مقالات

ظاهرة تسرب الطلاب من مدارس الضفة العربية

كتب الدكتور صالح نجيدات

بزيارتي لمدن الضفة الغربية أرى أطفالا صغارا ، تظهر على ملامحهم البريئة الهموم والأحزان والمآسي يتجولون في الأسواق وبين السيارات بغرض بيع حاجيات بسيطة لإعالة عائلاتهم الفقيرة , ومن الحديث مع هؤلاء الأطفال في عدة أماكن تبين انهم تسربوا مبكرا من المدارس بهدف اعالة أبناء عائلاتهم الذين يعانون من امراض وفقر شديد , وأقول لكم بصراحة لن أستطيع نقل كل ما قالوه عن مشاكلهم العائلية الصعبة لأنها مأساة تهتز لها المشاعر الإنسانية.
كم أتألم عندما أرى طفلا حزينا ومشردا باكيا , وكما قال شاعرنا توفيق زياد رحمه الله : ” وأعطي نصف عمري للذي يجعل طفلا باكيا يضحك “.
إن ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس بالضفة الغربية ظاهرة خطيرة بسبب حالات الفقر , وهي بتزايد من خلال حديثي مع مدير مدرسة , وتزيد من خطر الأمية التي تشكل تهديدا جديا لجيل الأطفال , فكيف يمكن التعامل مع جيل تفشى بين صفوفه الجهل والامية التي تعيق تطوير المجتمع في المستقبل ,بالوقت الذي أصبح فيه العالم مشغولا بالمعرفة والتقدم التكنولوجي حيث أصبح سمة العصر وأنه لا مكان في هذا العالم لانسان جاهل وامي متخلف عن السير قدما في طريق العلم والمعرفة .ولا نريد لهؤلاء الأطفال ان يكونوا سقاه ماء و حطابون , بل نريدهم حملة شهادات العلم والمعرفة , ويؤسفني القول ان لا اتعاظ من أخطاء الماضي . فهل هناك جهات رسميه تمنع تسرب الطلاب من مقاعد الدراسة ؟
ان تسرب الطلاب من المدارس يزيد نسبة الجهل في المجتمع ويزيد الطين بله على ما هو موجود , وعلى الجهات الرسمية علاج مشاكل الفقر ومنع تسرب الطلاب من المدارس وأن يمسحوا دموع الاطفال الصغار التي ستحاسب المسؤولين أمام الله يوم لا ينفع لا مال ولا بنون.
كما واتضح لي ان هناك حالات كثيرة من العائلات المحتاجة داخل المجتمع الفلسطيني لا يتلقون المساعدات او ضمان الدخل من السلطة الفلسطينية وهذا من شأنه ان يزيد من تسرب الطلاب ..
شعور اليأس يتملك أصحاب الضمائر الحيه ، إزاء ما يحدث لهؤلاء الاطفال ، وتأبى الصور البشعة والموجعة لا تفارق الذاكرة يوماً.
هؤلاء الأطفال أرادوا التعلم وارادوا العيش الكريم فقط ، وأن لا يكونوا جزءا من مشاهد الجهل والامية والفقر والذل والتشرد ، يدفعون ثمن صراع ليس من صنعهم ، يذبلون كالورد الذي لم يكتمل تفتحه بعد , والأوضاع الصعبة ما تزال مستمرة ، وهي مكانك قف , ولا تحسن بالظروف , ولا شيء يقدم ليخفف أوجاعهم سوى مشاعر تعاطف لا تعني شيئا لمن يذوقون طعم المعاناة والمرارة يوميا !
الدكتور صالح نجيدات—مدير جمعية الطور للدفاع عن حقوق الأطفال وسلامتهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق