شعر وشعراء
رحيق الارواح والاقلام بقلم… أ.د. لطفي منصور الْقُطامِي وَذِكْرُهُ لِلْعَيْشِ وشَيْءٌ مِنْ شِعْرِهِ:
الْقُطامِي وَذِكْرُهُ لِلْعَيْشِ وشَيْءٌ مِنْ شِعْرِهِ:
……………………………..
الْقُطامِيُّ (بِضَمِّ الْقافِ وَفَتْحِها) هوَ عُمَيْرُ بنُ شُيَيْمٍ التَّغْلِبِيُّ أبُو سَعيدٍ. كانَ نَصْرانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَلُقِّبَ القُطامِيَّ بِبَيْتِ شِعْرٍ قالَهُ.
كانَ شاعِرًا فَحْلًا، كَثيرَ الأمْثالِ في شِعْرِهِ، وهوَ ابنُ أُخْتِ الشّاعِرِ الأَخْطَلِ النَّصْرانِيِّ الْمَعْروف.
قالَ يَصِفُ الْعَيْشَ: البسيط
– وَالْعَيْشُ لا عَيْشُ إلّا ما تَقَرُّ بِهِ
عَيْنٌ، وَلا حالُ إلّا سَوْفَ يَنٍتَقِلُ
(قالوا: بَقاءُ الْحالِ مِنَ الْمُحالِ)
– وَالنَّاسُ مَنْ يَلْقَ خَيْرًا قائِلُونَ لَهُ
ما يَشْتَهِي، وَلِأُمِّ الْمُخْطِئِ الُهَبَلُ
(قائِلونَ لَهُ: في مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرٌ لِمَنْ الشَّرطِيَّةِ، والتَّقْديرُ يَقولوا لَهُ)
– قَدْ يُدُرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حاجَتِهِ
وَقَدْ يَكونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ
إنَّها حِكَمٌ رائِعَةٌ فَلْنَفْهَمْها.
وَفِي رَبّاتِ الْخُدُورِ يَقولُ: البسيط
– وَفِي الْخُدُورِ غَماماتٌ بَرَقْنَ لَنا
حَتَّى تَصَيَّدْنَنا مِنْ كُلِّ مُصْطادِ
(الُخِدْرُ: الْبَيْتُ وخاصَّةً ما كانَ مِنَ الشَّعْرِ.
الغَماماتُ: كِنايَةٌ عَنِ النِّساءِ لِبياضِهِنَّ. بَرَقْنَ: كَشَفْنَ عن ثُغورِهِنَّ فبانَتْ أَسْنانُهُنَّ كالْبَرْقِ، لِكَيْ يَجْذِبْنَ نَظَرَ الشّاعِرِ وَمَنْ مَعَهُ لِيَقَعُوا في الْفَخِّ)
– يَقْتُلْنَنا بِحَديثٍ لَيْسَ يَعْلَمُهُ
مَنْ يَتَّقِينَ وَلا مَكْنُونُهُ بادِ
( حَدِيثُ النِّساءِ مُوَرًّى لا يَعْرِفُهُ مَنْ يَحْذَرْنَهُ)
– فَهُنَّ يَنْبِذْنَ مِنْ قَوْلٍ يُصِبْنَ بِهِ
مَواقِعَ الْماءِ مِنْ ذِي الْغُلَّةِ الصّادي
( يُلقينَ كَلامًا يَروي غُلَّةَ الْعَطْشان)
كانَ الْقُطامِيُّ يَمْدَحُ زُفَرَ بنَ الحارِثِ الكِلابيَّ، وكانَ زَعيمًا لِقَوْمِهِ، وَيَمْدَحُ أسْماءَ بنَ خارِجَةَ الْفَزارِيَّ أَخا هِنْدٍ الفَزارِيَّةِ زوجِ الْحَجّاج
وكانتْ هِنْدٌ تَبْغُضُ الحجّاجَ لِظُلٍمِهِ، وهيَ القائِلَة:
وَهَلْ هِنْدُ إلّا مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ
سَلِيلَةُ أَفْراسٍ تَحَلَّلَها بَغْلُ
فَإنْ أَنْجَبَتْ مُهْرًا فَذَلِكَ بِالْحّرَى
وَأنْ يَكُ إقْرافٌ فَما أَنْجَبَ النَّغْلُ
(الْمُقْرِفُ الذي أُمُّهُ عَرَبٍيَّةٌ وَأَبوهُ أَعْجَمِيٌّ)
، وكانَ أسماءُ شاعِرًا وعامِلًا للحَجّاجِ عَلَى الْبَصْرَةِ، وكانَتْ لَهُ حِكاياتٌ مَعَ صِهْرِهِ ذَكَرَها صاحِبُ الأغاني في تَرْجَمَةِ أَسْماءَ.
وكانَ زُفَرُ أَسَرَ الْقِطامِيَّ في الحَرْبِ التي دارَتْ بينَ قَيْسِ عَيْلانَ وَتَغْلِبَ، فَأَرادَتْ قَيْسٌ قَتْلَهُ، فَمَنَعَهُمْ زُفَرُ، ثُمَّ مَنَّ عليْهِ لِجمالِ شِعْرِهِ، وَأَطْلَقَهُ، ووهبَهُ مِائَةَ ناقَةٍ وَرَدَّهُ إلَى أهْلِهِ، فَقالَ القُطامِيُّ يَمْدَحُهُ: الوافر
أَأَكْفُرُ بَعْدَ رَدِّ الْمَوْتِ عَنِّي
وَبَعْدَ عَطائِكَ الْمِائَةَ الرِّتاعا
فَلَوْ بِيَدِي سِواكَ غَداةَ زَلَّتْ
بِيَ القَدَمانِ أَرْجُ اطِّلاعا
إذًنْ لَهَلَكْتُ لَوْ كانَتْ صِغارٌ
مِنَ الأَخْلاقِ تُبْتَدَعُ ابْتِداعا
—————
الشِّعْرُ والشُّعَراء لابْنِ قُتَيْبَة: ٢: ٧٢٣
مُعجم الشُّعراء للمرزباني ص: ٦٧.
الأغاني ٢٠: ١٨
خزانَةُ الأدَب ١: ٣٩١