أخبار عالميه
بسبب حرب روسيا على أوكرانيا.. هل يتسبب تشرنوبل في كارثة نووية جديدة؟
بالنظر إلى إرث تشرنوبل قد يعتقد المرء أن روسيا ستتجنب الهجمات على المفاعلات العاملة، خاصة أنها ستكون ضحية الجسيمات المشعة التي ستحملها الرياح إليها
رغم أن أوكرانيا لا تمتلك أسلحة نووية حاليا فإنها تمتلك على أراضيها 15 مفاعلا للطاقة النووية في 4 محطات تولد ما يقارب 50% من احتياجاتها من الطاقة في 4 مواقع.
أشهر هذه المنشآت محطة تشرنوبل للطاقة النووية التي أدى انفجار أحد مفاعلاتها عام 1986 إلى إطلاق سحب من المواد المشعة فوق المنطقة المحيطة، في حادثة وصفت بأنها الأسوأ من نوعها في القرن الـ20.
ارتفاع في مستوى الإشعاع
سيطرت القوات الروسية على تشرنوبل ومحطة الطاقة الخاصة بها يوم الخميس 24 فبراير/شباط الماضي بعد اشتباكات بالقرب من مستودع النفايات النووية بالموقع.
وأظهرت بيانات أنظمة رصد الإشعاع في المنطقة زيادة في مستوى إشعاع غاما بحوالي 20 مرة عن المستويات المعتادة في نقاط مراقبة متعددة، وفقا لتقرير نشر على موقع “لايف ساينس” (Live Science).
من ناحية أخرى، ذكر بيان نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه تم إبلاغها بتعرض محول كهربائي في موقع التخلص من النفايات المشعة منخفض المستوى للضرر، لكن دون إطلاق مواد مشعة بالقرب من مدينة خاركيف (شمال شرقي أوكرانيا).
وقد أثارت هذه البيانات قلق المجتمع الدولي، خاصة مع أخبار عن احتجاز الروس فريق العمل المكلف بمراقبة مستويات الإشعاع والحفاظ عليها ضمن حدود آمنة كرهائن من قبل القوات الروسية، وفقا لمصادر أوكرانية.
ورغم أن مسؤولين من الوكالة النووية الأوكرانية أرجعوا أسباب هذا الارتفاع إلى الغبار المشع الناجم عن حركة المعدات العسكرية الثقيلة في المنطقة فإن خطر الإصابة المباشرة -المقصودة أو غير المقصودة- للمحطات النووية في خضم هذا الصراع تبدو محتملة، بحسب الخبراء.
مخاطر محتملة
تعد محطات الطاقة أهدافا شائعة في الصراعات المسلحة الحديثة بحسب بينيت رامبيرغ الضابط الأميركي السابق ومؤلف كتاب “محطات الطاقة النووية كأسلحة للعدو (Nuclear Power Plants as Weapons for the Enemy)، لأن تدميرها يعيق قدرة الدولة على الاستمرار في القتال.
لكن المفاعلات النووية ليست مثل مصادر الطاقة الأخرى، وقد تتحول إلى شبح مخيف إذا ما أصيبت، لاحتوائها على كميات هائلة من المواد المشعة.
هذه الإشعاعات يمكن إطلاقها -وفقا لمقال نشره الخبير الأميركي في موقع “بروجكت سنديكيت” (Project Syndicate)- إثر قصف يحدث أضرارا بمبنى المفاعل أو يقطع خطوط التبريد الحيوية التي تحافظ على استقراره، كما يمكن إحداث أضرار جسيمة بالمحطة عبر هجوم إلكتروني أو قطع الطاقة الخارجية التي تعتمد عليها المحطات النووية لمواصلة عملها.
وبحسب الدكتورة ليديا زابلوتسكا أستاذة علم الأوبئة والصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في تصريح لموقع “بيبول” (People)، فإن تعرض محطة تشرنوبل لأي ضرر ستكون له تداعيات خطيرة، خاصة أن “التابوت الحجري الذي تم تشييده في عام 2017 ليحيط بالمفاعلات النووية ويوفر درعا يغطي المواد الإشعاعية المخزنة في الموقع شارف عمره الافتراضي على الانتهاء، وكان من المقرر هدمه بحلول عام 2023، وقد بدأ ملء موقع التخزين داخل البراميل لاحتواء المواد المشعة منذ حوالي عام فقط”.
روسيا أيضا ستكون ضحية
ووفقا للخبراء، تعتمد العواقب الصحية لمثل هذه الحوادث على عدد السكان المعرضين وسُميَّة العناصر المشعة، ولا تزال التكلفة الحقيقية لكارثة عام 1986 غير معروفة، حيث قدرت التقارير عدد الضحايا الحقيقي بين 4 آلاف و90 ألفا رغم أن عدد القتلى الفوريين لم يتجاوز رسميا 31.
“إذا حدث انفجار في ذلك الموقع وانطلقت الجسيمات المشعة في الجو فإنها ستشتت بفعل الرياح السائدة” كما تقول زابلوتسكا.
وتضيف زابلوتسكا أن “هذا ما حدث في عام 1986 عندما كانت الرياح تهب في الاتجاه الشمالي الغربي، مما أدى إلى انتشارها في جميع أنحاء شمال أوروبا”.
وإلى حد الآن يبدو أن المنشآت النووية الأوكرانية لم تتعرض بعد إلى خطر كبير، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ذكرت في بيانها الصادر يوم 26 فبراير/شباط الماضي أن أوكرانيا أبلغتها بأن محطات الطاقة النووية في البلاد لا تزال مستقرة وتعمل بشكل طبيعي، وأن موظفي مفتشية تنظيم الطاقة النووية الحكومية حافظوا على اتصالات منتظمة مع المحطات.
وبالنظر إلى إرث تشرنوبل قد يعتقد المرء أن روسيا ستتجنب الهجمات على المفاعلات العاملة، خاصة أنها ستكون ضحية الجسيمات المشعة التي ستحملها الرياح إليها، كما يقول رامبيرغ.