الدين والشريعة

ماذا تعرف عن دولة الموحدين

🖊 تاريخ دولة الموحدين (11)
—————————————-
🔹️ ملخص ما سبق :
️ في بداية 535هـ خرج عبدالمؤمن بن علي بحملته الكبرى ضد المرابطين من تينملل في حشود ضخمة فنزل في مكان قريب من مراكش فخرج لمطاردته تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين ..

تجنب عبد المؤمن الإشتباك المباشر مع جيش تاشفين وواصل زحفه صوب “تازاكارت” و قلعة واوما، ثم آزرو ، فاستولى عليها ثم وجه منها عدداً من الحملات لاخضاع المناطق المجاورة، وهكذادخل أهل فازاز جميعاً في طاعة الموحدين .

وفي أوائل عام 536هـ استولى الموحدون على مدينة صفروي ؛ ثم دارت معركة عنيفة عند الفلاج هزم فيها الموحدون وقتل قائدهم يحيى، ثم عسكر الموحدون بأرض غياثة القريبة من فاس، على سفح جبل عفرا، و عسكر المرابطون في موضع النواظر قريبا منهم .

حل فصل الشتاء وكان شتاءاً قاسياً تعرضت فيه المنطقة لعواصف وسيول مدمرة قاسى بسببها المعسكران عناء وشدة، بخاصة المرابطين حيث كانوا أسفل الجبل.

وفي الربيع تواصلت المناوشات وفضل الموحدن تجنب جيش المرابطين المطارد لهم و ساروا أمامه يستولون على القرى والحصون حتى وصلوا مليلة، فاقتحموها وظفروا بغنائم وفيرة ..

كانت وفاة الأمير علي بن يوسف سنة 537هـ وتولى الحكم بعده تاشفين الذي كان متفرغاً في حياة والده لقتال الموحدين، لذلك خف الضغط على الموحدين لانشغاله بالحكم و بالأندلس.. و بالنورمان الذين داهموا سبتة بأسطول كبير؛ وبحدوث الخلاف بين لمتونة ومسوفة من قبائل المرابطين فانضمت قبيلة مسوفة الى الموحدين. 🙄

وفي عام 539هـ/ 1144م تمكن عبدالمؤمن بن علي من قتل القائد المرابطي الروبرتير ودخل تلمسان وفي 27 رمضان من نفس العام قتل تاشفين ودخل الموحدون وهران، وفي 14 ذي القعدة 540هـ/ دخل الموحدون فاس، وفي 18 شوال تمكنوا من دخول مراكش … 😥

وقد شجع هذا الوضع الاسبان النصارى على تشديد الضغط على مسلمي الأندلس فكان ذلك أعظم فساد حل بالأندلس و ساءت الأحوال وكثرت الشدائد والأهوال } .

أرسل الموحدون جيشا للأندلس لأخضاع جميع ولايات المرابطين هناك لحكمهم فانتهت هذه المهمة سنة 552هـ ؛ و كذلك أرسلو حملات إلى أفريقية و باقي ولايات المرابطين القديمة بالمغرب الأدنى و الأقصى لإخضاعها لحكمهم وانتهت هذه المهام سنة 554هـ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸️ سياسة عبد المؤمن بن علي وضبطه لنظام الدولة

عندما استولى عبدالمؤمن على مراكش، قتل المقاتلة، وكفَّ عن الرعية، وأحضر اليهود والنصارى وقال لهم : إن المهدي أمرني أن لا أُقرَّ الناس إلا على ملة الإسلام، وأنا مُخيركم بين ثلاثٍ، إما أن تُسلموا، وإما أن تلحقوا بدار الحرب، وإما القتل ؛ فأسلمت طائفة ولحقت أخرى بدار الحرب،

وقد خرَّب كنائسهم، وعملها مساجد، وألغى الجزية، و فعل ذلك في جميع مدائنه، وانفق بيوت أموالها ، وصلى فيها وليُري الناس أنه لايكنز المال، وأقام كثيراً من معالم الإسلام ونادى: من ترك الصلاة ثلاثاً فاقتلوه،…

وأزال المنكر، وكان يؤمُّ بالناس، ويتلو في اليوم سبعا، ويلبس الصوف الفاخر، ويصوم الاثنين والخميس، ويقسم الفئ بالشرع فأحبوه، وكان يأخذ الحق إذا وجب على ولده، ولم يدع مشركاً في بلاده لا يهودياً ولا نصرانياً، فجميع رعيته مسلمون .. (*1).

ورأى عبدالمؤمن أن أن يضع للدولة نظماً موطدة الدعائم، فأطلق حرية العلوم والمعارف، وسارفي كل ذلك مع نهج الدين الحنيف، وبنى عدداً من المساجد والمدارس الفخمة التي غدت مراكز للعلوم والآداب، وقرنها بالخدمة العسكرية دوماً، مع التمرين على فنون الحرب، ذلك أن عبدالمؤمن كان يخشى أن يؤدي الانقطاع الى العلم والدرس إلى اضعاف الهمم، وفتور الحماسة الحربية لدى الموحدين.

كما أنشأ عبدالمؤمن مدرسة لتخريج رجال السياسة، وموظفي الحكومة، وقادة الجيش، وكان يجمعهم يوم الجمعة بعد الصلاة في قصره، ويمتحنهم فيما درسوا، ويوجه إليهم الاسئلة بنفسه تشجيعاً لهم على الاجتهاد، ولكي يجعل منهم رجالاً أكفاء قادرين على نفع البلاد في السلم والحرب.

وفي أيام أخرى كان يمتحن تدريباتهم العسكرية، فيختبرهم في الطعن بالحراب والرمي بالقوس والسهام والمبارزة وركوب الخيل، وفي السباحة والمعارك البحرية في بحيرة أعدّها ووضع فيها سفناً كبيرة وصغيرة ليتدرب الشباب على قتال البحر، وقيادة السفن، والوثب على سفن العدو، ويقدم للمهرة الممتازين الهدايا الثمينة بنفسه .. (*2).

لقد استطاع عبدالمؤمن في نحو عشرين سنة أن ينشئ نظاماً جديداً للدولة، إذ لم يبقى من قدماء الموظفين المعارضين من يعمل على مناوأته.

وكان أشد مايعنى به عبدالمؤمن – وهو من أعظم قادة عصره – تنظيم شؤون الحرب والجهاد التي بث فيها بجهوده ومتابعته، نهضة إحياء شاملة وإليك وصفاً لنظام سير الموحدين، وتقسيمات الجيش، كما كان عندما استولى على تونس والمهدية من النورمان الصقليين ..(*3).

كان مسير الجيش بعد صلاة الصبح قبيل شروق الشمس، فتقرع الطبول الضخمة ثلاث قرعات ؛ وكانت كل قبيلة تتبع علمها الخاص، وهو يحمل مطوياً أثناء السير، ولاينشر عندئذ سوى علم الطلائع، وقد كان مكوناً من اللونين الأبيض والأزرق، وعليه هلال مذهب،..

وتحمل الخيام والعتاد والمؤن على ظهور الجمال والدواب، هذا غير ما يتبع الجيش من قطعان عديدة من الثيران والأغنام تسير تحت إشراف الرعاة، وتُخَصصّ لغذاء الجند، وكان جيش عبدالمؤمن النظامي يتألف – فضلاً عن الفرسان – من سبعين ألفاً من المشاة،

وكان الجيش ينقسم إلى أربعة جيوش، يفصل بعضها عن بعض أثناء السير مسيرة يوم، وذلك حتى لايقع نقص في الماء، أو ضيق في المكان، وإذا كان معظم الجند مثقلاً بالسلاح فقد كانت مسيرة اليوم قصيرة المدى، وكان يقطع خلالها عادة عدة أميال فقط،

وكان يقتصر على السير منذ شروق الشمس إلى وقت الظهر، حتى يتسنى للجند أن يبدأوا السير في اليوم التالي بقوى مجددة، وترتب على هذا التمهل في مسير الجيش أن اقتفى عبدالمؤمن ستة أشهر ليقطع المسافة بين سلا وتونس، وهي مسافة كانت تقطعها فرقة الفرسان الخفيفة في نحو شهرين فقط.

