أخبارمحلية
في الذكرى الـ74 للنكبة الفلسطينية؛ إليك كيف بدأ كل شيء..
انتهت الحرب العالمية الأولى بزوال العهد العثماني، وانتقال فلسطين إلى أيدي بريطانيا التي أصبحت بموجب وعد بلفور، الحامية والحاضنة للمشروع الصهيوني. انطلقت بعدها مباشرة التظاهرات في القدس لتعلن الجمعية الإسلامية المسيحية في القدس رفضًا للهجرة الصهيونية، التي أعلنت الجمعية استعدادها التام لمقاومتها إلى آخر رمق من الحياة.
دعا أنصار الصهيونية عقب احتلال القوات العسكرية البريطانية فلسطين عام 1918 إلى تشكيل قوة دفاع لحماية المستوطنات الصهيونية، فقرر زئيف جابوتنسكي إنشاء قوات للدفاع الذاتي تكون علنية، ومفتوحة للجميع، حتى لو أدى ذلك لاعتقال كثير من أعضائها؛ لأن ذلك تأكيد لإعلانها السياسي، وانضم إليه العديد من القيادات الصهيونية، لتتشكل «الهاجاناه» لتكون منظمة عسكرية صهيونية استيطانية عملت على طرد الفلسطينيين من أراضيهم، وتوطين المهاجرين اليهود مكانهم.
بمجرد الإعلان عن المنظمة عام 1920 بدأت عملياتها الوحشية والإجرامية في توطين الصهاينة وحماية المستوطنات الجديدة ليبدأ التوسع حتى عام 1929 الذي شهد حدوث تغير كامل في وضع الهاجاناه وتنظيمها، وتبدأ المناوشات بين الفلسطينيين والعصابات حتى «ثورة فلسطين عام 1936»، والتي كانت مطالبها تتلخص في وقف الهجرة اليهودية، ومنع نقل ملكية الأراضي العربية إلى اليهود وإنشاء حكومة وحدة وطنية.
اضطرت بريطانيا تحت ضغط الثورة التي استمرت حتى العام 1939 أن تصدر مرسومًا عُرف بالكتاب الأبيض تحظر بموجبه الهجرة اليهودية إلى فلسطين لمدة خمس سنوات. وتمنح بموجبه الفلسطينيين الاستقلال خلال 10 أعوام، وفي الوقت نفسه كانت سنوات الثورة الفلسطينية هي السنوات التي نضجت فيها الهاجاناه، وتحولت من كونها ميليشيا إلى هيئة عسكرية. ومع أن الإدارة البريطانية لم تعترف رسميًّا بالمنظمة، فإن قوات الأمن البريطانية تعاونت معها، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية ذهب شباب الهاجاناه للتدرب ومحاربة القوات النازية لتعود بعد الحرب محملة بالخبرات والتدريب.
شهدت هذه الفترة تطورات على جوانب مختلفة، فخرجت محاولات أولى لتقسيم الأراضي الفلسطينية من خلال لجنة بيل، التي كانت ستعطي لليهود 33% من الأراضي الفلسطينية بالرغم من أنهم لم يمتلكوا حتى ذلك الحين أكثر من 5.5% فقط، ومحاولة أخرى من خلال قرار الأمم المتحدة 181 عام 1947 والذي أراد إعطاء اليهود ما نسبته 56.5% من الأراضي الفلسطينية بالرغم من أن ملكيتهم لم تتجاوز 6.5%، وفي هذه الفترة أيضًا اتفق بن جوريون مع القيادة الأمريكية على تخصيص 5.7 ملايين دولار من التبرعات الأمريكية اليهودية، بالإضافة إلى الميزانية العادية، لتسليح الهاجاناه، ودعم الهجرة غير الشرعية.
في مثل هذا اليوم بدأت الحرب المنتظرة بين القوات العربية، وما ظنته مجرد عصابات، والتي باقترابها كانت إسرائيل تمتلك قدرة إنتاج 4 آلاف مدفع هاون، و4 ملايين رصاصة، و130 ألف قنبلة يدوية، وعندما اقترب موعد إعلان قيام إسرائيل، في 15 مايو (أيار) عام 1948، كانت الهاجاناه قد بلغت حدًّا من التنظيم والتسليح سمح لها بالتحول إلى «جيش الدفاع الإسرائيلي»، لتحشد إسرائيل عددًا من القوات كان قرابة ضعف عدد القوات العربية مجتمعة، وتحدث النكبة التي نعرفها ويعلن قيام إسرائيل.
بنهاية العام 1949 كان قد تم تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني واقتلاعهم من أراضيهم، وموت 15 ألفًا خلال سنة الحرب. تشير الأرقام إلى أن الاحتلال دمر 531 مدينة وقرية فلسطينية، وطهرها عرقيًّا تمامًا، وارتكب أكثر من 50 مجزرة موثقة. تبقَّى للعرب فقط 22% من الأراضي الفلسطينية، بعد أن كانت نسبة امتلاكهم للأراضي حتى عام 1947 تساوي 91.2%، بمعنى آخر خسر العرب فلسطين كلها في ذلك العام، إلا الضفة الغربية وقطاع غزة.
تشكلت على مدار السنين حركات للمقاومة من مختلف التيارات، وتغيرت الخريطة الفلسطينية منذ ذلك التاريخ كثيرًا، ودخلت القوات الإسرائيلية حروبًا غيرت شكل المنطقة كلها لتتضاءل المنطقة العربية من حولها وتفقد الجولان بعد نكسة 1967، وتحظى بالاعتراف الدولي حتى من العرب بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بعد انتصار 1973.