شعر وشعراء

قصيدة جديدة – محمد بكرية / إلهي لا تذهبْ بعيدًا

إلهي إلهي، لا تذهب بعيدًا، اقترب قليلًا، لي صلاة لم أُقِمْها بعدُ،
لا تدَعْني في محرابك حائرًا وحيدًا.

هي فكرة تراودني عن نفسي أنّا يمّمْتُ وجهي، إلى معبدٍ مهجور،
كنيسٍ قديم، مسجدٍ وحيد أو كنيسة بعيدة.

ليتَ رجائي صورةٌ لنفسي أرسِمها لغدٍ أستهويه،
ليته ما أدمنَ الخيالُ طفلًا من الأمس أرتضيه،
ليته نصُّ رواية أو حتى قصيدة،

في محرابِك سلّمُ ظلالٍ،صليبٌ ومسامير،
جنودُ تبقّوا من فيالق الروم، لغة مع ثُلّة كهنة عنيدة.
إلهي ،الهي  اقترب ولا تذهبْ بعيدًا.

هي فكرةٌ تراودني عن نفسي،كومةُ حطب هنا،
أنا، فتيانٌ من قريش وامرأة أبي لهب،
فاخترْ ما شئتَ من موتٍ لي، كالمسيح على الصليب مثبّتًا
أو كميتة لم يمتْها محمدٌ، هذا دمي وجسدي على الصلصال ممدودًا.

قال الإله : ماذا دهاك، ما مبتغاك؟
هذه سهوبي بسطتُها، فوقها سمائي قد زيّنتهُا
بشمسٍ، وفي اللّيل قناديلُ جديدة،

مزنٌ، ماءٌ، سحابٌ، بحورٌ، جبالٌ رواسي
أنبياء،كلّ ما ملكَتْ يميني، رسلٌ، كتبٌ وعقيدة.

الهي ، إلهي ، تلفّتْ قليلًا، قد صبأ العبادُ مُذ طردْتَ آدم من عِرزاله،
وراحوا في غياهب شهوات قابيل، لهثوا خلف سراب الليل،
اختبأ القمر خجِلًا، أمّا الصالحون هاموا مواكبَ فوق أرضِك شريدة.

هذا رجائي، أرِنا في فجرِكَ ضوءا، قد اختلط الّليلُ بالضحى، تُهنا بالدّجى
كأبناءِ سدوم صِرْنا لا بصرٌ أو بصيرة ولا خطى سديدة.

إلهي : هذا دمي نبيذُ القداديس، هذا جسدي رهينةٌ، اجعلْه ما شئتَ، ذبيحةً على صخرة إسماعيلَ، أضحية لمعبدِكَ، أو للفقراء لحمًا قديدًا.

إلهي ، رجائي، أعِدْ تكوينَ سفرِ التّكوين والبسْ هذه الارضَ عباءة أخرى
قد يلينُ قلبُ الكونِ لطفلٍ خلفَ أسوارِ القدس، لا تدعْ روحه بين الزُقاقِ طريدة.
الهي ،إلهي لا تدَعْه ناحبًا،إلهي ،الهي  لا تذهبْ بعيدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق