خواطر

خذ بيدي يا صديقي / اسماء الياس

هدأ كل شيء حتى الطيور استكانت في أعشاشها.
والظلام مد يده وأخذ العالم تحت عباءته. ولم يبقَ سوى وحيد الذي بقي صاحياً والنوم جافى عينيه اللتانِ رفضتا النوم والراحة، فقد كان فكره سارحاً في عالم لا يهدأ إلا ساعات النوم.
فكر كثيرًا لعل التعب يعتريه ويأخذه بين أحضان النوم، لكن عبث أن يزور النوم مرقده، مرت حياته أمامه مثل شريط سينمائي، كيف كانت الحياة بالماضي، وكيف أصبحنا اليوم نعيش بقلق مستمر، الوضع يائس الانسان بائس، لا فرحة تعتمل بالقلب، ولا ابتسامة تشرح النفس، حياتنا أصبحت بحاجة للقليل من تمارين اليوغا تجعلك تشعر بالاسترخاء، وكل تلك الهموم العالقة في عقلك تزول بعدها يصبح حملك خفيفًا
نظر نحو زوجته النائمة ملء جفنيها، ربما كانت تحلم أحلامًا جميلة، أو ربما كان ذهنها صافيًا لا شيء يشغل فكرها، المهم أنها نائما وأنا جفاني النوم، وجعلني أشعر بأني على قاب قوسين من الانفجار.
فكر وحيد كثيرًا كيف كان حال الناس بالماضي. يعود الرجل من الحقل أو المزرعة متعبًا يضع رأسه على المخدة إلا وهو نائم وكل أعباء الحياة تذهب مع نوم هانئ.
لكن لماذا انقلب حالنا وأصبحنا نستعين بحبوب المنوم حتى نستطيع ان نغفو ولو ساعات قليلة.
تخيل وحيد نفسه يعيش في مكان لا يوجد فيه سوى همس النسيم وبعض الطيور تسبح في سماء خالية من الغيوم. وعالم نظيف من الوباء ومن الحروب والطغيان، تمنى لو يتحقق حلم راوده منذ نعومة اظفاره. عندما كان والده لا يفتا يتحدث عن تلك الحروب التي دمرت وجه الحياة، عندما استباحت الحروب حياة الإنسان وقتلت الكثير من البشر، والسبب أطماع بعض الزعماء الذين لا هم لهم سوى كسب الكثير من المؤيدين الذين يتاجرون بحياة البشر.
يجب علينا ألا ننسى هؤلاء الذين ينصبون لنا المشانق، عندما يشنون الحروب والأسباب تافهة. الوضع أصبح لا يطاق أين المفر من كل ما يحدث.
العالم أصبح بحاجة لقلوب رحيمة، لأيادي تحتويه وتضمد جروحه. لكن اين هؤلاء، رغم أنهم موجودين، لكن على قلتهم لا نراهم.
فكر وحيد وقال بينه وبين نفسه. الخوف الآتي خوفنا على الأمان الشخصي لكل واحد منا. عندما يخرج أحد أبنائي للعمل أو الدراسة يبقى قلبي منشغلاً عليها حتى أراه عائدًا للبيت بالسلامة. إلى متى سيبقى هذا الخوف يشل حركتنا؟ هل نحن عاجزون أن نغير وضع أصبح ميؤوس منه؟ ربما لكن يجب أن نعمل على تغييره، وبذل أقصى ما لدينا من قوة وعزم حتى نغير هذا الحال إلى حالٍ أفضل.
بعد هذا التفكير المضني وضع وحيد رأسه على مخدته ونام نومًا عميقًا. حلم بعالم يحكمه أناس شرفاء، عالم نظيف من الأوبئة ومن حالات القتل والجرائم التي باتت تشغل عقولنا وتؤنب ضمائرنا، لأننا لم نعد نستطيع حلها وأصبحنا لها عاجزين.
حتى نصل لمجتمع صالح يجب أن نربي أبنائنا على الحب، ولا نبقى ندور في حلقات مفرغة، نريد مداواة جروح نحن سببها، بتخاذلنا بهروبنا الذي أصبح علامة الجودة التي نمتاز بها.
خذ بيدي يا صديقي حتى أنا آخذ بيدك عندما تحتاجني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق