الرئيسية

القربانة الأولى والخطايا الفاتنة / مارسيل خليفة

تناولت قربانتي الأولى مع شلّة من أولاد مدرسة الورديّة على يد الخوري بطرس .
كنّا قد جثونا طائعين لكرسي الاعتراف نبحث عن خطايا لم نرتكبها لنتناول ” برشانة ” مغمسّة بالنبيذ .
نستعير من الطفولة شيطنات صغيرة ونعصرها كالحكايات وننتظر بركة رسوليّة اسطوريّة تمدنا بالغفران العظيم .
ها هنا نجلس يستدرجنا حجل الخطايا الى الفخاخ .
ها هنا يقول الخوري احذر كذا وكذا . وبصوت متهدّج نتلو فعل الندامة خوفاً من نار الخطيئة .
ويلتصق شحم السنين على مقاعد الكنيسة الخشبية وترتفع التراتيل وتلمع الشموع في جفاف القلوب .
وكنّا نريد شيئاً واحداً في مثل هذا اليوم الصادح الذي انتظرناه طويلاً وهو الفطور اللذيذ بعد المناولة الأولى في منزل “إليشاع ونَزْهَة” في الطرف الغربي من الكنيسة . والفطور هذا انتظره الوقت طويلاً وتحملنا الصيام القاسي من منتصف الليل حتى انتهاء طقوس المناولة . نحصي الانتظار بالدقائق للوصول الى الكراسي حول الطاولة المستديرة . نخلع لباسنا الأبيض بعد أخذ الصورة التذكارية لنعطي عمرنا الصغير كعكة ونكهة لترميم الحكاية . نصبر حتى لسعة انتهاء الخوري من طقوسه الطويلة . وتنبت الشهيّة اللذيذة بمجرد لمس قالب الحلوى خفية عن العيون المتربصّة . نبحث عن تلك البرشانة التي ” زلعناها ” ولم نمضغها .
أنأى عن زماني هذا الصباح حين دنوت من تضاريس المكان .
لم يَبْقَ أثر للإحتفاء بفطور مماثل . فكل ما سيكون . . كان .
كنت حياديّاً كأنني لست منّي .
ينفتح الخيال على أولّه ويعود البعيد لنرتكب عبث الخطايا الفاتنة .
” الصورة : تذكار مناولتي الأولى في كنيسة مار إليشاع “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق