مقالاتنشاطات

في الذكرى 36 للتأسيس حزب العمال التونسي

تمرّ اليوم الذكرى الـ36 لإعلان تأسيس حزب العمال يوم 3 جانفي 1986 بمناسبة الذكرى الثانية لانتفاضة الخبز التي نازل فيها الشعب التونسي النظام الدكتاتوري البورقيبي دفاعا عن قوته، وقدّم فيها أجلّ التضحيات مثلما قدّم في كل ملاحمه التي ارتبط جزء كبير منها بشهر جانفي، شهر الانتفاضات الشعبية والعمالية. لقد تأسس حزب العمال ليكون أداة الطبقة العاملة وجماهير الشعب الكادح في المدن والأرياف من أجل تحررهم وانعتاقهم الوطني والاجتماعي. ومنذ تأسيسه لم يتأخر الحزب عن أيّ معركة من معارك شعبنا وقدّم مناضلاته ومناضلوه التضحيات الجسام إذ حوكم المئات منهم وأُطرد العديد من العمل والدراسة وخضعوا وعائلاتهم للرقابة البوليسية. ولم يتأخر الحزب عن دفع ضريبة الدم من خلال استشهاد ابنه البارّ نبيل البركاتي، العضو المؤسس للحزب الذي قدّم حياته قربانا للحرية والكرامة. لقد كان خط الحزب الفكري والسياسي والنضالي معبّرا بصدق عن مصالح الطبقة العاملة ومنحازا دون قيد أو شرط للكادحين وعموم الشعب. وكانت البوصلة دائما واضحة وصارمة في هذا المستوى، سواء قبل الثورة أو بعدها، هذه الثورة التي ناضل من أجلها الحزب وآمن بها حتى في أحلك الفترات في عهدي بورقيبة وبن علي، وفي عهد حكومات ما بعد الثورة، حكومات الثورة المضادة التي ركبت وما تزال تطلعات الشعب واستغلت ضعف تنظمه الذاتي والمستقل لتواصل باسمه أحيانا كل الخيارات اللاّوطنية واللاّشعبية واللاّإنسانية أصلا، وهو الحال اليوم بعد انقلاب قيس سعيد الذي زاد الأوضاع بؤسا على بؤس من خلال التدخل الحاسم لإنقاذ المنظومة الطبقية الفاشلة والفاسدة وسد الباب أمام الشعب كي يصلح خط السير ويتخلص من أحد أهم أسباب تعطل مساره الثوري. إنّ انقلاب سعيد وما ترتب عنه من استحواذ كلي على السلط والذي لم ينتج إلاّ مزيد التدهور في مختلف المستويات ولم يتحقق للشعب أيّ من وعود سعيد السابقة ولا الحالية، وقد أتت ميزانية العام الجديد لتقيم الدليل القطعي على حقيقة الظاهرة الشعبوية الحاكمة في بلادنا باعتبارها خادمة لمصالح الرأس المال الكبير التابع والريعي والفاسد، وقد جسدت تفاصيل الميزانية الجديدة هذا الجوهر الطبقي اللاّوطني واللاّشعبي بما ينزع ورقة التوت عن قيس سعيد وعن حجج من يدفع في اتجاه خلق قطب موال له.
إنّ حزب العمال، وهو يُحيي الذكرى السادسة والثلاثين لتأسيسه، وإذ ينحني أمام نضالات عضواته وأعضائه وأنصاره من مختلف الأجيال، وأمام تضحيات شعبنا ومناضليه من مختلف التعبيرات السياسية والتنظيمية التقدمية والذين عبّدُوا بنضالهم وثباتهم طريق الحرية وفي مقدمتهم الشهيد الرمز نبيل البركاتي وشهداء الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحمد بلمفتي ومجدي العجلاني، فإنه:
– يجدّد التزامه بجملة المبادئ والقيم الاشتراكية والثورية التي تأسس عليها ومن أجلها، قيم النضال من أجل تحرر شعبنا وانعتاقه وطنيا واجتماعيا من خلال نحت خيارات جديدة تجسّد السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية من خلال تكريس السلطة للشعب الكادح وعلى رأسه العمال والفلاحون ومجمل جيش المفقّرين والمهمّشين الذين لا خلاص لهم إلا بمجتمع العدالة والتحرر والاشتراكية باعتباره المجتمع الذي ينتهي فيه استغلال الإنسان للإنسان.
– يؤكد تمسكه بالنضال المتفاني من أجل فرض الديمقراطية الشعبية باعتبارها الفضاء الأمثل لتحرر شعبنا من مصّاصي دمائه ومن الديمقراطية البرجوازية المتعفنة والمرتبطة بالمال والفساد والتحكم والتزوير والتدجين لطاقات شعبنا ووعيه.
– يُجـدّد موقفه الواضح والصارم من انقلاب 25 جويلية الذي لم يكن لتحرير شعبنا من سلطة الإجرام الاخواني، بل لتكريس هيمنة جديدة لا تختلف من جهة الجوهر الطبقي والارتباطات الخارجية عن مجمل منظومات ما قبل 25 جويلية ولا حتى ما قبل 14 جانفي.
– يعتبر أنّ الحلّ الجذري لمشاكل تونس ومعضلاتها لن يكون مع الشعبوية كما لم يكن مع الدساترة والظلاميين، بل هو من خلال خيار وطني ديمقراطي شعبي مستقل يعبّئ الشعب الكادح والطبقات والفئات الوطنية حوله من أجل فتح طريق التحرر الفعلي لشعبنا وبلادنا.
– يجدد الدعوة إلى القوى التقدمية أحزابا وجمعيات وشخصيات من أجل توحيد الموقف والممارسة ومن ثمة توحيد الصفوف بكلّ الأشكال الممكنة والواقعية للتصدي للثالوث الرجعي وخياراته وأهدافه وهو ثالوث اليمين الشعبوي والظلامي والدستوري، الجاثم منه والداهم لمزيد تخريب تونس والالتفاف على تطلعات شعبها الحرّ والأبي.
– يؤكد ارتباطه العضوي بكل قضايا التحرر في الوطن العربي وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي ينحت شعبها ومقاومته أروع فصول الصمود لإحباط الهجوم الصهيوني المسنود من أنظمة العمالة التي تتهافت وتتسابق على التطبيع العلني في تحدي سافر لشعوبها وللشعب الفلسطيني، كما يجدد دعمه ومساندته للثورة الشعبية في السودان التي تقاوم فلول الطغمة العسكرية وأذنابها، ولنضالات القوى التقدمية في المغرب الشقيق وعلى رأسها حزب النهج الديمقراطي الشقيق التي يتعرض للحصار والقمع من قبل نظام العمالة والتطبيع على خلفية مواقفه ونضالاته، وفي لبنان والعراق في وجه الطائفية والظلامية.
– يجدّد دعمه لنضالات العمال والكادحين والشعوب عامة في مختلف أنحاء العالم في مواجهة النظام الرأسمالي والامبريالية العالمية المتأزمة التي تعمل بكل الوسائل على الخروج من أزمتها على حساب العمال والكادحين والشعوب والأمم الضعيفة والصغيرة كما على حساب كوكبنا والطبيعة، وهي تحشد من أجل ذلك شتى أنواع أسلحة الدمار الشامل وتثير النزاعات والحروب في مختلف مناطق العالم. إنّ حزب العمال إذ يحيّي كفاح العمال والشعوب في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية في المدة الأخيرة، فإنه يؤكد من جديد قناعته بألاّ خلاص للإنسانية إلاّ بالتخلص نهائيا من الرأسمالية ووضع أسس حضارة إنسانية جديدة قائمة على الإخاء والتعاون والعدالة بين البشر، الحضارة الاشتراكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق