منوعات
من الواقع التاريخي
استدعى أحد الملوك مجموعة من الشعراء إلى قصره، فصادفهم شاعر فقير يحمل على كتفه جرة ليملأها من الماء، فلما رآهم تبعهم حتى وقفوا بين يدي الملك، وبعد أن قام الملك بتكريمهم، التفت إلى الرجل الفقير ورأى الجرة على كتفه وثيابه رث، قال له: من أنت؟ ما حاجتك؟
فأنشد الرجل قائلاً:
ولـما رأيـت القوم شدوا رحالهم
إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي
فقال له الملك: أحسنت، وأمر رجاله أن يملؤوا جرته ذهبًا، وبعد أن خرج الرجل من عند الملك قام بتوزيع ذلك المال على الفقراء والمحتاجين، وبلغ ما فعله إلى الملك، فاستدعاه وسأله عن سبب فعلته، فقال الرجل:
يجود علينا الخيرون بمالهم
ونـحن بـمال الخيرين نجود
فأعجب الملك بجوابه، وأمر أن تملأ جرته بالذهب عشر مرات. فقال الرجل: الحمد لله رب العالمين، إن الحسنة بعشر أمثالها، فأنشد الرجل الفقير هذه الأبيات التي تنسب إلى الإمام الشافعي:
الـناس بـالناس مـادام الـوفاء بهم
والـعسر والـيسر أوقـات وسـاعات
وأكـرم الـناس مـا بـين الورى رجل
تـقضى عـلى يـده لـلناس حاجات
لا تـقطعن يـد الـمعروف عـن أحـد
مــا دمــت مـقـتدراً والأيـام تـارات
واذكـر فـضيلة صـنع الله إذ جـعلت
إلـيـك لا لــك عـن الـناس حـاجات
قـد مـات قـوم ومـا ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات .