مقالات

وجهات نظر مستقبل غامض للمسلمين الأمريكيين بعد الانتخابات.. ما علاقة الإخوان؟

لعلّ من نافلة القول إنّ وقوف العرب والمسلمين الأمريكيين في الانتخابات الأمريكية إلى جانب المرشح الديمقراطي “جو بايدن” تفرضه معطيات مرتبطة بالمرجعيات التي تجري على أساسها الانتخابات، في ظل برنامجين متناقضين بين الجمهوريين والديمقراطيين، تجاه المهاجرين والموقف من الإسلام السياسي “بشقيه المعتدل والعنيف”، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وما تلاه من تطورات ولدت الإسلاموفوبيا، ثمّ “الربيع العربي” وما تبعه من دعم من قبل الديمقراطيين للإسلام السياسي “الإخوان المسلمين” للوصول إلى السلطة، بديلاً للنظم السياسية التي غادرت المشهد في مصر وتونس وليبيا واليمن، ودعم الإخوان في بقية البلدان العربية، وهو ما عبّرت عنه مراسلات وزيرة الخارجية الأمريكية “هيلاري كلينتون” التي تمّ الكشف عنها من قبل وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً، بالتزامن مع موقف يقوده الجمهوريون، وجوهره رفض التعامل مع الإسلام السياسي لارتباطه بصورة أو بأخرى بالتطرف والإرهاب الإسلاموي.

الإخوان يقدّمون أنفسهم باعتبارهم القيادة المسؤولة عن الأقلية من الجالية المسلمة في أمريكا

وانطلاقاً من هذه المقاربة، شهدت تحرّكات الإخوان في أمريكا نشاطات مكثفة في إطار الحملات الانتخابية المؤيدة للمرشح الديمقراطي جو بايدن، لإقناع الجالية المسلمة “من عرب وغيرهم” بالتصويت لبايدن، لتحقيق مطالبهم بالعدالة والمساواة داخل أمريكا، وأملاً بانعكاسات ذلك على تنظيمات الإخوان في البلدان العربية، وهو الهدف الذي لا يتم الحديث فيه مع الناخبين الأمريكيين من المسلمين.

واستناداً للمقاربة الداخلية، بوصفها مرجعية في الانتخابات الأمريكية بالنسبة إلى مسلمي أمريكا، تبدو الأمور عادية؛ لأنّ المطالبات بالحقوق والمساوة وتحقيق العدالة ووقف إجراءات التمييز لا تقتصر على الجاليات المسلمة وحدها، بل تشمل جاليات أخرى من دول آسيا وأمريكا اللاتينية، والأمريكيين من أصول أفريقية، لكن ما هو غير عادي أن يذهب الإخوان المسلمون بعيداً في المشاركة بالانتخابات بأدوات وأساليب عهدها الشرق الأوسط من قبل الإخوان وغيرهم، عبر ممارسات غير ديمقراطية من بينها “شراء الأصوات”، فوفقاً لتسريبات أمريكية فإنّ النائبة المسلمة “إلهان عمر” وُجّهت لها اتهامات بشراء أصوات ناخبين في ولاية مينيسوتا، وتمارس النائبة “رشيدة طليب” دوراً تحريضياً ضد ترامب في ميتشغان، على أساس اتهامات لترامب بأنه ضد الإسلام والمسلمين.

ورغم أنّ حجم الجالية المسلمة في أمريكا قليل نسبياً ولا يزيد عن “2%” من مجموع أصوات الناخبين، إلا أنّ الإخوان يقدّمون أنفسهم باعتبارهم القيادة المسؤولة عن هذه الأقلية، ويستثمرون حالة الشكوك والانقسامات الاجتماعية في المجتمع الأمريكي مع نمو الاتجاهات اليمينية داخل أمريكا منذ قدوم ترامب إلى البيت الأبيض، ومن المؤكد أنّ ما تشهده فرنسا من عمليات إرهابية مروعة، وتداعياتها الجارية بمحاولات تحويل الصراعات إلى صراع ديني مع الإسلام والمسلمين، ستنعكس على بلدان غربية، وستتجاوز حدود القارة الأوروبية وتصل إلى أمريكا، رغم التمايز بين أمريكا وأوروبا في حضور وثقل القضية الدينية بوصفها أحد عناوين الصراع.

وُجّهت للنائبة المسلمة إلهان عمر اتهامات بشراء أصوات ناخبين في ولاية مينيسوتا

ووفقاً لمصادر أمريكية، فإنّ جهود الإخوان المسلمين لم تكن مرتبطة بحملات الانتخابات الرئاسية فقط، بل سبقت ذلك منذ أكثر من عامين عبر مشاركات في الانتخابات المحلية في كثير من الولايات، ومن خلال العديد من مؤسسات العمل الخيري، التي لا تتبع للإخوان المسلمين مباشرة، ولكن من خلال التأثير في بعض عناصرها من المسلمين الذين لا يعرفون الانتماءات الحقيقية لبعض النشطاء لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يجري اليوم مع إحدى المؤسسات المشهورة “مجلس العلاقات الإسلامية ـ الأمريكية” الذي يضم أعضاءً من غير المسلمين.

وعلى خلفية الحضور المعلن للإخوان المسلمين في الحملات الانتخابية للمرشح بايدن، فإنّ تقديرات مراقبين تشير إلى أنّ هذا الحضور المعلن ربما ينعكس لاحقاً سلباً على الأمن الاجتماعي في أمريكا في حال فوز بايدن، إذ سيعتبر يمينيو أمريكا أنّ المسلمين كانوا وراء إفشال ترامب، الذي بدأ ينبّه لهذه القضية على خلفية الأحداث التي تشهدها فرنسا، وتوجيهه اتهامات لبايدن بأنّ توجهاته ستسمح لهؤلاء الإرهابيين بدخول أمريكا وتفتح الباب مجدداً لهم لاستهداف الأمريكيين، وفي حال فوز ترامب فإنّ أوضاع الجالية المسلمة في أمريكا ستذهب إلى الأسوأ، في ظلّ انكشافات الخطط الإخوانية بالعمل ضدّ ترامب، وبصورة تتجاوز مجرّد التأييد لبايدن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق