الجاهلية الحديثة داء عضال وتجمد أفكار وتخلف تعاني منه الأمة العربية والإسلامية، وهذه الجاهلية أشد سوداوية وظلامية وقهر واستبداد من أي حقبة زمنية مرت وتمر بها المجتمعات العربية ، وهذه الجاهلية تتبناها الانظمة العشائرية الحاكمة للوطن العربي التي هي مقاومة للتغيير و تتمسك بالماضي الذي صنعته وصورته ليتماشى و يتماهى مع أفكارها التي لا تصلح حتى للماضي من اجل خدمة مصالحها وتخدير شعوبها , فنرى ظواهر سلبية كثيرة ومدمرة تنتشر في مجتمعات الوطن العربي الكبير كانتشار المخدرات والفساد والتخلف والامية والعصبية القبلية , وفقط التعليم والمعرفة وتربية الأجيال تربية صالحة , ومواكبة التطور التكنولوجي وإرادة التنمية والتطوير هي الوسيلة للقضاء على هذه الجاهلية الحديثة وما تمثل من تخلف ورجعية التي أصابت المجتمعات العربية والإسلامية .
العصر الجاهلي هو حقبة من الزمن سمي بهذا الاسم قبل مجيء الإسلام ,ووصفت بالجاهلية لان القبائل العربية في ذلك الزمن جهلوا اشياء كثيرة , وقسم كبير منهم جهل وجود الله وعبدوا الاصنام ,والكثير لم يجيدوا القراءة والكتابة , وسادت العصبية القبلية والاقتتال والانتقام بينهم على مصادر الماء والمراعي لمواشيهم , وسنوا معايير اجتماعية لهم ليضبطوا سلوكيات الحياة بغياب سلطه مركزية حاكمة , ومن ناحية ثانية كانت أيضا حضارة معينة في قبيلة قريش وسوق عكاظ الادبي وشعراء بالسليقة قصائدهم لا زالت تبهر القراء الى يومنا هذا .
واما بالنسبة لوضع مجتمعاتنا العربية والاسلامية في الوطن العربي الكبير هذه الأيام , فأوضاعهم اليوم لا تختلف كثيرا عما كانت اوضاع العرب في الحقبة الجاهلية ,الحروب الاهلية في سوريا والعراق واليمن وليبيا , حيث دمروا أوطانهم وشتتوا مواطنيهم وقتل مئات الآلاف منهم , واليوم حسب منظمات وجمعيات الأمم المتحدة يوجد أكثر من خمسة عشر مليون تلميذ لا يتعلمون بسبب تدمير مدارسهم ونزوح اهاليهم , اضف الى ذلك الامية السائدة بين الشعوب العربية والإسلامية, وزاد الطين بله تدمير المدارس والجامعات في الحروب الاهلية , كذلك العصبية القبلية والمذهبية السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية حيث أحيانا يفجرون المساجد على رؤوس المصلين في أفغانستان وغيرها من أماكن بسبب الصراعات المذهبية , واليوم انتشار المخدرات في المجتمعات العربية حدث ولا حرج , فحسب الصحافة المصرية اكثر من خمسة عشر مليون مصري مدمنون على المخدرات بالإضافة الى العنف والبلطجة والمشاكل الاجتماعية المتراكمة , وأيضا ما تنشره الصحافة الكويتية من انتشار المخدرات والعنف بين الشباب الكويتي وغيرها من مشاكل اجتماعية يندى لها الجبين وبدون علاج من الأنظمة الحاكمة ,والتنافر بين المجتمعات والدول , كذلك الفقر الذي تعاني منه المجتمعات العربية والاسلامية حيث تمتلك الأنظمة الحاكمة مليارات الدولارات مكدسة في بنوك امريكا واوروبا , ولا اريد التحدث عن موقف الانظمة العربية والاسلامية من موقفهم المخزي اتجاه تقديم المساعدات للشعب السوري في محنته الثانية بسبب الزلزال المدمر , حيث انعدمت المروءة والشهامة والنخوة والكرامة عند زعماء العرب , فأين اختفى التضامن العربي ,واين المليارات التي يستفيد منها غير العرب , واين الضمير , واين الشعور الإنساني , فهل تجمدت المشاعر ومات الضمير؟؟؟
الدكتور صالح نجيدات