تأخر سيدنا علي عن بيعة أبي بكر الصديق بضعة اشهر وقيل بل بايعه ثاني يوم – رضي الله عنهما !
والسبب أن علي بن أبي طالب عتب على الصحابة مبايعة ابو بكر لخلافة رسول الله ﷺ في غير وجوده مع ماله من المكان والمكانة والقرب من رسول الله ﷺ !
ومن حقه أن يغضب !
لكن : هل تعمد الصحابة مبايعة ابو بكر في عدم وجود علي – رضي الله عنهم !
لا ابدا … لم يكن هناك اي تعمد , ولكن خاف الصحابة أهل الشورى والبيعة أن تحدث فتنة بعد وفاة النبي ﷺ فكان الرأي المسارعة بالبيعة حتى لا يحدث فراغ في الخلافة وتفترق الأمة .
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي (تعني في مرضه الذي توفي فيه) قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: فقلت: يا رسول الله: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه فلو أمرت غيره، وفي رواية فلو أمرت عمر، قالت والله ما بي إلا كراهة أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام النبي صلى الله عليه وسلم، قالت فراجعته مرتين أو ثلاثا، فقال: ليصل بالناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف” وفي رواية”:فصلى بهم أبو بكر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان قد صلى بهم عمر قبل ذلك في بداية مرضه صلى الله عليه وسلم مرة، فقد روى أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم واللفظ لأبي داود عن عبد الله بن زمعة قال: لما استعز رسول الله صلى الله عليه وسلم (اشتد به المرض) وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة، فقال مروا من يصل بالناس فخرج عبد الله بن زمعة فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائبا، قال: فقلت يا عمر قم فصل بالناس، فتقدم فكبر فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا، قال: فأين ابو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس.
والحديث صححه الألباني وغيره.
وفي رواية فقال عمر لعبد الله بن زمعة: ويحك ماذا صنعت بي يا ابن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولو لا ذلك ما صليت بالناس، فقال ابن زمعة والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس.
وعلى هذا، فالذي كان يصلي بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر ولكن عمر صلى بهم مرة في أول الأمر وفي غياب أبي بكر رضي الله عنهما
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر خاصة وإصراره على ذلك أحقيته بالخلافة من بعده، ولذلك اختاروا لخلافتهم من اختاره النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بهم، فبايعوه بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.
وثبت لاحقا أن هذا الفريق كان لديه كل الحق في مسارعة البيعة لأن أغلب العرب ارتدت وقتها عن الاسلام وحدث ما حدث من حروب الردة !
وهناك سبب آخر لتأخر علي عن المبايعة وهو رفض ابو بكر إعطاء ميراث للسيدة فاطمة رضي الله عنها لأن النبي ﷺ أمر أن لا يرثه أحد من اهله لأن ميراث الأنبياء للأمة وليس لورثته كما قال ﷺ .
ومن هنا غضب علي لها إضافة للسبب الأول لكن في النهاية بايع ابو بكر دون إكراه .
ومن يستطيع أن يكره علي بن أبي طالب على شيء لا يرغبه !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” عُلِم بالتواتر أنه لم يتخلف عن بيعته – يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه – إلا سعد بن عبادة ، وأما علي وبنو هاشم فكلهم بايعه باتفاق الناس ، لم يمت أحد منهم إلا وهو مبايع له ، لكن قيل :
علي تأخرت بيعته ستة أشهر ، وقيل :
بل بايعه ثاني يوم ، وبكل حال ، فقد بايعوه من غير إكراه .
وأنا أميل إلى القول أن علي بايع في اليوم التالي مباشرة لأنه رضي الله عنه يعلم يقينا أنه لا يجوز له أن ينام وفي عنقه بيعة مستحقة بشهادته هو شخصيا أن ابو بكر وعمر افضل منه .
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ وَجْهًا وَأَكْثَرَ ، أَنَّهُ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةَ : خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَر .
وبعد كلام علي بن ابي طالب الجميل هذا .. على الشيعة ومن يتبعهم من الصوفية الخروج من بين الأحبة أبو بكر وعلي رضي الله عنهما .
