مقالات
بين إمتحانين* إمتحان الدنيا .. وامتحان الآخرة..!! ابو طارق الحواس
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
بين عشية وضحاها..
تحولت القلوب من الرجاء إلى الانكفاء..
ومن التذلل إلى التمرد..
ومن اليقين إلى الأنين..!!!
نعم هكذا الدنيا ..
إن بان منها مبسم عذب..
ضحكت وطار لثامها..
وتكشفت أنيابها من فاهِ ليثٍ مرعب..!!
عجباً والله رأيت فجر الأمس..!!!
الكل في ترقب.. كأنما على روؤسهم الطير..!!!
الكل يرفع أكف الضراعة الى الله..
بإنتظار ساعة تدق عقاربها نبض القلوب..
الكل يتوسل إلى الله ويلهج بالثناء عليه..
أملاً بالنجاح في امتحان الدنيا..
-ولا أعيب ذلك.. ولا آخذ عليهم مأخذا-
لكن بالأمس.. وقبل إعلان النتائج..
حرص الجميع على أداء صلاة الفجر..!!
*-علما أن هذا السؤال الأول في إمتحان الآخرة-*
فكانَ صلاةُ أكثرهم تزلفاً..
والقليل منهم تقرباً..!!
وأكاد أجزم أن المساجد والمعابد ضجت من الأبناء والآباء والأمهات..
اللذين قاموا ليلهم.. وأيقظوا أطفالهم..
يتحرون ساعة الإجابة..!!! ولا بأس بذلك..
راجين من الله نجاح أبنائهم في شأن دنياهم..
-وهذا والله حق لهم لا أُنكره عليهم-
ما دام فيه صلاح دنياهم وأُخراهم..
لكن الا ترى معي اخي العزيز..
أن الطَّلبَ يحتاجُ إلى صدق الطالب..!!؟
فاصدقوا الله يصدقكم.. واستعينوا به يعنكم..
واستغفروه يغفر لكم..
لكن الأعجب من ذلك..!!!
ما رأيته فجر هذا اليوم..!!!
هجرٌ للمساجد وترك للمعابد..!!
وانطفاء شمع ليلٍ دامس..!!
وذهاب العتم الدَّارس..!!
والحقيقة تجلت باليقين.. عن كل الهواجس..!!
فمنهم أصبح في أمرٍ بائس..!!
وضاقت عليه الأرض بما رحبت..
فهو قانط يائس..!!
ومنهم من جنى ثمار غرسه وقطاف بأسه..
فهو في سرور وحبور.. ولسان حاله يقول:
*”هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ”*
وأعجبُ العجائب..
أنًّ كل من نجح بالثانوية.. وكل من أخفق فيها..
*..إلا من رحم الله..*
وبمجرد معرفتهم للنتيجة..
قد هجروا المساجد..
ونكثوا عهدهم..
واتبعوا كل شيطان مارد..
وشروا الآخرة بدنيا المفاسد..
وانقطع منهم الدعاء.. وخاب منهم الرجاء
وكأني أرى فيهم الأشياء مقلوبة..!!!
كما قال سبحانه:
*وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ* هذا حال الناجح..
أما حال المخفق في الإمتحان..
فينطبق عليه قول الله تعالى:
*لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ*
وأنا في هذا الصدد لا أعمم ولا أتهم أحدا بعينه..
فبعض الناجحين والمخفقين..
على صلة بالله عظيمة.. وأحسبهم من أهل الخير والله حسيبهم..
لكن أتساءل :؟؟
إذا كان هذا الإمتحان العابر في حياة البشر..
ذو أهمية عظيمة.. تتوقف عليه حياة كثير من الناس..
وقد أوقف الجميع.. من الرجال والنساء والولدان على أطراف أقدام أصابعهم..
*علماً أن شهادة الثانوية العامة..*
*ليست من الشهادات المطلوبة للفوز بالجنة..!!*
إذا كان هذا الإهتمام العظيم منا لإمتحان الدنيا..!!
إمتحانٌ على هامش الحياةِ الأبدية..!!
فما بالنا نغفل عن إمتحان الآخرة..!!!!
والحياة الأبدية السرمدية..!!
مع أن إمتحان الآخرة بسيط..
وأسئلته معروفة.. والإجابات سلهة جدا.. لكن..
*”يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ”*
حقا إنه ليحزنني أن أرى شبابنا يلهث سعياً لتحقيق مآرب الدنيا.. ليأخذ شيئاً من لعاعها..
-ولا ألومه بذلك إن كان في طاعة الله..-
لكن أن ينسى أمر الآخرة.. ويرميها وراء ظهره..
أو يتناسى الوقوف بين يدي العظيم المتعال..!!
والله إن هذا لأمر جلل..!!!
وحقاً إنه في خانة الزلل..!!!
أبنائي الأعزاء..
الإخفاق في الإمتحان.. لا يعني بالضرورة وصولك إلى الجدار المسدود..!!
ربما يكون الخير في ذلك..!!
لا تسألني كيف..؟؟
بل إسأل الله أن يفتح لك أبواب رزقه..
فهو على كل شيء قدير..
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم..
أن يصلح أبنائنا وبناتنا.. ويكتب لهم النجاح.. في الدنيا والآخرة..
إنه ولي ذلك والقادر عليه..
اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين..
الداعي لكم بالخير والتوفيق والتمكين والسؤدد والرشاد..
محبكم في الله.. ابو طارق الحوَّاس