وكان عبدالمؤمن إذا ركب احتاط به الأشياخ والقادة، وأدوا معه الصلاة، ثم ينصرف بعد ذلك كل إلى مكانه، وإلى قيادة الجند التابعين له، وكان يتقدمه مائة شيخ وقائد، يمتطون جياداً مطهَّمة ويتقلدون أسلحة فاخرة، ويرتدون ثياباً فخمة،

وكان يحمل أمامه مصحف الخليفة عثمان بن عفان الذي غنمه الموحدون من قرطبة، تبرُّكاً وتيمُّناً، وقد وضع في – صندوق – بديع الصنع، محلَّى بصفائح الذهب: مرصع بأروع اللآلئ والاحجار الكريمة، حتى إنه قيل بحق بأن كنوز الأمويين، وبني عباد ملوك اشبيلية، وبني هود ملوك سرقسطة، والمرابطين، قد اجتمعت فيها جميعاً وتكدَّست.

وهذا الصندوق يحمل في هودج ثمين، وعلى جوانبه الأربعة أربعة أعلام، ويتبعه مباشرة أمير المؤمنين عبدالمؤمن، والى جانبه ولده وكاتب سره السيد أبو حفص والي تلمسان، وهو شقيق السيد أبي يعقوب يوسف، ويتبعه على قيد مسافة قصيرة الأمراء وأبناؤه الآخرون الذين يرافقون الجيش…(*4)

ثم تتبعهم بنود القبائل وفق ترتيبها، وعدد من قارعي الطبول على خيول عالية، والنافخون في الأبواق والقرون وغيرهم من رجال الموسيقى العسكرية، ثم الولاة والقضاء والوزراء والكتاب …(*5)

وبعد ذلك يأتي الجند متعاقبين في نظام محكم، فإذا حل الوقت الذي ينتظم فيه المعسكر، أفرد لكل قسم مكانه المعين ولاسمح لانسان أن يترك المعسكر دون اذن القائد المختص، ثم توزع الأقوات التي يحمل الجيش منها مقادير وافرة، على الجند بأنصبة متساوية، فلا يُقتّر على أحد منهم.

و من هذه النظم الصارمة، يتضح لنا

▪︎1- ان عبدالمؤمن كان يعتني عناية خاصة باختيار مواقع القتال.
▪︎2- كان يتولى القيادة بنفسه في كل الأمور الحاسمة الهامة.
▪︎3- وكان يتبع نظاماً جديداً في منتهى البساطة، ولكنه جم الفوائد.
▪︎4- وأن قيمة الجيش ليست في عدده، إنما هي قبل كل شيء في مقدرته وكفاءته ومعنوياته وإيمانه، وكان عبدالمؤمن يرى أن القوة الرئيسية يجب أن تؤلف من جند من المشاة حسنة التدريب، حسنة التسليح، فهي العامل الحاسم في مصير المواقع وفي اقتحام المدن، مع وجود جيش ضخم من الفرسان لايستغني عنه في المعارك.

وقد قام عبدالمؤمن بمسح جميع أراضي مملكته، وحصل من الولاة على بيانات دقيقة عن سكان كل ولاية، وعن خواصها وثروتها وغلاّتّها. وكان يرمي من ذلك إلى تقرير الضرائب من ناحية، وأن تتخذ هذه البيانات أساساً لتقرير عدد الجند وأنواعه من ناحية أخرى، …

فسكان الثغور في المغرب والأندلس يقدمون البحارة والسفن، والمناطق الصحراوية والفنية بالخيل تقدم الفرسان ودواب الحمل والجمال، وعلى الولايات الأخرى في المدن الداخلية مثلاً – تقديم الجند المشاة والسلاح، كل بنسبة سكانها.

وكان عبدالمؤمن يحتفظ بالسلاح بكميات وافرة، وبمقادير جيدة في المخازن المعدة له. وأنشأ مصانع السلاح في كثير من قواعد مملكته تصنع القسيَّ والنُّشَّاب والخوذات والدروع والسهام.. وآلات الرمي والمنجنيقات التي تستخدم في الحصار ….(*6)

وعزم عبدالمؤمن على تغيير نظام الطبقات ولذلك قام بحركة واسعة للقضاء على كل العناصر الغير موالية له وتخلص من كل العناصر التي يشك في ولاؤها له ويتوقع مشاغبتها عليه .

وقد خافه الموحدون خوفاً عظيماً وأرعبت النفوس منه وساعدته الظروف على تحقيق أهدافه الشخصية وطموحه الذاتي، فمن هذه الظروف أن طبقة الجماعة قد تناقص عددها تناقصاً كبيراً. فقد قتل خمسة أفراد من أعضاء هذه الطبقة في موقعة البحيرة سنة 524هـ التي هزم فيها الموحدون من قبل القوات المرابطية.

وهؤلاء هم:
أبو محمد عبدالله بن محسن الوانشريشي
وسليمان بن مخلوف الحضرمي،
وأبو عمران موسى بن تماري الكدميوي
وأبو يحيى ابن بيكيت
وأبو عبدالله بن سليمان.

▪︎أما أبو حفص عمر بن علي آصناك، فقد توفي سنة 536هـ ▪︎وقتل عبدالله يعلي بن ملوية سنة 527هـ بعد أن خرج على الخليفة عبدالمؤمن.
▪︎ أما أبو الحسن بن واكاك، فقد قتله طلحة غلام أبي اسحاق أمير المسلمين المرابطي سنة 541هـ.

👌 وإذن فقد توفي ثمانية من طبقة الجماعة، المكونة من عشرة أشخاص، ، ولم يعد باقياً على قيد الحياة منهم إلا ابو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي وعبدالمؤمن بن علي الخليفة

وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لطبقة الجماعة، فإنه من المؤكد أن الكثيرين من أعضاء طبقتي أهل خمسين وأهل سبعين، وغيرها من الطبقات قد تناقص بسبب الحروب المستمرة التي خاضها الموحدون. ولذلك أتيحت ، الفرصة لعبد المؤمن كي يجري تعديلاً في نظام الطبقات ….(*7)

فأصدر أوامره لجميع الموحدين من المصامدة وغيرهم بالحضور إلى حضرته في مراكش فحضروا والرعب والخوف يملآن قلوبهم، خوفاً مما يخبئه لهم الخليفة. وأعلن فيهم تغيير النظام الطبقي القديم وأعلنالنظام الجديد وحدد فيه مكان كل منهم ..

وتغيرت الطبقات من أربعة عشرة طبقة إلى ثلاث طبقات فقط :

الطبقة الأولى : هم السابقون الأولون الذين بايعوا بن تومرت، وصحبوه وغزوا معه وصلوا خلفه، والذين شاهدوا معركة البحيرة
والطبقة الثانية الذين شهدوا المعارك إلى فتح وهران.

والطبقة الثالثة :الذين شهدوا بعد وهران إلى هلم جرا.

وهكذا ألغى عبدالمؤمن طبقة الجماعة نهائياً، وهي الطبقة التي كان لها الحق الأول في إدارة شئون الموحدين ومراقبة الخليفة وكانوا لا يحاسبون على أي شيء فعلوه بحجة أن الرعية عبيدهم .

هذا بالإضافة إلى إلغاء طبقتي أهل خمسين وأهل سبعين وهما الطبقتان ..

وهكذا أزاح عبدالمؤمن من أمامه الأشخاص المعدودين في نظام ابن تومرت و أدخل معهم عددا لايحصى في نظام طبقاته فانعدم تأثيرهم وأصبح له في الدولة كل شيء ..(*8)
————————-
وفي عام 549هـ أعلن عبدالمؤمن للملأ من طبقات الموحدين والقبائل ، توليته لابنه محمد ولياً لعهده وقامت تلك الجماعات في الحال بالموافقة على ذلك الأمر، وبايعت لولي العهد.
وكانت العشائر العربية الهلالية والقبائل الشرقية والصنهاجية ومن معها، حاضرة، يشيرون إلى انشراحهم ويعلمون أنه غاية اقتراحهم ومادة نفوسهم وأرواحهم .

وقد ثارت حفيظة الكثيرين من الموحدين مما دفع بعضهم بالثورة على عبد المؤمن ؛ ومن الطبيعي أن يكون أهل بن تومرت أول المعارضين له ولذلك قامت خيانات في الجيش الموحدي بقيادة (يصلتين) بن المعز الذي انفصل بجيشه في معارك الموحدين مع العرب في المغرب الأوسط ..

مما كان سببا في انتصار بني هلال على جيش ابن واندوين والقضاء على أغلبه، وقتل قائد الجيش الموحدي في المعركة.
وطمع بنو هلال أثر هذا الانتصار في الموحدين الذين اهتزت روحهم المعنوية لهذه الهزيمة.

ولكن عبدالمؤمن بقدرته العسكرية الفذة استطاع أن يهزم تلك القبائل وأن يحافظ على وحدة الجيش الموحدي وارتفاع روحه المعنوية، وظهر للموحدين بمظهر الرجل الفذ القادر على الوقوف في وجه العواصف الهوج، ففوت الفرصة على (يصلتين) والقي القبض عليه؛ وقتل في سبتة عام 546هـ بتهمة الخيانة العظمى.

وفي عام 549هـ حاول أخو بن تومرت، عيسى وعبدالعزيز في مدينة مراكش القيام بثورة على عبدالمؤمن والاستيلاء على مقاليد الحكم إلا أن المخلصين من انصار عبدالمؤمن واهل مراكش افشلوا تلك المحاولة وكان عبدالمؤمن بعيداً عن مراكش في سلا، وقبض على المتآمرين وكان تعدادهم الثلثمائة شخص وقتلوا جميعاً واعدم اخوا بن تومرت..

وفي عام 555هـ حاول بيت بن تومرت اغتيال عبدالمؤمن إلا أن تلك المؤامرات اهبطت في مهدها وشعر عبدالمؤمن بضرورة جلب قبيلته لحمايته من المؤامرات المتكررة، فأنفذ الأموال إلى زعماء قبيلته وأمرهم أن يأتوه ركباناً ويركبوا معهم كل من تجاوز سن الحلم من أبناء القبيلة.

وقد وصل رجال قبيلة كومية سنة 557هـ إلى مراكش في تعداد تجاوز الاربعين ألفاً وفرح بهم عبدالمؤمن فرحاً عظيماً وأنزلهم في مراكش واعطاهم الدور ووزع عليهم البساتين، وجعل منهم حرسه الخاص الذي يقف بين يديه في جلوسه ويحيط به في تسياره وبذلك اطمئن على نفسه على حكم ابنائه من بعده.

إن الخطوات التي اتخذها عبدالمؤمن من ابعاد قبائل المصامدة وشراء خدمات قبائل بني هلال، واسناد أمر الحماية إلى قبيلته كومية، والقضاء على تنظيم ابن تومرت في الطبقات جعل من الموحدين خدماً لمصلحة فرد وأطماعه المادية بعد ان كانوا يخدمون فكرة ويدافعون عن مبدأ، ففقدت نفوسهم تلك الروح المتوثبة والحماس الشديد في سبيل تقدم الدولة ونجاح الدعوة.

إن مسلك عبدالمؤمن في جعل الحكم وراثياً ساهم في ايجاد تنافس شديد وتنازع مميت بين ابناء عبدالمؤمن فيما بعد، بل سفكت دماء، وحيكت مؤامرات دنيئة بين الأخوة في سبيل تولي الحكم، وكان من نتيجة ذلك كله ضعف الدولة، وتدهورها السريع في فترة ليست بالطويلة(*9).

لم يكتفي عبدالمؤمن ببيعة الموحدين لابنه بل قام بتعيين أبنائه على أغلب ولايات الدولة، وجعل إلى جانبهم وزراء من الطلبة ليكونوا مرشدين وناصحين لهم. ومن الأمور المهمة والأحداث ذات الدلالة في تاريخ دولة الموحدين، ظهور التكلات التي ساهمت في اضعاف الدولة، وكانت سبباً في وقوع وزيرين في نكبتين عظيمتين على يد عبدالمؤمن وهما: الوزير أبو جعفر أحمد بن عطية، وعبدالسلام الكومي ..(*10)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*1) انظر: المغرب الكبير (2/799)
(*2) انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء (20/370 ، 371)
(*3) انظر: تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين يوسف اشباخ (2/50)
(*4) انظر: الآراك د. شوقي ابو خليل ص (29)
(*5) كان لعبدالمؤمن ثلاثة عشر ولداً
(*6) القرن هنا:آلة موسيقية تعتمد على النفخ، تشبه تماماً القرن المعروف على رأس البقر أو غيره.
(*7) انظر: معركة الآراك ص (32)
(*8) انظر: سقوط دولة الموحدين ص (58)
(*9) انظر: سقوط الموحدين ص (60-62)
(*10)(1) انظر: سقوط الموحدين ص (62، 63، 64، 65، 66، 67، 68؛ 69)
☆ دولة الموحدين .د. علي الصلابي الفصل الثاني مختصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#تاريخ_دولة_الموحدين_جواهر [11]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق