ،.أحد الأيام مرض السّلطان من كثرة الحزن على إبنته ،وجاء الأطباء ووصفوا له الأدوية والأعشاب لكن حالته لم تتحسن ،وخافت عليه زوجته ،وقالت له :هناك ولد إسمه حسن يقول الناس إنه بارع في الطب رغم صغر سنه، وكل فقراء المدينة يقصدونه لأنّه لا يطلب مالا ،سنذهب إليه فلن نخسر شيئا ، أجاب السلطان :لن ينفع شيء ،فلن أشفى إلا عندما أرى عشبة خضراء ،لكن لا مانع أن أرى ذلك الولد وأشكره على فضله ..
…
يتبع الحلقة 5
من قصص حكايا العالم الاخر