شعر وشعراء

مساء عكا الهارب / خالدية ابو جبل

على إيقاع بقايا زبدٍ عالقٍ بنتوءات الصخور، ورقصة
موجات هاربة.
تركتْ الهواء يتسرب إلى صدرها المشّرع نحو البحر…
مدّت نظرها بعيدًا حيث اللاظلمة واللا نور…
ألقت سمعها حيث لا صوت إلّا صوت البحر… غرقت ابتسامتها في شلال الضوء النازل على وجه البحر…
خرجتْ من نفسها لحظات… راحت تقرأ على مهل ٍ
صفحات عُمْرٍ من ورقٍ عتيق…
رقصت في عينيها أشواقً لأيام خلّتْ، أدخلتها في دوامة أمام رعشة الذكريات الجميلة، وهي المسكونة بالذكريات…
…هنا على هذه الصخور قبل أن يهرب البحر، كانت تقف شامخة، حضورها مثل نجمة في سماء واسعة…
قال لها:” وجودك يشُّدني إلى نفسي، التي ألقاها معك.. أحبك وأكتفي بك، على سليقتك الشبيهة بالموج، لا تتصنعين الحياة… معك أجدُ طريفي في
متاهات هذه الضوضاء
أنت الملهمة، والشمعة، والسوسنة…
رضاك غايتي وأكبر همي، سنعمّرُ  لنا بيتًا خارج مدينة الأحزان.
على غفلة تَسلّلَ الحزن تسلُّلِ الظلّ ،اهتّزت أركان
البيت…
ريحٌ أوقدت حطب نفسيهما… انسحبت الأيام من بين أيديهما كانسحاب البحر..
أصبحا شريكين في الحزن ، مختلفين في لونه، وصوته، ومذاقه.
مختلفين في الرؤية، يحتال الواحد منهما على نفسه
ليقنعها بالصمود، والانتظار!
الانتظار لأجل الانتظار…
أيّ قدر هذا الأشبه بالموت من الحياة ؟
يا دنيا يا ابنة الحزن ، أجيبي!
أهي نفسٌ هشّة سكنت صدريهما، هزمتهما حدّ الانكسار؟!
تجمد في مقلتيها الدمع، فاتسّعت عيناها وازدادت إشعاعًا ونورًا، تراءى لها طيفًا مهزومًا مكسورًا، وحيدًا …
مُغادرًا  مع سحب ضوء المساء الهاربة.
أصوات مغردة حبيبة على قلبها وسمعها وبصرها،
تهمس من خلفها : أمُّنا قد توغلت تكشف أسرار لون
الغروب ولمَ قرر  البحر الهروب…!
انتشلت ابتسامتها، مٌخلفةً وراءها سماءً بلا ملامح،
ترفقت ساعديّ ابنيها ، تهمس لهما بحب: أنتما الحقيقة  الأجمل والأحب في ذاكرة قلبي وعمري.

خالدية ابو جبل
الجليل الفلسطيني
3  حزيران 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق