اقلام حرة

( لماذا أستاذ الجغرافيا ؟ ) بقلم محمد أحمد عبد الحق


( لماذا أستاذ الجغرافيا ؟ )
بقلم محمد أحمد عبد الحق
لماذا أجابتها دائما بسبب ، وما حفزني لهذا العنوان هو ذلك الغزو الفكري لذكريات الطفولة والشباب بالمرحلتين أواخر الابتدائية والإعدادية والتي تبلورت حول عدة شخصيات مهمة ومؤثرة في تكوين شخصيتي وشخصية كل من تتلمذوا على أيديهم ولهم منا كل الحب والاحترام وعندما أصبحنا نقارنهم مع مدرسين العصر الحديث رغم التقنيات الحديثة والتطور الرقمي نجد التعب والمجهود المبذول سابقا كبير جداً ويجعلنا نحترمهم أكثر فأكثر لا بل نقدسهم ونقدس جهودهم بغرس المعلومة لا بتعليمها فقط والمرور عليها مرور الكرام ، نعم أنه مدرسي القديم الأستاذ نزار أبو عمرو المحترم الذي كان يسهر الليالي ليحضر لنا الشفافيات المعتمدة قديما لعرضها على جهاز العرض ، فمثلا لعرض الدول النفطية والزراعية بمكان ما من خريطة العالم العربي او الأوروبي كان يتوجب عليه رسم الخريطة أربع أو خمس مرات الأولى تكون للخريطة والثانية للنفط والثالثة للفوسفات والرابعة للحديد والخامسة للمحاصيل الزراعية ،،، في أحد المرات كنت أحاور الطلبة حول الحفظ والتاكيد على المعلومة وأنا أناقشهم اكتشفت الكوارث التي يتعرضون لها من خلال العملية التعليمية الالية أو ماتسمى بأسلوب( تايك أواي ) بالعامية/ مشي حالك / وهنا تستوقفني لحظات اضع نفسي مكان ذاك المعلم المثابر أولا والعاشق لمهنته ثانيا كيف كان يسهر الليالي ليرسم ويلون بأقلام (الفلوماستر ) خطاطات مخصصة لمثل هذا النوع من الرسم على ورقة شفافة ليتم عكس ظلها الملون على لوح الاسقاط ويبدأ معنا خطوة بخطوة بل ميلليمتر …ملليمتر من الخريطة ومرة نتحدث مع الصور عن النفط ومرة عن حقول الغاز ومرة عن كل مايتواجد على ارض هذا الوطن إلى أن يصل أن يجعلنا نعيش بمخيلتنا اليافعة المغامرة الاستكشافية لهذا البلد الجميل …
وأهم ركن من أركان ذاكرتي مع جولات هذا الاستاذ الفاضل عندما كنا نشتاق لفلسطين والشوق يقتلنا ونمطر عليه بشوقنا لوطننا كيف الوطن وهل زرته؟ وماشكله ؟وكيف شوارعه وحقوله وبياراته التي سمعنا عنها وقرأناها من كتابات غسان كنفاني وعنفوان محمود درويش وقصص الفداء وأطفال الحجارة؟ ليفاجئنا بأنه لم ينسى طلبنا ويحضرنا باليوم التالي للخروج الى خارج الفصل بطابور وكانت معجزة أن نأخذ درس الجغرافيا خارج الفصل كأنها منحة إلهية ليفاجئنا بطابور بالساحة المدرسية والتوجه للمكتبة التي جلب فيها تلفاز وجهاز الفيديو القديم ليقول لنا اجلسوا وشاهدوا وتظهر أول مرة بحياتي منازل وشوارع وتلال ومقدسات القدس وبدأنا نبكي فرحا بموت شوقنا وملامستنا للوطن بقلوبنا الحانية الصغيرة عبر عيوننا ونشاهد فظائع المحتل الغاشم وتتحول المغامرة والخيال إلى حقيقة ….أما أستاذ الجغرافيا حاليا إلا من رحم ربي …..أترك لكم التعليق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق