مكتبة الأدب العربي و العالمي

بنات_الحطاب_والغزاله_الجريحة الجزء الثالث…

الظبية الجريحة (حلقة 3 )

أمّا البنات السّتة فواصلن الدّوران في الغابة ،وفي أحد الأيام شاهدن ظبية صغيرة وقعت في فخّ أحد الصّيادين منذ أيام ،فأنقذتها البنات ،وضمّدن ساقها المجروحة ،وأطعمنها من الحشائش الخضراء ،ولمّا وقفت على قوائمها ،نظرت لهم بامتنان ،وقالت: إعلموا أنّي إبنة ملك الجان، فكيف يمكنني أن أشكركم ؟ قالت الكبرى : نريد أن نرجع إلى دارنا ،فلقد طردنا أبونا لشدة فقره ،وها نحن ضائعون في الغابة فدون طعام ولا مأوى!!! ،ثمّ بكت الوسطى وقالت وهي تشهق: لقد فقدنا أختنا الصغرى، ونريد أن نعرف مكانها ،أجابت الظبية سأقودكم إلى داركم أما أختكم فالصّدفة وحدها هي من ستقودكم إليها .
سارت الظبية وهي تعرج لشدة الألم في ساقها ،ولما وصلوا إلى مشارف الغابة ،توقفت فجأة قرب شجرة كبيرة وقالت للبنات إحفرن تحتها ،ولما سألتها الأخوات عن ما يوجد هناك ،ردّت لن أقول لكم وستكتشفن ذلك بأنفسكنّ ،إشتد بهنّ الفضول وشرعن في الحفر وبعد قليل إصطدمت أيديهن بشيئ صلب ولما أزاحن التراب وجدن جرة قديمة عليها رسوم بديعة، ولمّا أزلن عنها الغطاء إندهشن ،فلقد كانت مليئة بالنّقود الذّهبية ففرحت البنات ،ولم يصدّقن عيونهنّ ،أمّا الظبية ،فقالت: كلّ ما في هذه الجرّة حلال عليكنّ ،لكن أوصيكن أن يشترى أبوكن قطيعا من الغنم وكثيرا من الدجاج ، لترعونها وتعطونه  فقط الثلث ،،تخفون بقيّة الذّهب ،فإني لا آمن من غدر إمرأته ،فسمعن نصيحتها وأخذن ثلث الذهب، وأرجعن الباقي تحت الشّجرة ثم قالت :سنفترق الآن ،وأنا متأكدة أننا سنلتقي مرة أخرى ،وأرجو أن تكون أختكم الصّغرى معكنّ .
في الطريق باعت الأخت الكبرى قطعة ذهبية لصائغي القرية ،وأخبرته أنّ أباها هو من أرسلها ،وكان الرّجل طمّاعا فأعطاها فقط نصف ثمنه ،فاشترت اللّحم والخضار والكسكسي،وكل ما يشتهويه إخوتها من لبان وحلوى ،ولمّا وصلت البنات أمام الدّار ،وطرقن الباب ،ففتحت لهنّ المرأة، وكانت تحمل في يدها فنجان شاي، فلمّا رأتهن وقع الفنجان من يدها وانكسر ،وسمعن صوت أبيهنّ وهو يسعل ،ثمّ قال: من بالباب يا مفيدة ؟ صاحت البنات: نحن يا أبي لقد إشتقنا إليك !!! فجاء يجري ،وأدخلهم، إلى وسط الدار ،وحين سألهم أين أختهم الصّغيرة زينب ،أخبروه أنها قد ضاعت ،فبدأ يبكي ،وييلطم رأسه ، و لم يهدأ روعه إلا بعد ما وعدته البنات بالعثور عل أختهن ،ولن يتأخّر ذلك كثيرا .
ولمّا نظر إلى القفاف ،قال :من أين أتيتم بكل هذا إنه يساوي قدرا كبيرا من المال أجابوه إنها قصة طويلة ،ونحن نحتاج لنستحم، ونغيّر ملابسنا القذرة وسنذهب إلى الحمّام ،وزوجتك ستطبخ الطعام، ونرجو أن تشبع هذه المرّة، فهي تأكل كلّ اللحم الذي في القدر مع إبنها!!! قال لهم: أخفضوا أصواتكم لئلا تسمعكم !!! إذهبوا الآن ، وبعد ذلك سأرسلها لتطلب لي شيئا، عند واحدة من جاراتها ،وتقصصن عليّ كل ما حصل في الغابة .
لمّا رجعت البنات من الحمّام ،وجدن الكسكسي باللحم جاهزا ،فتحلّق الجميع حول المائدة العامرة ،وبدأوا يأكلون ويضحكون إلا مفيدة، فقد كانت واجمة ،تنظر خلسة إلى البنات اللواتي إشترين ملابس جديدة ،وظهر عليهن الخير.فقالت في نفسها : لقد حكت جدّتي أنّ في الغابة كنز من أيام أحد الممالك القديمة ،و أنه مرصود من الجنّ ،لا شك أنهن عثرن عليه !!! حقا لقد كانت فكرتي بالتخلص منهنّ رديئة ، والنتيجة أنّي فقدت إبني الوحيد ،وهن أصبحن من الأغنياء، لهذا سأحتال عليهن وأنتزع منهن الكنز ،وأهرب من هنا ،فهو من حقّي، فلقد عانيت من الحرمان والجوع مع ذلك الرّجل الفقير ،وصرت خادمة لبناته ،ثم بقيت تحرك الملعقة في الصحن دون أن تأكل ،وهي تفكّر ماذا ستفعل ،فهي لم تعد قادرة على خداع زوجها بعدما رأته من محبّته لهنّ .

 

من قصص العالم الاخر

يتبع الحلقة 4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق