اقلام حرة

ندمن تعاطي الخيال عندما لا يرضينا الواقع” (أ.د. حنا عيسى)

(المسافة بين الواقع والخيال: قصيدة جميلة! لأن، بعض الناس يرون الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا، وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبداً ويتسألون لم لا.. إذن، ما يميز أسوأ مهندس معماري عن النحلة الأكثر خبرة، هو أنه قد بنى الخلية في ذهنه قبل بناءها في الواقع. وأتفق العرب … عبارة مقتبسة من إحدى قصص الخيال العلمي. لأنه، لا يوجد وسيلة لتدريب الخيال أفضل من دراسة القانون، فلا يوجد فنان فسر الطبيعة بنفس الحرية التي يفسر بها المحامي الحقيقة. نعم، كم تخيلت أن يجمعنا بيتاً وكنت أرسم تفاصيل حياتنا في مخيلتي لم أعلم أنها حياة في الخيال فقط. لذا، يقول نزار قباني: “يا أيها الأطفال من المحيط للخليج.. أنتم سنابل الآمال وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال ويقتل الأفيون في رؤوسنا ويقتل الخيال.. يا أيها الأطفال أنتم – بعد – طيبون وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون لا تقرؤوا عن جيلنا المهزوم يا أطفال فنحن خائبون ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون”. لهذا السبب أو ذاك، لا أحد يستطيع أن يعرف بالضبط أين الحقيقة وأين الخيال في حياتي أو في أية حياة أخرى، ولا أحد يعرف أين الذي صنعته انأ وأين الذي صنعته الظروف، وأين الذي بقلمي وأين الذي بألمي وآلام الآخرين).

يمكن تعريف الخيال على انه عبارة عن نشاط نفسي لدى الإنسان تتولد أثناءه عبر تحوير ما لديه من تجربة صور حسية وذهنية جديدة. وبفضلالخيال لا يتمكن الإنسان من تصور ما هو موجود فعليا فحسب بل وحتى ما يستحيل وجوده على أرضية الواقع ولكن في كل الحالات يعرف الإنسان مادة الخيال في العالم المحيط به.

والخيال يظهر ويتطور في مجرى ممارسة الإنسان الاجتماعية.  فالنشاط البشري يتميز بان الإنسان إذ يضع أدوات جديدة في مجرى العمل يترتب عليه أن يتصورها مسبقا وان يضع خطة أو دورا طريقة ذهنية يسير عليها في عمله. ويلعب خيال الإنسان دورا هائلا ليس في النشاط العملي فحسب بل وفي النشاط النظري وهو يتطور مع التفكير فيساعد على التعمق في معرفة الواقع ويشارك خيال العالم في وضع الفرضيات والموديلات والتجارب الذهنية. ويشكل الخيال عنصرا ضروريا وهاما في الإبداع الفني. إن الخيال المرتبط بالنشاط الفعال لدى الإنسان يتميز بتكوين الصور تكوينا واعيا وهادفا وبتحويرها وفقا لأهداف ومهمات معينة وعن هذا الخيال الواعي ينبغي تمييز الخيال التلقائي كالرؤى وغيرها.

إن هذا اللون من الخيال يتسم بتشابك الصور تشابكا غريبا غير مقصود وغير متوقع، بل وهذا يأتي أحيانا. أما الخيال الواعي فيتسم بدوره إلى استحضار يعيد الصور إلى الأذهان والأخلاق ويبدع صورا جديدة كما هو الحال لدى العلماء والفنانين ومهندسي التصميم… الخ. والحلم لون خاص من الخيال الخلاق يرتبط بالنشاط المستقبلي لدى الإنسان ويشكل حافزا قويا له ويدل على هدف وآفاق هذا النشاط ولكن ينبغي التمييز بين الحلم الهادف وبين التخيلات الوهمية العميقة والتي تصرف المرء عن الواقع وتشل فعاليته.ان ارتباط الحلم باحتياجات المجتمع بالممارسة الاجتماعية التاريخية هو الذي يحدد قيمة الحلم ودرجة فعاليته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق