مقالات

في ذكرى مولد سيد الخلق اجمعين نبينا محمد عليه الصلاة وافضل التسليم أ.د يوسف ذياب عواد

ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء قبل مولد محمد صلى الله عليه وسلم تلألأ الكون نورا وجمالا فظن العرب ان حدثا عظيما وجليلا سيحدث ولم يظنوا ان الحدث سيكون مولد نبي يتيم الاب سليل قبيلة عريقة ليختم الله به رسالاته السماوية وأنبيائه لبني البشر كي ينقذهم من ظلم العباد الى عدل السماء… وشاءت الاقدار ان يرسله عمه ابو طالب للصحراء ليشتد عوده وينعم لسانه بالبلاغة والبديع فاحتضنته حليمة السعدية لتنعم ببركة كل شيء لديها…وتوالت المواقف والأحداث ليتنامى للناس في مكة ان هناك رجلا أمينا وصادقا وودوودا وله بركات لم يعهدها الناس من ذي قبل.. وعندما انزل الله قرآنه وقراره باصطفائه نبيا وقفوا في طريق دعوته واتهموه بالمس والخروج عن العادات والمعتقدات وكادوا له المكائد وكاد ان يهزم لولا ان جعل الله عمه ابو طالب سدا منيعا من النيل به رغم اختلافه عنه في الدين والمعتقد … وقبل ان يعلنها دعوة صريحة وجد في الدعوة السرية والصبر والتحمل على من وضع الشوك في طريقه او اختفائه عن الأنظار في شعب ابي طالب او تهريب أصحابه الى الحبشة محطات لا بد منها لنصرة القلة على الكثرة .. أيقن صلوات الله عليه ان وعد السماء سينتصر على ظلم البشر … وتتالت الأحداث ليعود فاتحاً لمكة التي أحب بعد ان هجرها وصاحبه ابو بكر وهي أحب بقاع الارض اليه لينفر بدينه ويستنصرالأنصار في يثرب ليعلي الله من فضله امر شريعته الغراء…. محمد عليه الصلاة والسلام كان قدوة في المعاملة وبسيطا في شخصه وزوجا صالحا وعادلا ونصيرا للمظلوم وعدوا للكافرين والمنافقين .. رعى الغنم وعاش بعيدا عن القصور بل بين الصخور ليتعبد في غار حراء ويختبئ في غار ثور.. .. كان نصيرا للفقراء ومحررا للعبيد من ظلم أسيادهم .كان متسامحا ومتواضعا .. كان وحيا يوحى بأمر ربه فيعلم الناس أمور دينهم … محمد صلوات الله عليه ترك فينا ما ان تمسكنا بهما لن نضل أبدا … انه الاسلام الذي رحم الله البشرية فيه منذ ان ولد نبينا الكريم وحتى يومنا هذا فاستوعب ما قبله من أديان ليكون الاسلام مكملا لها …

تمر الذكريات وتتوالى عاما تلو اخر حتى تجاوز القرن قرنا غيره بل يزيد وتبقى رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تفيض نورا وعدلا وسلاما .. هذا النبي الامي الذي ابتعثه الله رحمة للعالمين بدأ قصته مع الله بتعبد ذاتي في غار حراء حتى اتاه جبريل فاجزعه قائلا اقرأ … اقرأ باسم ربك الذي خلق … انتفض سيدنا لعظمة وهول ما رآى وعاد مسرعا لخديجة الزوجة والمناصرة له … دثروني دثروني .. وما ان اشتد عوده وتعاظم الاسلام بقلبه وامن بربه حتى غدت الخلوة مع الله سرا تجلب له جبريل بآيات معجزات هن ام الكتاب … القرآن الكريم … وانقلب خوفه وهاجسه الى لذة تتغلغل القلوب .. وانتقل به الامر الى دار الارقم يعلم نفرا من اصحابه امور دينهم ودنياهم حتى انكشف امرهم وهربوا الى الحبشة التي فيها ملك يسمى بالنجاشي لا يظلم عنده احد .. نصراني طبعا .. من اهل الكتاب ولعل بالمقارنة بين مشركي مكة وهذا الملك العدل نرى الفرق بين الارض والسماء .. وما ان هاجر نبينا الكريم من مكة مرغما حتى بنى مجتمعا اسلاميا غاية في الاخوة والمودة والتسامح .. الانصار والخزرج في لحمة واحدة يشد بعضهم ازر بعض .. مسيرة بناء بدأت باستقبال فريد لنبي طريد .. مرددين طلع البدر علينا من ثنيات الوداع .. عيون تبكي من فوق نخيل تنتظر بشق الانفس رؤية نبي كريم جاء بدعوة ربانية لاخراج الناس من الظلمات الى النور .. واستقرت ناقته المأمورة في ارض جرداء سرعان ما تحولت الى بيت من بيوت الله .. مسجد رسول الله صلى الله عليك وسلم … ومنه انطلقت اعظم مسيرة من مسيرات النبوة السمحاء … بعدما انتقل من نكد قريش ببكة ومضايقاتها الى افق يثرب الرحب بعزتها وحسن اهلها .. قومه الذين ضايقوه وغيرهم احتضنوه وبايعوه .. من مفارقات التصور في ذاك الزمان لان الجاهلية عدوة الحق ليس الا! … من المدينة المنورة بدأت حياة الاسلام تنبض كقوة عظمى ومنها انطلقت الجيوش لفتح البلاد عرضا وطولا .. معارك انتصر بها جيش الاسلام بعقيدتهم لا بكثرة عددهم.. انها النبوة القدوة والحق المبين اللتان اثرت بهم وتأثروا بها … ذكرى مولده الكريم لم تنفصل قطعا عن دعوته وهجرته … كلها ومضات من محطات نبي بعثه الله هدى ورحمة للعالمين … اللهم ارزقنا شفاعته واسقنا من يديه الكريمتين فلا نظمأ بعدها ابدا . والصلاة والسلام على نبينا وال بيته وصحابته وتابعيه الى يوم الدين ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق