ثقافه وفكر حر

وصية المرحوم / الدكتور محمد الدويهيس

يحكى أنه في إحدى المدن الغنية كان يعيش إخوان قد أنعم الله عليهما بالمال والأبناء الشجعان والبنات الجميلات وقد أشتهرت عائلتهما في المدينة بالسمعة الطيبة وبالكرم ومساعدة المحتاجين ،وعندما كبر الأولاد والبنات أحب محمد إبنة عمه “غنيمة” ونمى هذا الحب مع الأيام والسنين وانتشر خبر هذا الحب العذري بالمدينة لدرجة أن أطلق على محمد مسمى” محمد غنيمة” مثلما كان يطلق على ” كثير عزة”!!
في أحد الأيام كان والد محمد وأخوه وأبناؤهما جالسون بالديوان وحدث خلاف بينهما حول ملكية الديوان الواقع على الأرض المشتركة بينهما والتي وهبها لهما أبوهما قبل وفاته رغبة منه في تماسك أبنائه وترابطهم .حيث كانت نقطة الخلاف تتمحور حول رغبة أبي محمد بأن تؤول ملكية الديوان له بصفته الأخ الأكبر !! سكت الجميع عن إبداء ارائهم ما عدا محمد الذي أصر على أن لا تنتقل ملكية الديوان لوالده وأن يبقى الحال كما هو عليه.!لم يعجب ذلك والد محمد وخرج من الديوان غاضباً تاركاً الجميع في حيرة من أمرهم!!بعد عدة أيام لم يتم التطرق إلى موضوع ملكية الديوان وعادت الأمور إلى طبيعتها .
وبعد وفاة والد محمد وجد أخوته بأن والدهم قد كتب في وصيته حرمان محمد من الميراث وعدم موافقته على زواج محمد من إبنة عمه “غنيمة” !!
أصر محمد على الزواج من ابنة عمة “غنيمة ” لقناعته بعدم مشروعية الوصية وطلب من أخوته استشارة أصحاب الرأي في مدى صحة الوصية وشريعتها وخاصة في حرمانه من نصيبه من الميراث !!
الغريب أن أغلب أخوة محمد يميلون إلى موافقة محمد في عدم شرعية وصية والدهم ولكنهم لا يريدون اللجوء لأصحاب الرأي في تنفيذ وصية والدهم براً وحباً لوالدهم وخوفاً على سمعتهم في المدينة من عدم الالتزام بتنفيذ وصية والدهم !!
الأبناء يصرون على تنفيذ وصية والدهم بحرمان محمد من الورث وفي نفس الوقت لا يرغبون وباللجوء لأصحاب الرأي والأيام والسنون تمضي ومحمد في حيرة من أمره!!لا يريد أن يخسر علاقته مع إخوته بسبب المال بالرغم من حاجته الماسة وقناعته بعدم قانونية وشرعية وصية والده!!
وبالرغم من ما تركه والد محمد من أموال طائلة وحاجة الورثة للمال إلا أنها أموال معطلة ومجمدة لم يتم الاستفادة منها بسبب وصية كتبها والدهم وهو في لحظة غضب!!
فيا ترى أيهما سينتصر في النهاية العادات والتقاليد الاجتماعية أم تحكيم العقل والشرع والقانون؟!
ودمتم سالمين
د.محمد الدويهيس
www.alduwaihees.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق