الرئيسية
د. الغربي: اليوم العالمي للغة العربية يُعدُّ حدثا استثنائيًا
د.جواهر العبد العال
أجمع المشاركون في ندوة “مستويات اللغة بين الفصحى والإعلام” التي نظمتها جمعية “إعلاميون” على أن القيادة السعودية أولت اللغة العربية اهتمامًا بالغًا من خلال اعتمادها في الخطابات والمراسلات بين جميع قطاعات الادراة وكذلك في الندوات والمؤتمرات وفي كلمات المسؤولين، وما خطابات ولي العهد إلا أكبر دليل على ذلك، إضافة إلى اعتمادها لتكون لغة الإعلام الرسمي الذي تهتم به القيادة.
وجاء ذلك خلال احتفال جمعية “إعلاميون” بيوم اللغة العربية العالمي لعام 2021 تحت شعار ”اللغة العربية والتواصل الحضاري”، وقد شارك في ندوة “مستويات اللغة بين الفصحى والإعلام” كلٌ من: الأستاذ الدكتور /
عبد الله بن عبد الرحمن الحيدري أستاذ الأدب والنقد بجامعة الإمام / محمد بن سعود الإسلامية رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض سابقًا، الدكتورة / أمل التميمي أستاذ مشارك بكلية الآداب بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب في جامعة الملك / سعود، والدكتور/ هلال الرحيمي مذيع أخبار وبرامج سياسية في القناة السعودية، فيما أدار الندوة الدكتور/ علي الضميان عضو جمعية “إعلاميون”، وذلك في قاعة الفعاليات في مقر الجمعية بالرياض.
وفي افتتاحية الندوة، أكد الدكتور / سعود الغربي رئيس مجلس إدارة جمعية “إعلاميون”، أن اليوم العالمي للغة العربية يُعدُّ حدثا استثنائيًا لـ “إعلاميون”، حيث تحرص الجمعية كل سنة على المشاركة فيه بمبادرات وفعاليات وأنشطة عدة، فهي جزءآ من نسيج المجتمع لا يتجزأ عنه. وبين رئيس مجلس إدارة جمعية “إعلاميون”، أن الجمعية أقامت هذا العام نشاطين بهذا اليوم العالمي، وهما: ندوة في مقرها الرئيس بالرياض بعنوان “مستويات اللغة بين الفصحى والإعلام”، والأمسية الشعرية التي نفذها فرع الجمعية بمنطقة الجوف بعنوان “لغتنا هويتنا”، إضافة إلى مشاركة فروع الجمعية في عدد من مناطق المملكة بمنتجات إعلامية عن اللغة العربية، كما أن موقع الجمعية الإلكتروني قد نشر مقالة لعضو الجمعية بالمدينة المنورة / إيمان الحماد. لافتًا إلى أن هذه الفعاليات هي جزء من واجب ورسالة الجمعية، خدمةً لثقافتنا ولغتنا ومجتمعنا عامة والمجتمع الإعلامي خاصة. مشيدًا بجهود كل أعضاء الجمعية الذين عملوا بكل حب وتفانِ في هذه الأنشطة. مثمنًا كل ما يقدمونه من عمل تطوعي مميز ويعكس الصورة الإيجابية عن الإعلامي ورسالته ومسؤوليته تجاه وطنه وثقافته ومجتمعه.
من جهته، بين الدكتور / علي الضميان أن اللغة العربية تُعدُّ ركنًا من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشارًا واستخدامًا في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة.
يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من كانون الأول / ديسمبر من كل عام. مشيرًا إلى أنه قد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 م قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.
وأضاف الدكتور/ الضميان، أن اللغة العربية أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء. وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات. ولافتًا إلى أن تاريخ اللغة العربية يزخر بالشواهد التي تبيّن الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ كانت اللغة العربية حافزًا إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة. وأتاحت اللغة العربية إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
وفي السياق ذاته، بيّن الأستاذ الدكتور/ عبد الله الحيدري أن المملكة منذ تأسيسها عنيت باللغة العربية وقد سار على ذلك ملوك المملكة حتى العهد الحالي، كما أنها أنشأت الكليات المتخصصة والمراكز التي تعنى باللغة وتنهض بالعمل بها، ومنها: مركز الملك/ عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الذي عني باللغة العربية وآدابها وخدم البحث العلمي. ومركز دراسة اللغة العربية وآدابها.
وأشارالدكتور / الحيدري إلى أن مجمع الملك / سلمان العالمي للغة العربية هو أحد أبرز مبادرات الإستراتيجية الوطنية لوزارة الثقافة للمساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليميًا وعالميًا.
من جهته، قدّم الدكتور / هلال الرحيمي، شكره لجمعية “إعلاميون” على هذه المبادرة وهذا التفاعل مع المواضيع والقضايا المتصلة بحراك المجتمع وثقافته وتراثه، وهذا ليس مستغربًا على مؤسسة نشطة يقودها أساتذة تميزوا في مجالاتهم الإعلامية والثقافية المتنوعة، بقيادة الدكتور / سعود الغربي، والأستاذ/ عبد العزيز العيد، وأعضاء مجلس الإدارة، وأعضاء الجمعية.
وبين الدكتور / هلال، أن هناك جدلآ مستمرآ حول اللغة الإعلامية التي ينبغي أن تلتزم بها وسائل الإعلام الناطقة بالعربية، وأن تلك الجدليات تدور في ثلاثة آراء، وهي: المهتمون باللغة والمختصون في مجالها يرون أن على وسائل الإعلام أن تنهض بدورها في خدمة اللغة العربية. والرأي الآخر يمثله بعض الإعلاميين ويرون ضرورة الانعتاق من قيود اللغة ومخاطبة الناس بما يحبون في إطار العفوية والتلقائية. أما الثالث فيرون أن الأخذ بالوسط بين الرأيين وذلك من خلال ما يعرف باللغة البيضاء.
وأوضح الدكتور / الرحيمي، أن المتابع لوسائل الإعلام السعودية يلاحظ تراجعًا ملموسًا في استخدام اللغة الفصيحة والميل نحو اللهجة البيضاء أو الهجينة التي تخلط الفصحى مع العامية. متطرقًا لواقع اللغة في الإعلام المحلي، حيث إن الصحف المطبوعة التي تصارع من أجل البقاء هي الأكثر التزامًا وجودة باستخدام اللغة بينما الصحف الإلكترونية أصبحت مجالًا رحبًا لكثرة الأخطاء؛ لاعتمادها على سرعة النقل ومتابعة الأحداث، أما مواقع التواصل الإجتماعي فهي تتفاوت بحسب معرفتهم للغة العربية السليمة أو جهلهم بذلك، بينما نجد القنوات التلفازية تستخدم اللغة الفصيحة في البرامج الإخبارية والتقارير وبعض البرامج الدينية والثقافية وما عداها من البرامج يكون بلهجات محلية، وأما الإذاعات الحكومية لاتزال محافظة على مستوى جودة اللغة العربية بنسبة عالية وعلى نقيضها الإذعات التجارية. فيما تخلت الإعلانات التجارية عن اللغة العربية ومالت للهجات العامية.
وأشار الدكتور / هلال إلى أن الأسباب التي أدت إلى تراجع اللغة العربية في وسائل الإعلام هي طبيعة المجتمع الذي تخاطبه هذه الوسائل، فوضع اللغة العربية في الإعلام مرتبط بوضعها في المجتمع الذي تعمل فيه كون الإعلام هو مرآة عاكسة لصورة المجتمع. كما أثرت وسائل التواصل الإجتماعي على اللغة العربية حيث إن هذه الوسائل أصبحت في متناول الجميع ويستخدمها أغلب الأفراد ويتفاعلون معها وتركت آثارًا إيجابية وأخرى سلبية في ثقافة المجتمع.
وعرض الدكتور الرحيمي، حلولًا لمعالجة واقع اللغة العربية في وسائل الإعلام ومنها: تفعيل دور المؤسسات والمجامع اللغوية والمراكز المختصة في رفع الوعي المجتمعي بأهمية اللغة وتغيير النظرة السائدة عنها. جعل اللغة جزءً من منظومة الوسيلة الإعلامية. تطوير مناهج اللغة العربية في أقسام الإعلام وتبسيطها لتواكب اللغة الإعلامية المعاصرة دون الإخلال بقواعد اللغة العربية السليمة.
على صعيد متصل، أكدت الدكتورة/ أمل التميمي اهتمام سمو ولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان – يحفظه الله – باللغة العربية في خطاباته من خلال التحدث بلغته الأم في المنصات الخارجية وأمام العالم؛ لتأصيل هوية اللغة العربية عالميًا في مخاطبته المجتمع الخارجي باللغة العربية. وكذلك متحدث ومحاور جيد حيث يحاور بمنطق الإقناع. كلمات ولي العهد تُجسد رؤية وطن وحلم أمة. يستخدم ولي العهد لغة الأرقام بدقة واحترافية. وكذلك أقوال ولي العهد ملهمة إبداعية للشعر والغناء الوطني.
وبيّنت الدكتورة / التميمي، أن لغة صاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن سلمان، تمتاز  بالتواصل، والحوار، والارتقاء بالمستوى الإعلامي للرؤية والمتلقي من خلال لغة سهلة الحفظ والتكرار، وإذكاء الوعي بما في اللغة العربية من دور مهم في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته. مشيرةً إلى مميزات الاستعمال اللغوي لسمو ولي العهد ومنها: الاعتناء الشديد التحدث باللغة العربية أثناء الحوارات والتصريحات الداخلية والدولية.
واستطردت الدكتورة / أمل، يتفرد سمو ولي العهد بإتقان اللغة الفصحى الإعلامية في أعلى هرم من مستويات اللغة الإعلامية. وإتقان اللغة الخاصة بالإعلام والتحدث بشكل سليم ودون تعقيد، وهي تضم العديد من العبارات التي تعزز من المعرفة والقدرة على تشكيل لغة إعلامية سليمة. مكن توظيف المستوى اللغوي الذي يستخدمه في التلفاز والإذاعة، وفي أي وسيلة سمعية أو بصرية لقصر الجمل التي يستخدمها، يسهل على المستمع التقاطها أو المشاهد. واستخدام لغة القوة سهلة يسهل حفظها وتكراراها. تجنب كثيرًا من ألفاظ الحشو التي يمكن تؤدي إلى تشويش للسامع أو المتلقي. استخدام الرموز. واستخدم لغة الأرقام وأسلوب المقارنة. وفي اللقاءات الإعلامية يجمع بين الصوت والصورة والحركة، وهو يُعدُّ أكثر قوة من الوسائل الأخرى؛ لأنه يجذب المشاهد وقتًا أطول ويحتاج منه إلى اهتمام وتركيز وانتباه أكثر. لغة الصورة أخذت موقعًا متميزًا صاحبه الاداء المتميز في استخدام اللغة العربية.