الرئيسية

الرئيس عباس يمهل إسرائيل سنة للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67

قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، “لقد وصلنا إلى مواجهة مع الحقيقة مع سلطة الاحتلال، ويبدو أننا على مفترق طرق، أقول إنه قد طفح الكيل، فالوضع أصبح لا يحتمل، وغير قابل للاستمرار، ولم يعد شعبنا يحتمل المزيد.

وأضاف، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة 76، اليوم الجمعة، لقد ناضلت طوال حياتي من أجل صنع السلام، واتبعت الطرق السلمية والقانونية والدبلوماسية والعمل في المحافل الدولية. مددنا أيدينا مرارا للسلام، ولا نجد شريكا في إسرائيل يؤمن ويقبل بحل الدولتين.

وقال إن أمام سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام واحد لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ونحن على استعداد للعمل خلال هذا العام على ترسيم الحدود وإنهاء جميع قضايا الوضع النهائي تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية، وفق قرارات الشرعية الدولية، وفي حال عدم تحقيق ذلك، فلماذا يبقى الاعتراف بإسرائيل قائما على أساس حدود العام 1967؟ لماذا يبقى هذا الاعتراف؟

وأكد أن شعبنا لن يسلم بواقع الاحتلال وممارساته غير الشرعية، وسيواصل نضاله للوصول إلى حقوقه في تقرير المصير، والبدائل أمام شعبنا مفتوحة، بما فيها خيار العودة لحل يستند إلى قرار التقسيم رقم 181 للعام 1947، الذي يعطي دولة فلسطين 44 % من الأرض، وهي ضعف مساحة الأرض القائمة على حدود العام 1967.

وقال الرئيس: سنتوجه إلى محكمة العدل الدولية، باعتبارها الهيئة الأعلى في القضاء الدولي، لاتخاذ قرار حول شرعية وجود الاحتلال على أرض دولة فلسطين، والمسؤوليات المترتبة على الأمم المتحدة ودول العالم إزاء ذلك، وسوف يتوجب على الجميع التقيد بنتائج ما سيصدر عن المحكمة بهذا الصدد، فالاستعمار والأبارتهايد محظوران في القانون الدولي، وهما جرائم يجب مواجهتها، ومنظومة يجب تفكيكها.

وحذر الرئيس من أن تقويض حل الدولتين القائم على الشرعية الدولية، سيفتح الأبواب واسعة أمام بدائل أخرى سيفرضها علينا جميعا الواقع القائم على الأرض، في ظل عدم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولتنا، وفي ظل عدم حل مشكلة 7 مليون لاجئ فلسطيني، اقتلعوا من أرضهم في عام 1948، وفي ظل السرقة المنظمة للأرض الفلسطينية، وجرائم الاحتلال وهدم المنازل كوسيلة قهر وعقاب جماعي، وكذلك عمليات القتل، واعتقال الآلاف، ومنهم النساء والمرضى والأطفال القصر، ومواصلة الحصار الجائر لقطاع غزة، والقيام بعمليات الضم تحت مسميات مختلفة.

وقال: في هذا العام يكون قد مر على النكبة الفلسطينية 73 عاما، حيث طرد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في حينه من أرضهم، وتم الاستيلاء على أملاكهم. وأنا وعائلتي ومثلنا الكثير، لدينا صكوك ملكية لهذه الأرض التي هي أيضا موثقة في سجلات الأمم المتحدة، ورغم ذلك لم نتمكن من استعادتها، بسبب القوانين الإسرائيلية التي ترفض الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد على حق اللاجئ الفلسطيني في العودة إلى وطنه، واسترداد أملاكه، وجبر الضرر، وفقا للقرارات الدولية وبخاصة القرار 194.

وأضاف أن تهرب الحكومة الإسرائيلية الحالية والسابقة من الحل السياسي القائم على حل الدولتين وفق الشرعية الدولية، بمواصلة الاحتلال والسيطرة العسكرية على الشعب الفلسطيني، وطرح مشاريع اقتصادية وأمنية بديلة واهية، هي مخططات أحادية الجانب لن تحقق الأمن والاستقرار لأحد، لأنها تعيق جهود السلام الحقيقي وتطيل أمد الاحتلال، وتكرس واقع الدولة الواحدة العنصرية.

وتابع أن ما تقوم به سلطة الاحتلال الإسرائيلي من جرائم وممارسات عدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، لن توقف نضال شعبنا من أجل تحقيق حريته واستقلاله على أرضه، كما وأن النظام الاستعماري الذي أنشأته على أرضنا مآله إلى زوال طال الزمان أم قصر. لن نسمح لهم بالاستيلاء على حياتنا وقتل أحلام وآمال وطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال.

وأضاف أن ما يؤسف له أن سياسات المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة تجاه حل القضية الفلسطينية قد فشلت جميعها حتى الآن، لأنها لم تتمكن من محاسبة إسرائيل ومساءلتها وفرض عقوبات عليها بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي، ما جعل إسرائيل، التي تدعي بأنها دولة ديمقراطية، تتصرف كدولة فوق القانون.

وأكد أنه لا يمكن أن نتخلى عن أبناء شعبنا، وسنواصل العمل حتى إطلاق سراح أسرانا جميعا. وتحية هنا لهبة الأسرى، تحية لهبة الأسرى. فإذا اندحر الاحتلال، لن يكون هناك قضية أسرى.

وتساءل الرئيس وخاطب الضمائر الحية في هذا العالم، هل هناك في هذا الكون من يعاقب الجثامين ويمنع الأهل من دفنها، إلا من افتقد الأخلاق والإنسانية فقط؟

وقال: أقول لقادة إسرائيل، لا تقهروا الشعب الفلسطيني وتضعوه في الزاوية وتحرموه من كرامته وحقه في أرضه ودولته، لأنكم بذلك ستدمرون كل شيء، ولصبرنا وصبر شعبنا حدود.

وجدد التأكيد أن الشعب الفلسطيني سيدافع عن وجوده وهويته، لن يركع، ولن يستسلم، ولن يرحل، وسيبقى على أرضه يدافع عنها، ويدافع عن مصيره، وسيواصل مسيرته العظيمة حتى إنهاء الاحتلال عن أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال: هذه أرضنا، وهذه قدسنا، وهذه هويتنا الفلسطينية، سندافع عنها إلى أن يرحل المحتل عنها، لأن المستقبل لنا، والأمن والسلام لن يكون لكم وحدكم. حلو عنا.

وأكد مجددا أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وأننا نحرص على وحدة شعبنا وأرضنا، والذهاب إلى انتخابات عامة ورئاسية ومجلس وطني بمجرد ضمان تنظيمها في القدس حسب الاتفاقيات الموقعة، داعيا المجتمع الدولي لمساعدتنا في الضغط على حكومة الاحتلال لتنظيم هذه الانتخابات في القدس، حيث لا يعقل أن نبقى بدون انتخابات.

وقال: سنستمر في العمل على الانضمام للمنظمات الدولية، وما تبقى فيها وهي أكثر من 500 من المنظمات المعروفة في الهيئات الدولية.

وأضاف أنه أصدر التعليمات لاتخاذ الإجراءات من أجل تلافي أية أخطاء، ومواصلة احترام سيادة القانون وحرية التعبير وحقوق الإنسان كنهج نتمسك به في بلادنا.

كما جدد التأكيد للمجتمع الدولي بأننا ملتزمون بالعمل السياسي والحوار طريقا لتحقيق السلام، وتكريس المقاومة الشعبية السلمية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومصادره في منطقتنا والعالم.

وفيما يلي نص كلمة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة 76، نيويورك 24 سبتمبر/ أيلول 2021 

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة السيد عبد الله شهيد، رئيس الجمعية العامة،

معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،

السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود،

في هذا العام يكون قد مر على النكبة الفلسطينية، 73 عاما، حيث طرد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في حينه من أرضهم، وتم الاستيلاء على أملاكهم. وأنا وعائلتي ومثلنا الكثير، لدينا صكوك ملكية لهذه الأرض التي هي أيضا موثقة في سجلات الأمم المتحدة. وهذه هي الوثيقة التي لدينا، ولدى الملايين من الفلسطينيين الذين يحملونها إلى الآن، ويحملون مفاتيح بيوتهم حتى الآن. ورغم ذلك لم نتمكن من استعادتها، بسبب القوانين الإسرائيلية التي ترفض الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد على حق اللاجئ الفلسطيني في العودة إلى وطنه، واسترداد أملاكه، وجبر الضرر، وفقا للقرارات الدولية وبخاصة القرار 194.

وعلى النقيض من ذلك، تقوم سلطة الاحتلال الإسرائيلي بسن القوانين وعقد المحاكمات لطرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح وسلوان في القدس، دون وجه حق، وهو ما يصفه القانون الدولي بالتطهير العرقي، الأمر الذي نرفضه ويرفضه المجتمع الدولي باعتباره جريمة وفق القانون الدولي. وفي هذا العام أيضا يكون قد مر 54 عاما على الاحتلال العسكري الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في العام 1967.

ورغم أننا عقدنا اتفاق مبادئ لصنع السلام وتبادل الاعتراف مع إسرائيل في العام 1993، المعروف باتفاق أوسلو، التزمنا نحن بجميع بنوده حتى يومنا هذا، كما وافقنا على كل دعوة جادة أو مبادرة للحل السياسي المبني على الشرعية الدولية، بما في ذلك مبادرة السلام العربية للعام 2002، وخارطة الطريق للعام 2003، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقيات الموقعة وتهربت من الانخراط في جميع مبادرات السلام، وواصلت مشروعها التوسعي الاستعماري، وتدمير فرص الحل السياسي على أساس حل الدولتين.

وردا على أولئك الذين يزعمون بأنه لا يوجد شريك فلسطيني للسلام، وأننا لا نضيع فرصة إلا لكي نضيع فرصة، فإنني أتحدى أن يثبت أحد بأننا، ولو مرة واحدة، رفضنا مبادرة حقيقية وجادة لتحقيق السلام، وإنني أقبل بشهادة العالم في ذلك.

أيها السيدات والسادة، هل تعتقد سلطة الاحتلال الإسرائيلي أنها تستطيع الإفلات من جريمة اقتلاع أكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه وارتكاب العديد من المجازر التي ذبحت وقتلت خلالها الآلاف من الفلسطينيين في العام 1948، في بلد الشيخ، ودير ياسين، وأبو شوشة، والطنطورة، وعين الزيتون، وقبية وغيرها، والتي تلاها تدمير ومسح آثار أكثر من خمسمائة قرية وبلدة وتجمع فلسطيني، وهل تعتقد إسرائيل أنها تستطيع بكل بساطة تجاهل الحقوق المشروعة، بما فيها السياسية لملايين الفلسطينيين في الداخل والخارج، أصحاب هذه الأرض وفي القلب منها القدس، ومواصلة ممارساتها لسرقة أرضهم وخنق اقتصادهم ومنعهم حتى من التنفس بحرية؟

وهل تعتقد إسرائيل، أنها تستطيع إلى ما لا نهاية تسويق رواية زائفة تتجاهل حق الشعب الفلسطيني التاريخي والحاضر في وطنه؟ ما تقوم به سلطة الاحتلال الإسرائيلي من جرائم وممارسات عدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، لن توقف نضال شعبنا من أجل تحقيق حريته واستقلاله على أرضه، كما وأن النظام الاستعماري الذي أنشأته على أرضنا مآله إلى زوال طال الزمان أم قصر. لن نسمح لهم بالاستيلاء على حياتنا وقتل أحلام وآمال وطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال.

أيها السيدات والسادة، إن ما يؤسف له أن سياسات المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة تجاه حل القضية الفلسطينية قد فشلت جميعها حتى الآن، لأنها لم تتمكن من محاسبة إسرائيل ومساءلتها وفرض عقوبات عليها بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي، ما جعل إسرائيل، التي تدعي بأنها دولة ديمقراطية، تتصرف كدولة فوق القانون.

أيها السيدات والسادة، لا زالت هناك بعض الدول التي لم تقم بالإقرار بحقيقة أن إسرائيل هي سلطة احتلال وتمييز عنصري وتطهير عرقي، وبعض هذه الدول تتفاخر بأنها تتشارك مع إسرائيل بذات القيم، فعن أية قيم مشتركة يتحدثون؟ فعن أية قيم مشتركة يتحدثون؟ إن هذا الأمر أوصل إسرائيل إلى حد الغرور والغطرسة، ورفض جميع القرارات الأممية وضربها عرض الحائط.

في مقابل ذلك فإن هناك من يطالب الشعب الفلسطيني ومؤسساته، التي تؤمن بثقافة السلام وسيادة القانون، أن يقدم التفسيرات والشروحات، ويثبت أنه لا يقوم بالتحريض على الكراهية أو تشجيع العنف. وعلى سبيل المثال، علينا أن نشرح ونبرر ما يكتب في مناهجنا المدرسية، رغم أنها تشرح روايتنا وهويتنا الوطنية، بينما لا يطالب أحد بالاطلاع على المناهج والإعلام الإسرائيلي، ليرى العالم التحريض الحقيقي الذي تقوم به المؤسسات المختلفة في إسرائيل؟ إننا نرفض مثل هذه المعايير المزدوجة، إننا نرفض هذه المعايير المزدوجة.

ولماذا علينا أن نوضح ونبرر توفير الرعاية لعائلات الأسرى والشهداء الذين هم ضحايا الاحتلال وممارساته القمعية؟ لا يمكن، أيها السيدات والسادة، أن نتخلى عن أبناء شعبنا، وسنواصل العمل حتى إطلاق سراح أسرانا جميعا. وتحية هنا لهبة الأسرى، تحية لهبة الأسرى. فإذا اندحر الاحتلال، لن يكون هناك قضية أسرى. كما وأنني أتساءل، وأخاطب الضمائر الحية في هذا العالم، هل هناك في هذا الكون من يعاقب الجثامين ويمنع الأهل من دفنها، إلا من افتقد الأخلاق والإنسانية؟.

فإلى متى سيستمر هذا الظلم التاريخي لشعبنا، وهل تعتقد الدول التي تدعم إسرائيل، بتقديم المزيد من المال والسلاح الذي تستخدمه لإطالة أمد احتلالها وقتل الفلسطينيين، والسكوت على سياساتها العدوانية، وحصار الفلسطينيين وخنق أنفاسهم، هل تعتقد أنها بذلك ستأتي بالأمن والسلام للشعب الإسرائيلي، وبالاستقرار في المنطقة؟ الجواب، قطعا لا، وأقولها بملء الفيه لا.

ماذا تريدون من الشعب الفلسطيني؟ لقد التزمنا بكل ما طلب منا وفق قرارات الشرعية الدولية، وضغطنا على شعبنا وعلى أنفسنا لتحمل الألم في انتظار الأمل، فماذا كانت النتيجة؟ لقد أثبتت أحداث التاريخ طوال العقود الماضية عدم صوابية هذه السياسات الدولية تجاه إسرائيل.

السيدات والسادة، في إطار تمتين جبهتنا الداخلية، نؤكد مجددا أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وأننا نحرص على وحدة شعبنا وأرضنا، والذهاب إلى انتخابات عامة ورئاسية ومجلس وطني بمجرد ضمان تنظيمها في القدس حسب الاتفاقيات الموقعة، وندعو المجتمع الدولي لمساعدتنا في الضغط على حكومة الاحتلال لتنظيم هذه الانتخابات في القدس، حيث لا يعقل أن نبقى بدون انتخابات. وأقول هنا أننا لم نلغي الانتخابات، إنما أجلناها بسبب عدم إجراء الانتخابات في القدس. إلى حين تحقيق ذلك، فإننا سنواصل السعي من أجل توفير الشروط اللازمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ناجحة، حتى نتمكن من مساعدة أبناء شعبنا في كل مكان، وتنفيذ عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب وقفا كاملا وشاملا للعدوان في كل مكان على أرض دولة فلسطين.

ويسعدنا أن نؤكد أن الأشهر القادمة ستشهد تنظيم الانتخابات البلدية في الأراضي الفلسطينية وفق القانون، وستتواصل الانتخابات لجميع الاتحادات والنقابات والجامعات التي شرعنا فعلا فيها منذ حين.

السيدات والسادة،

على صعيد بناء مؤسسات الدولة، نؤكد أن لدينا دولة كاملة البنيان، مؤسساتها تعمل وفق سيادة القانون والمحاسبة والشفافية والديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وتمكين المرأة والشباب، وقد نجحنا في الانضمام لأكثر من 115 منظمة ومعاهدة دولية بهدف الدفاع عن حقوق شعبنا، وتعزيز القوانين والنظم الفلسطينية، بما فيها حقوق الإنسان. وسنستمر في العمل على الانضمام للمنظمات الدولية، وما تبقى فيها وهي أكثر من 500 من المنظمات المعروفة في الأمم المتحدة.

وقد بادرنا للعمل المشترك مع المنظمات الحقوقية والأهلية الفلسطينية من أجل الحفاظ على هذه الإنجازات الوطنية وترشيد وتصويب عمل المؤسسات على أساس الاحتكام للقانون.

لقد أصدرت التعليمات لاتخاذ الإجراءات من أجل تلافي أية أخطاء، ومواصلة احترام سيادة القانون وحرية التعبير وحقوق الإنسان كنهج نتمسك به في بلادنا.

كما وأجدد التأكيد للمجتمع الدولي بأننا ملتزمون بالعمل السياسي والحوار طريقا لتحقيق السلام، وتكريس المقاومة الشعبية السلمية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومصادره في منطقتنا والعالم. نحن لدينا أكثر من 83 اتفاقية مع دول العالم لمحاربة الإرهاب العالمي.

السيدات والسادة،

أود الإشارة هنا في سياق مختلف، إلى حوارنا البناء الذي يجري حاليا مع الإدارة الأمريكية لاستعادة العلاقات الفلسطينية الأمريكية، ووضع خطوات تضمن التزام سلطة الاحتلال بالاتفاقيات الموقعة. نحن من جانبنا سنسعى لإنجاح ذلك بهدف خلق أجواء تسمح بالانتقال بأسرع وقت ممكن إلى الحل السياسي الدائم الذي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا.

إلا أن تهرب الحكومة الإسرائيلية الحالية والسابقة من الحل السياسي القائم على حل الدولتين وفق الشرعية الدولية، بمواصلة الاحتلال والسيطرة العسكرية على الشعب الفلسطيني، وطرح مشاريع اقتصادية وأمنية بديلة واهية، هي مخططات أحادية الجانب لن تحقق الأمن والاستقرار لأحد، لأنها تعيق جهود السلام الحقيقي وتطيل أمد الاحتلال، وتكرس واقع الدولة الواحدة العنصرية.

أيها السيدات والسادة، لقد وصلنا إلى مواجهة مع الحقيقة مع سلطة الاحتلال، ويبدو أننا على مفترق طرق، أقول إنه قد طفح الكيل، فالوضع أصبح لا يحتمل، وغير قابل للاستمرار، ولم يعد شعبنا يحتمل المزيد.

لقد ناضلت طوال حياتي من أجل صنع السلام، واتبعت الطرق السلمية والقانونية والدبلوماسية والعمل في المحافل الدولية. مددنا أيدينا مرارا للسلام، ولا نجد شريكا في إسرائيل يؤمن ويقبل بحل الدولتين.

ولم يعد قادة إسرائيل اليوم، يشعرون بأي حرج وهم يتنكرون بكل صلف لهذا الحل، الذي أجمع ويجمع عليه المجتمع الدولي. ولذلك، فإنني أحذر من أن تقويض حل الدولتين القائم على الشرعية الدولية، سيفتح الأبواب واسعة أمام بدائل أخرى سيفرضها علينا جميعا الواقع القائم على الأرض، في ظل عدم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولتنا، وفي ظل عدم حل مشكلة 7 مليون لاجئ فلسطيني، اقتلعوا من أرضهم في العام 1948، وفي ظل السرقة المنظمة للأرض الفلسطينية، وجرائم الاحتلال وهدم المنازل كوسيلة قهر وعقاب جماعي، وكذلك عمليات القتل، واعتقال الآلاف، ومنهم النساء والمرضى والأطفال القصر، ومواصلة الحصار الجائر لقطاع غزة، والقيام بعمليات الضم تحت مسميات مختلفة، منها مشروع التسوية الذي اخترعوه الآن في مدينة القدس، والذي نرفضه رفضا قاطعا، هذا إضافة لجريمة محاولات طرد السكان الفلسطينيين من أرضهم، في عملية منظمة للتمييز العنصري والتطهير العرقي يقوم بها الاحتلال، في ظل غياب رادع دولي لإسرائيل.

إن شعبنا لن يسلم بواقع الاحتلال وممارساته غير الشرعية، وسيواصل نضاله للوصول إلى حقوقه في تقرير المصير، والبدائل أمام شعبنا مفتوحة، بما فيها خيار العودة لحل يستند إلى قرار التقسيم رقم 181 للعام 1947، الذي يعطي دولة فلسطين 44 % من الأرض، وهي ضعف مساحة الأرض القائمة على حدود العام 1967، ونذكر الجميع أن إسرائيل كانت قد استولت بالقوة العسكرية على نصف الأرض المخصصة للدولة الفلسطينية في العام 1948، وهو حل أيضا متوافق مع الشرعية الدولية.

وفي حال مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تكريس واقع الدولة العنصرية الواحدة، كما يجري اليوم، فإن شعبنا الفلسطيني، والعالم بأسره، لن يقبل بذلك، وستفرض المعطيات والتطورات على الأرض الحقوق السياسية الكاملة والمتساوية للجميع على أرض فلسطين التاريخية، في دولة واحدة. وفي كل الأحوال، على إسرائيل أن تختار. هذه هي الخيارات أمامها، وعليها أن تختار.

السيدات والسادة،

لقد ضمن القانون الدولي احترام الحق في الحياة الحرة والكريمة، ودعا الدول لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية وكفالة هذا الحق، باعتبار أن الحماية تشكل عنصرا حاسما في الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار والتنمية.

ومن هنا، أدعو السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، للعمل بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالحماية، وآخرها القرار الصادر عن الجمعية العامة، في جلستها الاستثنائية الطارئة، في يونيو 2018، تحت صيغة “متحدون من أجل السلم”، لوضع ما يلزم لتشكيل

آلية دولية للحماية، كما ورد في تقريره الصادر في أغسطس 2018 لتفعيل هذه الآلية على حدود الأرض الفلسطينية المحتلة في العام 1967، بما فيها القدس، لتوفير الحماية الدولية.

وبالتوازي مع تأمين آلية الحماية الدولية، ووفق ما جاء في نفس القرار أعلاه، أطالب الأمين العام بالدعوة لمؤتمر دولي للسلام، وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، وقرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية وتحت رعاية الرباعية الدولية، فقط وليس غيرها.

السيدات والسادة، وحتى لا تبقى مبادرتنا هذه دون سقف زمني، نقول إن أمام سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام واحد لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ونحن على استعداد للعمل خلال هذا العام على ترسيم الحدود وإنهاء جميع قضايا الوضع النهائي تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية، وفق قرارات الشرعية الدولية. وفي حال عدم تحقيق ذلك، فلماذا يبقى الاعتراف بإسرائيل قائما على أساس حدود العام 1967؟ لماذا يبقى هذا الاعتراف؟

من ناحية أخرى، سنتوجه إلى محكمة العدل الدولية، باعتبارها الهيئة الأعلى في القضاء الدولي، لاتخاذ قرار حول شرعية وجود الاحتلال على أرض دولة فلسطين، والمسؤوليات المترتبة على الأمم المتحدة ودول العالم إزاء ذلك.

وسوف يتوجب على الجميع التقيد بنتائج ما سيصدر عن المحكمة بهذا الصدد، فالاستعمار والأبارتهايد محظوران في القانون الدولي، وهما جرائم يجب مواجهتها، ومنظومة يجب تفكيكها.

إن قبول المجتمع الدولي ومساعدته لتطبيق هذه المبادرة المستندة للشرعية الدولية، قد ينقذ المنطقة من الذهاب إلى المصير المجهول. لدينا جميعا فرصة للعيش في أمن وسلام، في حسن جوار، كل في دولته، وإن التأخير في تطبيق هذه الخطوات سيبقي المنطقة في حالة من التوتر وعدم الاستقرار الذي لا تحمد عقباه. هل يحلم حكام إسرائيل ببقاء الاحتلال إلى الأبد؟ هل يريدون هذا الاحتلال للأبد؟

السيدات والسادة،

لماذا يجب أن يستمر الفلسطيني بالعيش، إما تحت الاحتلال الإسرائيلي العنصري، أو كلاجئ في دول الجوار؟ أليس هناك خيارات أخرى، كالحرية مثلا؟ إن الفلسطيني في كل مكان إنسان مبدع وخلاق، ويتمتع بالنشاط والحيوية، والعالم كله يشهد بذلك، ويستحق أن يعيش حرا في وطنه.

ومن هذا المنبر، أدعو أبناء وبنات شعبنا الفلسطيني في كل مكان في هذا العالم لمواصلة عملهم الشعبي السلمي الرائع والدؤوب الذي أظهر الصورة الحقيقية للشعب الفلسطيني المناضل لنيل حريته واستقلاله بمقاومة الاحتلال والتمييز العنصري.

التحية لكل أبناء شعبنا في كل مكان، ولكل الشعوب والدول التي تضامنت مع شعبنا في هبة القدس، وهبة الأسرى، وضد الاعتداءات الوحشية التي أودت بحياة المئات ودمرت وشردت الآلاف من أبناء شعبنا في الضفة والقدس وقطاع غزة.

كما وأحيي كل من شارك في التظاهرات التي خرجت في الولايات المتحدة وأوروبا وفي كل مكان في العالم، مطالبة بإنهاء الاحتلال والأبارتهايد والتطهير العرقي، وداعية للعدالة والحرية وتقرير المصير لشعبنا، وهي بداية صحوة نحو التعرف على الرواية الفلسطينية الحقيقية التي أدعو الجميع لمواصلة شرحها والدفاع عنها، وعن حق الفلسطيني في الحياة والمساواة والدولة.

إن انتقاد الممارسات العدوانية للاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، والرواية الصهيونية بشكل عام، لا يعتبر بأي حال من الأحوال عملا تحريضيا أو معاديا للسامية، إنما هو واجب على كل حر في هذا العالم.

وفي هذه الأثناء، أتوجه إلى المجتمع الدولي بالشكر والتقدير على الدعم السياسي والمادي لشعبنا لبناء مؤسساته واقتصاده الوطني، ولكن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات تبعث الأمل، وتنهي الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا، وترسي أسس العدالة والسلام في منطقتنا، وهنا أتساءل، ما الذي يمنع الدول التي تعترف بإسرائيل أن تعترف بدولة فلسطين، ما دامت تعترف بحل الدولتين؟

وأقول لقادة إسرائيل، لا تقهروا الشعب الفلسطيني وتضعوه في الزاوية وتحرموه من كرامته وحقه في أرضه ودولته، لأنكم بذلك ستدمرون كل شيء، ولصبرنا وصبر شعبنا حدود.

وأجدد التأكيد هنا بأن الشعب الفلسطيني سيدافع عن وجوده وهويته، لن يركع، ولن يستسلم، ولن يرحل، وسيبقى على أرضه يدافع عنها، ويدافع عن مصيره، وسيواصل مسيرته العظيمة حتى إنهاء الاحتلال عن أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.

ونجدد القول: هذه أرضنا، وهذه قدسنا، وهذه هويتنا الفلسطينية، سندافع عنها إلى أن يرحل المحتل عنها، لأن المستقبل لنا، والأمن والسلام لن يكون لكم وحدكم. حلو عنا.

والسلام عليكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق