الرئيسيةشعر وشعراء
متحف الغرباء / للشاعرة الفلسطينية المغتربة حفيظةابراهيم
… وإذْ رأيتُ ما رأيت
لو تعلمون ما رأيت
في متحف الغرباء …
رأيت تاريخُ أُمتنا مخطوفًا
في بلاط الغرب مخنوقاً
من صخورِ الشرق مجتذّاً
مقتنصُ من حلم كان حابيا فينا
رأيتُ العراقَ على الجدرانِ مصلوباً
وفي يدهِ مكسرة أباريقاً
وشمعةً مذْ غادرتلك البلاد مطفأة …
رأيتُ عرشَ سوريةَ
من أديم الارضِ مسروقًا
مجّردٌا من حياة الدرِّ، مغلولا
بلا عنوان…
…هنا عشتارُ جالسةً وأدونيس يواسيها
وفي الاهدابِ غصَّة المُشتاقِ لماضِيها
الى حقول شقائق النعمان
الى الروابي و الانهار في لبنان وزهر البيلسان والعنبر….
وهناك ، ديوان العدل في سجلّ حمورابي …
بين الحكم و القانون والقوة
فجر تاريخ الفرات ، وارث دجلة مجسدا فيها…
تُرى؟ أيعرفني حمورابي؟
وفي عيينه امجاد مدى الآفاق قد ملئ…
ألا تبكي عيونُ أللاجئ العَربي في الغُربة؟
أيُجدى أن نبكي على الأطلال؟
على تاريخِنا الماضي ؟على الزمنِ الذي ولىَّ ؟
على كنز بلا عنوان !!
وهذا تمثال لفارس عربي اشعر انه يَرمِقني
يحاكي بي نغّمَ الحنين
الى الجذورِ والحسرة
على فقدانِ أوطانا
على الغُربة…
فكأن ألأسرُ أضنَاه، جمَّدهُ
فاصبح في متحفِ الغُرباء
في سجن بلا قضبان
بلا عنوان!!
الفارس المغوار يرمقني
وعيني ترمقُ مُقلتيهِ
اللتين من وجعٍ
من لوعٍ
تحجّر فيهما الدَمعْ والغصّة
أخبَرني أنه رغمَ البُعدِ
ما زال أسمرا ً لونه
وأنَّه مازال باهي الطلعة
لكن حُلمُ العودة مازال يؤِّرقه
فريح القدس و المهد مازالت تداعبه
فمن زمنٍ يَحِنُّ إلى أَديمِ تلك الارضْ…
أخبرني الفارسُ البدوّي بأن إسمَهُ عائدْ
فارسٌ من بلادِ الشرقْ
أخبَرني أنه إلى النخلِ إلى النهر إلى بغداد ،، مشتاقا
أخبرني أن في الجناحِ الاخر على اليمين
تَرقُدُ نفرتيتي أجمل النساء قاطبةً
وأن عينيي مثل عيناها
يسْبُرُ فيهما أغوارَ بِدئ الكونْ والزنْبَقْ
وأنَّهُ مشتاقُ لِرؤيتِها
من أمد ، مذ أصًبحا في غربة عن الوطن مذ اصبحا خارج الزمان والمكان ….
بلا عنوان…
اخبرني انه عائد رغم السجن و البعد
ينتظر ضوء الشمس ان يسطع
و سيفه المسنون ان يلمع
ليذوب من حوله كل هذا الشمع…
أخبرني ان روحه حرة الى الابد
فرغم رياح الدهر لم تصدأ
وانه يرقب يوما ان يأتي
لينتفض على السجان
وسوف يأتي
سوف يأتي
ليأخذني الى عكا
الى دمشقَ, الى بغداد و البتراء
الى لبنان والاهرام وريح الاقحوان
وإرثُ أجدادي
وأرثُ اولادي
بل ارث احفادي
بل إرث أحفادي
الذي يبدو إلى أجلٍ بلا عنوان!!
حفيظة ابراهيم
٢.٢٢/٨/٢٢